الدكتور إدريس قريش ـ وزير مفوض في التقاعد، استاذ زائر في جامعات وطنية وأجنبية
من المقرر أن تعقد خلوة فكرية هامة في الشهور المقبلة ، تهدف إلى مناقشة التحديات الاستراتيجية التي تواجه المملكة المغربية، وتعزيز المكتسبات السيادية التي تحققت في السنوات الأخيرة، ستكون هذه الخلوة فرصة قيمة للتفكير الجماعي حول سبل تعزيز الوحدة الوطنية، وتحقيق توافق بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، بما يساهم في صياغة رؤية استراتيجية شاملة للتعامل مع القضايا الداخلية والخارجية التي تواجه المملكة. كما ستعنى الخلوة بتوحيد الخطاب الوطني وتأكيد التلاحم حول المقدسات الروحية والوطنية
الغاية المتوخاة من هذه الخلوة هي تعرية عورة النوايا الخبيثة لخصوم الوحدة الترابية للمملكة وتعميق الوعي الجمعي بأهمية الوحدة والالتحام حول المقدسات الروحية والوطنية من اجل الارتقاء الى النهج المتظافر والمكمل بعضه لبعض وصياغة توصيات استباقية لمواجهة هذه التحديات بالانتقال الى السرعة القصوى طبقا للتوجهات السامية لصاحب الجلالة.
•الوحدة الترابية للمملكة من المسيرة الخضراء الى استراتيجية الحسم النهائي لهذا النزاع المفتعل من خلال ثوابت المقاربة الوطنية عبر ثلاث مراحل :
الحرب الباردة التي استمد منها النزاع تغذيته وتوجهاته الأيديولوجية وهي مرحلة صعبة تميزت بمجهوداتنا الدفاعية عن الشرعية الدولية انطلاقا من مشروعيتنا الدينية و الروحية والتاريخية والثقافية والعرفية والقانونية وروابط البيعة حيث واجهنا 87 دولة من اصل 159 أعضاء الأمم المتحدة . علما أن التصويت كان يتم طبقا لمقتضيات إيديولوجية محضة أو طبقا للمقاربة الجزائرية الدنيئة الصوت مقابل المال.
خرجنا من هذه المرحلة بقوة وحدة الشعب والتحامه حوا ثوابت الامة بعدم تم أمميا اقبار بشكل نهائي كل أطروحة انفصالية انتصارا للواقعية و التوافق والرغبة في التسوية العملية في إطار الحكم الذاتي الذي أصبح يسمو طبقا للشرعية الأممية لننتقل بفضل قوة الالتحام إلى التموقع القوي في العلاقات الدولية ونجد انفسنا أمام مكتسبات إستراتيجية بالغة الاهمية ذات ابعاد سيادية يجب العمل على تحصينها والمضي قدما باتجاه استثمار دينامية الدعم والتأييد ألتي تشهدها قضية الوحدة بمواصلة جهود التنمية كما وصفها صاحب الجلالة بالانتقال من مرحلة التدبير الى مرحلة التغيير اعتبارا لعشق انتماء الساكنة لوطنهم وولاءهم واخلاصهم لمقدساته والنهضة الشاملة التي تعرفها المنطقة والدعم الدولي المتزايد لمغربيتها الذي تجسد باعتراف 112 دولة من بينها دول مؤثرة ومحركة بسيادة المغرب وافتتاح ثلاثين قنصلية عامة بكل من العيون والداخلة .
الجزائر عرفت وتمكنت من افتعال النزاع لتورط نفسها والمنطقة في مشروع دنيء بلغ غباءها الى افقار شعبها باستثمارها حوالي 700 مليار دولار طيلة الخمسين سنة من النزاع سعيا وراء إيجاد منفذ على المحيط وخلق عدو مفتعل كتغطية عن أزماتها الداخلية وفشل سياستها ورغبتها في بناء قوة على حساب الجار والعمل على تفكيكه وإضعاف لعزله عن عمقه الافريقي . وهذا السلوك يجسد ثقافة المنهزم .
قرار مجلس الامن الدولي 2756 اكتوبر 2024 يحصن المكتسبات ذات الابعاد السيادية للمملكة ويحافظ بكل وضوح على إنجازاتها مقدما عناصر ومرتكزات جديدة ومحورية تمهيدا للحسم النهائي للنزاع مما يعمق من عزلة امميا ودوليا.
