أظهر تقرير دولي صادر عن مركز “بيو” للأبحاث أن الإيمان بالحياة بعد الموت يظل منتشرا على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم، رغم تباين الخلفيات الدينية والثقافية، وحتى في البلدان التي تشهد تراجعا في التدين المؤسسي.
وشمل الاستطلاع أكثر من 50 ألف شخص في 36 دولة، بين يناير وماي 2024 خارج الولايات المتحدة، وجرى في موجتين داخل الولايات المتحدة خلال صيف 2023 وفبراير 2024، إضافة إلى معطيات من دراسة المشهد الديني الأمريكي بين يوليو 2023 ومارس 2024.
وكشف التقرير أن غالبية المشاركين في أغلب الدول المستجوبة صرحوا بأنهم يؤمنون بشكل مؤكد أو محتمل بوجود حياة بعد الموت، ففي إندونيسيا، وهي دولة ذات أغلبية مسلمة، بلغت النسبة 85%، بينما صرّح 80% من البالغين في كينيا، ذات الأغلبية المسيحية، بالإيمان بوجود حياة ما بعد الموت، أما في أمريكا اللاتينية، فتراوحت النسبة في الدول الست التي شملها الاستطلاع حول ثلثي السكان.
وفي الولايات المتحدة، قال 70% من المشاركين إنهم يؤمنون بالتأكيد أو على الأرجح بالحياة بعد الموت، وهي نسبة قريبة من نسبة من يؤمنون بالجنة (67%)، لكنها أعلى من نسبة الإيمان بالجحيم (55%)، حسب ما ورد في دراسة المشهد الديني الأمريكي (2023–2024).
أما في كندا، فقد أظهرت النتائج أن الفئة الأكبر سنا كانت أكثر ميلا للإيمان بالحياة بعد الموت مقارنة بالفئة الأصغر، أما في بلدان أخرى، فقد سُجّلت نتائج معاكسة، حيث تفوّق الشباب على كبار السن من حيث الإيمان بوجود الآخرة، ففي عدد من الدول، كان البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما أكثر ميلا للإيمان بالحياة بعد الموت مقارنة بمن هم في سن الخمسين أو أكثر.
وفي السويد، ورغم أن 7% فقط من السكان يصفون الدين بأنه “مهم جدا” في حياتهم، فقد عبّر 38% عن إيمانهم المؤكد أو المحتمل بوجود حياة بعد الموت، وهو ما يعكس التباين بين تراجع الانتماء الديني واحتفاظ المعتقدات الروحية بحضورها.
أما في الهند، فقد صرّح 43% من البالغين بإيمانهم بالحياة بعد الموت، وهي نسبة أقل من تلك المسجلة في دول أخرى، رغم أن 82% من الهنود يعتبرون الدين مهما جدا في حياتهم، ويؤمن 48% من الهنود أيضا بمفهوم التناسخ، وهو معتقد شائع في الهندوسية والبوذية.
وفي اليابان، ورغم أن أكثر من نصف السكان لا يُعرفون أنفسهم كمنتمين لأي دين، قال 56% إنهم يعتقدون بوجود طاقات روحية في الطبيعة، بينما بلغت نسبة الإيمان بالحياة بعد الموت 39% فقط.
وفي ألمانيا، كشف التقرير أن 62% من المسيحيين يعتقدون بالحياة بعد الموت، مقابل 30% فقط من غير المنتمين لأي دين، أما في الهند، فإن أقل من نصف المسلمين (42%) أعربوا عن إيمانهم بالحياة بعد الموت، وهي النسبة الأدنى بين المسلمين في الدول التي شملها الاستطلاع.
وفي إسرائيل والولايات المتحدة، حيث يتوفر عدد كاف من المشاركين من الديانة اليهودية، أظهر التقرير أن اليهود أقل ميلا من المسلمين في البلدين للإيمان بالآخرة، وفي إسرائيل، على سبيل المثال، كان الأشخاص الذين يُصلّون يوميا أكثر احتمالا للإيمان بالحياة بعد الموت بنسبة 92%، مقارنة بـ45% فقط من الذين نادرا ما يُصلّون.
وعلى الرغم من التفاوت في مستوى التدين، يخلص التقرير إلى أن الإيمان بالحياة بعد الموت يظل من أبرز المعتقدات الروحية التي تتقاطع عبر الثقافات والانتماءات، وتتجاوز الحدود بين الدين التقليدي والتصورات الفردية للروحانيات.