أحمد جاويد، کابل/أفغانستان
وقعت صباح اليوم الأربعاء (الساعة 5 : 10 ) الحملة الثالثة للزلزال الذي ضرب سابقا مديريات مختلفة من ولاية هرات غرب أفغانستان و الحدودية لجمهورية ايران .
وقد شعر بهذا الزلزال أهالي الولايات المجاورة مثل ولايتي “بادغيس” و “فراه”، حيث بلغت درجته 6,3 على مقياس ريشتر وعلى عمق 10,6 کيلومترا طبقا لتقرير لعلماء الجيولوجيا ومرکز رصد الزلازل الأمريکي. ولم يعلن حتى الآن عن أية خسائر في الأرواح أو المال .
هذا وقد أعلن المتحدث باسم مکتب المساعدات التابع للأمم المتحدة في کابل “أوشتا ” ومتحدثين آخرين باسم فرق أخرى للإنقاذ أنه بعد موجات الزلازل التي ضربت مناطق غرب أفغانستان ما يزال 485 شخصا في عداد المفقودين . من بينهم 191 من الذکور و294 من النساء.
وطبقا لتقرير جديد لهذه المنظمات، فان حصيلة قتلى الزلزال هي 2700 شخص معظمهم من النساء والأطفال. کما أن عدد الجرحى و المصابين بلغ 1688 .
وما تزال فرق الانقاذ تستأنف عملياتها في البحث عن الضحايا تحت التراب في القرى المطمورة.
وأفاد التقرير أيضا أن زلزال مساء يوم السبت ويتبعه زلزال يوم الأحد کانا أکثر اضرارا اذ تسبب في تدمير 1700 بيتا و تشريد 12110 شخصا في مديريات مختلفة من ولاية هرات منها : “کلران” ، “انجيل” ، “خوسان” ، “کشک” و مديرية “زنده جان” التي کانت أکثر تضررا اذ دمر فيها وحدها 1395 بيتا ، باعتبارها المرکز الذي استهدفه الزلزال . وسجل التقرير تخريب ست مدارس أيضا .
وقد وصف بعض المسٶولين الحکوميين زلزال يوم السبت والأحد الذي ضرب مديرية “زنده جان” التي تبعد عن عاصمة ولاية هرات بنحو أربعين کيلومترا بالأفظع و الأقوى منذ القرن الماضي لما أسفر عنه من خسائر في الأرواح و تدمير مرعب في مناطق متعددة .
يقول ” نور محمد اسلام جار ” والي هرات : أن سکان ثلاث مديريات في الولاية شعروا بهزات أرضية قوية دمرت عشر قرى في مديرية زنده جان وحدها مرکز الزلزال .
و نظرا للأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد اضافة الى أزمة الجفاف التي تعانيها هذه الولاية و غيرها من الولايات، فقد ناشد والي هرات الشعب الأفغاني والمنظمات الدولية والانسانية لتقديم الدعم المادي والتآزر الانساني مع متضرري الزلزال الذين خسروا کل شيء وهدمت قراهم لتجاوز المحنة .
و ذکرت وزارة مکافحة الکوارث الطبيعية أن أهالي الولايات المجاورة أيضا أحسوا الزلزال . وتضرر عدد من المساکن وأصبحت غير قابلة للاستعمال. و أن الوزارة تواجه صعوبات في توفير الخيام و الأدوية و ملابس الشتاء للمتضررين .
وأوزع المراقبون و الخبراء الجيولوجيون المحليون أسباب الدمار الضخم الذي لحق هذه المناطق الى نموذج البناء الطيني التقليدي في القرى اذ دمرت المنازل على ساکنيها في أول لحظات الزلزال الذي استمرت هزاته لفترة خيالية تجاوزت 5 ساعات بين درجات مختلفة. کذلک عدم القدرة على نقل الضحايا الى المستشفيات و عدم تجاوب المٶسسات الخارجية عند اللحظات الأولى لحدوث الکارثة .
ومن المعروف أن أفغانستان ، کجاراتها ، معرضة للزلازل لإحاطة الصفائح الأرضية و التصدعات الزلزالية بها من الجهات الثلاث الشرق و الجنوب شرق حيث سلسلة جبال الهندکوش وصولا الى الهمالايا و الغرب و جنوب غرب حيث خط هرات – تشمن ـ باکستان .
وحسب احصائية وزارة مکافحة الکوارث فان هذا الزلزال صنف کأقوى زلزال من بين الزلازل التي ضربت أفغانستان منذ شهر يناير الماضي و التي وصل عددها الى 246 زلزالا . ومن بين تلک الزلازل زلازل ولايتي “بکتيا” و “بدخشان ” و الولايات الجنوب شرقية التي ألحقت خسائر بشرية و مالية .
زلزال هرات المدمر کان على شکل ثلاث هزات متفرقة خلال 5 أيام ، الهزة الأولى دامت لساعات عديدة . فلا شک أن حدثا کهذا سيکون له آثاره الجانبية السلبية على نفسية الکثير حکومات و شعوبا في قلب آسيا . فالرعب و التوجس و الکوارث الطبيعية المختلفة والطبيعة تتجول بغضبها.
کل ذلک هو حديث الساعة و الجميع ينتظر و يتساءل هل من مزيد مما تضمره طبيعتنا ، التي لا ترحم ، بحقنا. و لا أحد يستطيع أن يقدر غضبها على الحقيقة أو يدرک لماذا تتصرف بهذا النوع من الدقة و کيفية اختيار الظرف و الزمان مع تصويب أهدافها التي لا تخطئها .
وبالجملة الهزات الأرضية الخفيفة تشکل جزءا من الحياة في أفغانستان .الا أن الزلازل القوية بجانب الأمطار ثم الفياضانات ستشکل تحديات حقيقية لحکومة طالبان التي تواجه أزمات عدة مختلفة خاصة الأمنية منها و الاقتصادية التي تعتبر عصب أية دولة حديثة .
و سوف يکون الأمر حقيقة أصعب بکثير لدولة کأفغانستان ، عاشت حروب متتالية منهکة ضد أعتى إمبراطوريات العالم المعاصر و اعتمد اقتصادها الاجمالي على الدعم الخارجي بشکل خيالي و استثنائي، اذا زاد حجم الکوارث ، اذا لم تلق مساندة من المجتمع الدولي و المٶسسات الانسانية أو على الأقل تضامن الشعب الأفغاني مع حکومته بتوفير الملاجئ والبدائل و الخدمات الانسانية الکافية لمواجهة کوارث کهذه . أو أن يکون الأمر کما يقول المثل : ” رب ضارة نافعة ” ، حدوث معجزة کمعجزة المملکة المغربية الشريفة و التي حيرت علماء العالم و العالم بأکمله.
فما سماه البعض غضب الطبيعة تحقق أنه منحة ربانية أهدت للطبيعة حياة جديدة بتفجير أنابيب مياه الحياة من الأعماق الغابرة الى أعلى قمم الجبال ليستفيد منها العباد و تتحرک عجلات حياتهم کما صنع الرب جل في علاه بالعصا لما ضرب بها موسى النبي ، على نبينا وعليه الصلاة و السلام ، حجر الصحراء . فأنست حکمة الرب الناس حزنهم و آلامهم وغضب الطبيعة . فاللهم ارحم کل قتلى المسلمين في الزلازل و تقبلهم شهداء عندک و عجل لمصابيهم بالشفاء و أبدل ذويهم في مصابهم رحمة و خيرا نافعا و برکة .
المصدر : https://dinpresse.net/?p=20616