27 يونيو 2025 / 12:41

محنة مرشح مسلم في بلاد الحريات

سعيد الزياني ـ دين بريس
يواجه زهران ممداني، النائب في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك والمرشح الديمقراطي لمنصب عمدة المدينة، موجة متصاعدة من الهجمات الإسلاموفوبية والتهديدات بالقتل، وذلك عقب فوزه المفاجئ في الانتخابات التمهيدية، والتي تجعله مرشحا بارزا ليصبح أول مسلم يتولى رئاسة بلدية كبرى المدن الأمريكية.

أثار تقدم ممداني، البالغ من العمر 33 عاما والمنحدر من أصول مهاجرة، حملة منظمة من الاتهامات والخطابات المعادية، انطلقت من دوائر اليمين المتطرف وبعض الشخصيات الجمهورية المؤثرة.

ووُصف على منصات التواصل الاجتماعي وفي تصريحات علنية بأنه “متعاطف مع حماس”، و”إرهابي جهادي”، بل وصدرت دعوات لترحيله، على الرغم من كونه مواطنا أمريكيا.

ولم تخلُ الهجمات من توظيف الرموز الدينية والعرقية، حيث نشرت النائبة مارجوري تايلور غرين صورة معدّلة للتمثال الشهير “سيدة الحرية” وهي ترتدي البرقع، بينما أعاد دونالد ترامب الابن نشر تعليقات تقارن انتخاب مامداني بهجمات 11 سبتمبر.

وتأتي هذه الهجمات في سياق سياسي أميركي متوتر، تشهد فيه البلاد تزايدا في العنف السياسي، وتراجعا في الخطاب المدني، وسط انقسامات حادة حول قضايا الهوية والهجرة والدين.

وأكد مركز العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) أن نمط الهجوم على ممداني يندرج ضمن حملة أوسع لطالما استهدفت المرشحين المسلمين، باستخدام أدوات التشكيك في الولاء، والربط الممنهج بين الإسلام والإرهاب.

وكشف ممداني عن تلقيه تهديدات مباشرة بالقتل، من بينها رسائل صوتية تهدد بتفجير سيارته، ما دفع حملته إلى تعزيز الإجراءات الأمنية خلال الأسابيع الأخيرة من السباق الانتخابي.

وقد فتحت وحدة جرائم الكراهية التابعة لشرطة نيويورك تحقيقا في هذه التهديدات، التي وصفها مراقبون بأنها تنذر بتصاعد غير مسبوق في الخطاب العنصري المصاحب للانتخابات.

وبالرغم من هذه الضغوط، واصل مامداني التركيز على أولويات برنامجه السياسي، مؤكدا أن هدفه هو بناء مدينة أكثر عدالة وشمولا لجميع سكانها، بغض النظر عن خلفياتهم.

وفي تصريحات مؤثرة أدلى بها على قناة MSNBC، تحدث عن الخوف الذي يشعر به العديد من المسلمين من المشاركة في الحياة العامة خشية التعرض للتشهير أو التهديد، مضيفا أن هذا المناخ لا يمكن أن يكون القاعدة في بلد ديمقراطي.

تسلّط هذه التطورات الضوء على هشاشة الخطاب الديمقراطي في الولايات المتحدة أمام حملات التحريض الديني والعرقي، كما تثير تساؤلات جدية حول مدى قدرة المؤسسات السياسية والأمنية على حماية المرشحين من خلفيات غير تقليدية في زمن تتقاطع فيه الانقسامات الثقافية مع طموحات السلطة.

وبالرغم من كل الضغوط، يشكل ترشح ممداني اختبارا رمزيا لشكل التعددية السياسية في المجتمع الأمريكي، وحدود الانفتاح على قيادات جديدة تعكس تنوعه المتزايد.