تصريح وزير التعليم العالي في حکومة طالبان حول الحظر المفروض على النساء في مجال التعليم

دينبريس
2023-03-11T08:29:49+01:00
تقارير
دينبريس11 مارس 2023آخر تحديث : السبت 11 مارس 2023 - 8:29 صباحًا
تصريح وزير التعليم العالي في حکومة طالبان حول الحظر المفروض على النساء في مجال التعليم

أحمد جاويد ـ کابل / أفغانستان
في خطابه في الاجتماع المنعقد بمناسبة تخرج عدد من الطلبة في مجال القضاء والإفتاء، أشار وزير التعليم العالي ´ندا محمد نديم ` إلى موضوع تعليم المرأة و عملها، فأوضح في البدء أن الإمارة الإسلامية لم يصدر عنها قط أن أعلنت الحظر بشکل مطلق، و إنما قيدت ذلک بأمر ثان.

وأضاف أن تباحث الناس المتعمد بخصوص هذا الشأن والسعي لتخريب الأذهان من غير إمعان النظر في الواقع والظروف الراهنة في أفغانستان، يعتبر عدم إنصاف مرفوض.

ولم يذکر الوزير شيئا عن توقيت فتح أبواب الجامعات والمدارس مجددا في وجه الفتيات إلا أنه أکد أن الإمارة ترفض، في هذا الباب، جميع الطروحات التي لا يجيزها دين وتقاليد الأفغان. کما وجه “ندا محمد” کلمة مخاطبا الأمهات والأخوات والبنات الأفغانيات أکد فيها أن الإمارة لا تحمل فکرا يعادي النساء کجنس بل لا تکن لهن إلا الإحترام وتسعى جاهدة لصيانة عزتهن، وأنه إنما يريد المغرضون الغير منصفون أن يوقعوا العداوة بينهن وبين طالبان.

هذا و لا تزال مسألة تعليم الفتيات وعمل النساء تتصدر الموضوعات الساخنة على الساحة الأفغانية. کما لا تزال تعد مصدر قلق على الصعيد المحلي والخارجي . ففي شهر دجنبر الماضي منعت طالبان الفتيات من المشارکة في الاختبارات السنوية کما لم تدل بأي قرار جديد بشأن إلغاء الحظر السابق وفتح ابواب المدارس أمام الفتيات بمناسبة بداية السنة الدراسية الجديدة بعد أيام في المناطق الباردة. مما زاد في فقدان الثقة المتعمد في بعض الأوساط الشعبية وجعلها يدلون بتصريحات مناهضة لطالبان بل تصف قرارات طالبان بالخداع و غامض، ويأتي على رأس هٶلاء بعض أفراد الطائفة الشيعية، اذ المتعقب لتلک التصريحات يجد أصحابها يحملون أسماء شيعية.

أما على الصعيد الخارجي وهو الأهم عند رجال طالبان، فهم يعتقدون أنهم ملزمون بصد غزو فکري واضح المعالم والأهداف، فلا تقارب ولا سمع ولا طاعة في ، ويقولون لقد رأينا کيف أفسد الغزو الروسي فتيات کابل وأخلاقياتهم وأنشأ عصابات تخون وطنها فحاربناه ثم جاء الغرو الأمريکي ليقدم لنا نماذج جديدة أکثر ضررا علی الإسلام والمسلمين فلذلک رفضناه وحاربناه و جئنا لنصلح ما أفسدوه وإنها لمسٶولية صعبة ملقاة علی عواتقا. فهل من داعم لنا في وجه أعداءنا. هکذا تفکر طالبان.

فالمسألة ليست متعلقة بصفقة اقتصادية أو تجارية أو مناورات عسکرية استراتيجية أو حتى صراعات حدودية. إنما هي مسألة مرتبطة بقواعد الأعراف البشتونية، التي يلجأ اليها الأفغان عند حالة النزاعات. فتراهم قد لا يرجعون إلى الدين لکنهم سيرجعون بالتأکيد إلى البشتو. وهذا ما تقصده طالبان عندما تذکر إلى جانب اسم الإسلام، التقاليد أو الأعراف البوشتونية التي دانت لها بالولاء مختلف القيادات حتى من غير طالبان على مر العصور.

ورغم أن طالبان تحارب بعض الأعراف بصفتها حرکة دينية، وتسعى في إصلاح بعضها الآخر إسلاميا إلا أن مسألة التعليم للفتيات والعمل للنساء علی عمومها تعتبر من المسائل التي تتقارب فيها وجهات نظر الدين والأعراف. أيضا الشروط التي التزمتها طالبان اليوم هي نفسها التي عينتها قبل 24 عاما عندما کان الملا عمر زعيم طالبان. وقد سأل من نعرفه أحد رجال الملا محمد عمر المقربين آنذاک عن مسألة تعليم الفتيات، حيث لا غزو وکانت هناک ضغوط خارجية لأجل عضوية طالبان في الأمم المتحدة، فأجاب أن لا اعتراض لنا على ذلک بل لدينا برامج بهذا الشأن وذکر نفس الشروط السابقة إلا أنه أوضح أن الظروف الأمنية لا تساعد علی ذلک إذ کانت طالبان آنذاک في قتال ضاري ضد تحالف الشمال ولم يستقر لهم الأمر بعد. هذه المساءلة کانت في سنة 1999 وطالبان، حينها، لم تحکم سيطرتها على کامل الأراضي الأفغانية.