ويعد هذا الفشل فشلا صريحا لسياسة العرقلة المنتهجة من طرف الجزائر وخصوصا أمام هذا الزخم من الدعم والتأييد الدولي المتزايد الذي تعرفه القضية الوطنية وكان آخره الإعتراف الفرنسي مما جعل الجزائر التي تمكنت من افتعال النزاع دون أن تتمكن من ايجاد مخرج أمام خيارين الانتحار او الذهاب إلى حد البحث عن جر المملكة الى حرب اقليمية. وهو تعبير عن العزلة الدولية التي اصبحت تعاني منها الجزائر وعن حجم الانزعاج والفشل الدريع الإفلاس السياسي والاقتصادي الذي أصابها في ظل هذه المكتسبات.
تشكل هذه الورقة اعلانا عن استدعاء حيوي لشحنات الارادة الوطنية زلمخزونها النضالي لمواجهة هذه التحديات كمخزون وطني راسخ للوعي الجمعي للشعب المغربي وخصوصا في هذه الظرفبة الدقيقة كمسألة بديهية لتوظيف ودعم وانتصار لدعاءم الوحدة التي تظل في جوهر وصدارة انشغال كل مكونات الامة المغرببة تحصينا لكل هذه المكتسبات التي تعبد الطريق نحو الحسم النهائي للنزاع المفتعل وطيه تفاديا لأي تصعيد أو إختراق لأمن واستقرار المنطقة.
وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته كاملة بكل واقعية وقناعة قانونية بمشروعية عدالة قضيتنا استنادا لكل المقومات الشرعية و للاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب كحافز قوي وكافي لطي هذا النزاع المفتعل.
وفي إطار هذا المسلسل تعبر المملكة عن قلقها البالغ اتجاه أبناءها المحتجزين بمخيمات العار في قبضة الميلشيات العسكرية التي تفرض عليهم عيش الذل و التجويع والوضعية المزرية حولتهم الجزائر الى رهائن لديها تقايض بهم المنتظم الدولي. وهذه إشكالية لا يمكن حلها إلا بتفعيل الميثاق الأممي 1951 الخاص باللاجئين والذي ينص بالأساس على الإحصاء ومنح بطاقة لاجئ ألتي تجرده من حمل السلاح وتسقط عنه صفة دولة ثم حرية التنقل وحرية اختيار دولة الإنتماء والإقامة وهو ما تتضمنه كل القرارات الأخيرة لمجلس الأمن الدولي وتتجاهله الجزائر.
كما يجب تكثيف الجهود داخل اللجنة الرابعة المكلفة بقضايا تصفية الاستعمار لسحب هذا الملف من جدول اعمالها . علما ان المغرب هو الذي تقدم سنة 1963 بهذا الطلب لتصفية الإستعمار الاسباني باقاليمنا الجنوبية . إن اللجنة تحتفظ بقضيتنا بجدول اعمالها في انتهاك وخرق واضح لميثاق الأمم المتحدة استنادا للفقرة 1 من المادة 12 التي تؤكد بشكل قوي أنه عندما يباشر مجلس الامن بحل آي نزاع فليس من حق الجمعية العامة أن تقدم أية توصية في شأنه إلا إذا طلب منها ذلك مجلس الامن.
الواقع أن هذه القضية كان من المفروض سحبها منذ 1988 عندما تكفل مجلس الامن بالملف ليس على أساس انها قضية تصفية الإستعمار وإنما كنزاع اقليمي بموجب الفصل السادس المتعلق بالتسوية السلمية . ولذلك فإن أيا من القرارات 74 لمجلس الأمن لم يصف القضية بتصفية الإستعمار أو باراضي محتلة بل بنزاع اقليمي .
إن قوة المغرب كدولة أمة تتفرد بخصوصيتها ، واستمراريتها لمدة 13 قرنا كبلد حر وموحد وحداثي ديمقراطي انسجاما مع قيمه ومبادئه ومرجعيته القائمة على الوحدة والاصالة والهوية المغربية والإنسية المغربية بكل مكوناتها وتعدد روافدها كثوابت جامعة للامة تتجسد في وحدة شعبه والتحامه حول إمارة المؤمنين .
وانطلاقا من هذه الفرضية فإن المغرب يعانق كل رعاياه لاحتضان مؤهلاتهم في هذا المسار تماشيا مع قرار صاحب الجلالة إحداث تحول جديد في مجال شؤون الجالية المغربية في الخارج وإصلاح الهيئات المكلفة بشأنها وذلك بإحداث المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج لتشكل الذراع التنفيدي للسياسات العمومية انتصارا للروابط الروحية والوطنية التي تجمعهم ببلدهم .
Source : https://dinpresse.net/?p=21340