لا للتنمر على الملك..

دينبريس
افتتاحية
دينبريس13 فبراير 2025آخر تحديث : الخميس 13 فبراير 2025 - 9:39 صباحًا
لا للتنمر على الملك..

دين بريس
يبدو أن البعض يفضل اختزال المشهد إلى زاوية ضيقة، متغافلا عن التعقيدات الإقليمية والتشابكات الدبلوماسية التي تتحكم في مصائر الشعوب والدول، ولعل ما شهده العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مؤخرا من هجمات غير مبررة وتنمر ممنهج يعكس بوضوح أزمة الخطاب السياسي في بعض الأوساط التي تعجز عن رؤية الصورة الكبرى، فتختار أسهل الطرق: جلد القيادات العربية.

إن ما يثير الاستغراب ليس النقد السياسي في حد ذاته، فهذا حق مكفول ومشروع، وإنما الاستسهال في التشويه، والانجرار إلى أساليب لا تليق بالممارسة السياسية الرصينة، فحين يصبح المرض الجسدي، وهو قضاء لا اختيار، مادة للسخرية والهمز واللمز، ندرك أننا أمام حملة لا تهدف إلى التحليل أو النقد، بل إلى الإساءة الممنهجة والتجريح الشخصي.

ولم يكن الملك عبد الله يوما بعيدا عن ساحة الفعل السياسي، ولم تكن مواقفه وليدة اللحظة، بل جاءت امتدادا لخطوط واضحة اتبعها الأردن منذ عقود، جعلته اليوم في موقع المدافع عن استقرار المنطقة، وعن الحق الفلسطيني تحديدا.

وبالرغم من الضغوط التي تمارس من أكثر من جهة، فإن العاهل الأردني لم يتورط في أي موقف يفتح الباب أمام مخططات إعادة التوطين القسري، بل أعاد الكرة إلى الملعب العربي، متكئا على المبادرة المصرية والتحركات الدبلوماسية الإقليمية التي تحفظ للأردن موقعه دون الانجرار وراء مساومات سياسية غير محسوبة العواقب.

ولكن، بدلا من قراءة هذه المواقف من زاوية إستراتيجية، وجدنا أنفسنا أمام موجة من التنمر الرخيص، محورها مقاطع مصورة وتعليقات لا تليق إلا بمن يظنون أن العمل السياسي مشهد مسرحي يمكن تقييمه بلحظة عابرة أو تعبير جسدي خارج عن الإرادة.

فهل أصبح النقاش حول قضايا مصيرية، مثل تهجير الفلسطينيين، مشروطا بالتوافق مع صور نمطية حول قوة القادة وشكلهم الخارجي؟ وهل يحتاج الموقف السياسي الصلب إلى إثبات عبر حركات الجسد وتعابير الوجه؟

إن السياسة بطبيعتها لعبة معقدة، لا يمتلك فيها أحد رفاهية اتخاذ قرارات بمنأى عن الضغوط، ولكن الفرق يكمن بين من يواجه هذه الضغوط بصمت وعقلانية، ومن يهرول لإرضاء القوى الكبرى دون حسابات دقيقة.

وبينما تمارس “البلطجة السياسية” على بعض العواصم لفرض حلول قسرية، يقف الأردن – رغم محدودية موارده – مدافعا عن حق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، رافضا مشاريع إعادة التوطين التي تسعى إلى إعادة تشكيل الخارطة الديموغرافية وفق أهواء قوى لا تهتم سوى بمصالحها.

وفي ظل تطورات المشهد السياسي، تتضح المواقف المختلفة للفاعلين في المنطقة، مما يعزز الحاجة إلى التعامل بواقعية مع التحديات الراهنة، ولعل الوقت قد حان للتمييز بين النقد السياسي الموضوعي والتجريح الشخصي، بما يسهم في حوار بناء يخدم المصالح المشتركة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.