فالقضية ليست حديثة کما قد يظن البعض، إنما هي مستهدفة لضرب طالبان وحرقها في عقر دارها بالغضب الشعبي. هذا الذي يخطط له الغرب. إلا أن الغرب الذي اعتمد على بعض المنحرفين الطامعين في غرض زائل، أخطأ في الحسابات لما اعتقد أن طالبان هي وحدها التي ترفض مسألة التعليم إلا بالشروط المذکورة وتحت إشرافها. لأن عامة الشعب ترفض ذلک أيضا إلا أن يکون ذلک طبقا للشروط المذکورة. وهناک الکثير منهم أيضا يرفضون التعليم من أساسه فضلا عن العمل لأنه يتعارض واعتقادهم أن عزة الفتاة البالغة في مکوثها في بيت أبيها. و أنا أعرف کثيرا من الآباء في عهد النظام الجمهوري أجبروا فتياتهم علی ترک التعليم خوفا من إذاية الأضرار في الطرقات و غيرها.

وقد حدثت في العهد الجمهوري عدة انتهاکات واغتصابات واختطافات معروفة غض عنها المحتل الأبصار. وهذا يعني أن الغرب يشجع ويقر بضغوطه المتواصلة هذه مواصلة الإجرام في هذا البلد في الوقت الذي تٶکد فيه طالبان أن أهل مکة أدرى بشعابها وأنها ما زالت في حاجة إلى مزيد من الوقت لتثبيت الأمن. کما تحتاج إلی وقت لتحسين وضع الإقتصاد لتموين مثل هذه المشاريع. کما أنها تحتاج إلی وقت کاف للقيام بإصلاحات شاملة على مستوى المجتمع لتغيير منهجية الحياة وطريقة تفکير الناس لمعرفة الصحيح من الخطأ. فالقضية إجتماعية في أصلها مرتبطة بالشعب الذي يملک حق تقرير المصير من غير حاجة إلى تدخل أيد خارجية أو تنفيذ ضغوط طبقا لما تنص عليه القوانين الدولية .

ونجد کذلک طروحات داخلية لبعض المفکرين والسياسيين تطلب من حکومة طالبان عقد مجلس “لويه جرکه، مجلس الأعيان” التقليدي يشترک فيه وجهاء الأقوام ورٶساء القبائل والمفکرون للبت في مثل هذه المسائل والتوصل إلى حلول بعيدا عن إلزامات الغرب، وقطع الطريق أمام کل سعي يجر البلد إلى مزيد من الأزمات .

هذا وقد صنفت المنظمات الدولية أفغانستان على رأس الدول الأشد انتهاکا لحقوق المرأة. و لا تزال تصرح و تمارس ضغوطها على طالبان بشتى الوسائل. فالکاتب العام للأمم المتحدة أنطوني غوتريش يٶکد، في خطاب الذي ألقاه بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، على المساواة بين جنس الرجال وجنس النساء وأنه لن يستسلم في حربه لأجل حقوق المرأة في أفغانستان و في غيرها .

أما روزا أوتونبايوا الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في الشأن الأفغاني فقد اعتبرت أفغانستان، في هذه المناسبة أيضا، أکثر الدول انتهاکا لحقوق المرأة بعد مجيء طالبان إلى القدرة السياسية. کما ذکرت أنها ناشدت طالبان کثيرا بإلغاء المحدوديات الصعبة المفروضة على الحقوق الأساسية للفتيات والنساء.

کما أصدر الإتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على جهات حکومية في ثماني دول منها أفغانستان وروسيا على تضلعهم في انتهاکات لحقوق المرأة. فأعلن حرمانهم من السفر إلى دولها أو الحصول على تأشيراتها، وتجميد ممتلکاتهم وأموالهم في أوروبا وحرمانهم من أية امتيازات. وقد شملت هذه العقوبة ثلاث إدارات حکومية وتسع شخصيات من طالبان من ضمنهم وزير التعليم العالي ندا محمد نديم ووزير الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر محمد خالد حنفي .

من جهتها أعلنت رينا أميري مبعوثة أمريکا، الأفغانية الأصل على صفحتها عل تويتر بمناسبة اليوم العالمي للمرأة عن تضامنها مع النساء والفتيات في بلدها کما تعهدت بالتزامها بالدفاع عن حقوقهن. و للذکر أميري کانت من ضمن الذين وقفوا وراء تنظيم المسيرات النسوية بالدعم المادي والتحريض .

و من جهته صرح المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد أن هذه العقوبات لا تستند على أسس صحيحة، وليس من ورائها فائدة تذکر، وإنما يمکن التوصل إلى حلول عن طريق التواصل والحوار. أما فرض العقوبات فليست بالطريقة الصحيحة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.