حسن الضعيف ـ باحث في الفكر الإسلامي والتيارات الفكرية
عرف المغرب عبر تاريخه علماء ومصلحين خدموا الدين والوطن، وكان من بين ما يميز هؤلاء المصلحين تمسكهم بالثوابت الدينية وجمع كلمة العامة على قول واحد ومذهب موحد في العقيدة والفقه والسلوك، وتلقى هؤلاء العلماء الدعم من دولهم وسلاطينهم في هذا الاتجاه، لما لذلك من أهمية دينية وتاريخية وضمان لاستمرار الأمن وازدهار البلاد.
ومن بين هؤلاء العلماء في تاريخنا المعاصر الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله، الرجل الذي نشأ في أسرة متدينة دفعته أخلاقه الإسلامية إلى التوجه نحو طريق الإصلاح، فمر بمراحل من حياته عمل فيها ضمن صفوف الحركات الإسلامية، ومال في أحاين كثيرة إلى التيار “السلفي”، مع حفاظه على مذهبه المالكي كمذهب فقهي أصولا وفروعا، وحتى في شرحه للعقيدة الواسطية لابن تيمية حينها، كان يسلك مسلك التفويض الذي هو مذهب السلف، وهو مسلك الأشاعرة الأصلي أيضا، قبل أن يعود إلى أصله المغربي الأشعري كعادة المصلحين المغاربة فينتقد الحركات الإسلامية ومن ضمنها الحركة “السلفية” في كتابه الأخطاء الستة للحركات الإسلامية.
ويدافع عن خصوصية الأمة المغربية وثوابتها، ومن ضمنها العقيدة الأشعرية، عبر مشروع أطلقه باسم المجلس العلمي بمكناس بعنوان: حوار المفاهيم، وقال حينها: “لعله الأول من نوعه على الصعيد الوطني”¹. وقد عالج هذا المفهوم أيضا مجموعة من علماء المغرب عبر مبادرات وندوات وطنية وجهوية كان من أبرزها ندوة الرباط التي شارك فيها مجموعة من علماء المغرب المعاصرين، بتاريخ 02 أبريل ²2015.
ينسب كثير من أبناء الفكر “السلفي” المعاصر الرجل إليهم وإلى تيارهم وفكرهم، بسبب تصريحه بأنه سلفي العقيدة، والمتأمل في كلامه يعلم أنه لا يقصد المنهج المتسلف، بل المنهج الأشعري في مسلك التفويض، والذي كان عليه السلف. ومن يقرأ انتقاده للسلفية يدرك جليا أن الرجل ليس له أي عداوة مع الأشعرية باستثناء الملاحظة على أهل التأويل في بعض مظاهره كما قال في تسجيله المعروف عن السلفية والأشعرية، وهو تسجيل قديم.
وفي انتقاده للحركة “السلفية” والتي سماها الحنبلية دليل واضح على أشعريته وقبول اختلافهم بين المفوضين والمؤولين، فقد صرح أنه كان أولى على الحركة “السلفية” بالمغرب أن تعتمد كتب الأشاعرة³ ومن لا يخالفهم في الرأي كثيرا مثل ابن عبد البر رحمه الله، في تدريسهم ودراستهم للعقيدة، وفي ذلك دليل على انتسابه لهؤلاء العلماء. ودعوتُه إلى الإصلاح دعوة من الداخل. ووصفه لهذا التيار بالسلفية الحنبلية فيه إشارة إلى الأصل الحنبلي السليم الذي يراه في فكرهم، المتوافق أفقيا مع مذهب الأشاعرة في مثلت السلف والخلف من أهل السنة والجماعة، ويدعوهم بناء على ذلك إلى اعتماد ما كتبه علماء المذهب المالكي، وأغلبهم أشاعرة، سواء في باب التفويض أو التأويل.
وفي المقابل، لم يتحدث الأنصاري رحمه الله عن منهج ابن تيمية في العقيدة رغم استدلاله ببعض مواقفه في انتقاداته، وهو منهج “السلفية” المعاصرة في العقيدة، ولم يزكه بقدر ما زكى مذهب التفويض الذي عليه السلف، وعليه الإمام مالك رحمه الله وأحمد بعده، الذي يُتوقع من هؤلاء “السلفية” أن يكونوا من الدعاة إلى مذهبه.
والمحققون يعلمون أن بعد “سلفية” ابن تيمية عن الإمام أحمد أكبر من بعد أهل التأويل من الأشاعرة عن الأشعري والمالكية منهم عن الإمام مالك (رغم أن مذهب مالك ليس مذهبا عقديا، لكن من باب التسليم الجدلي). فكانت دعوته رحمه الله دعوة إلى رص الصفوف والتقارب بين هؤلاء وأولئك بالرجوع إلى المنهج السلفي الذي يتفق عليه الأشاعرة والحنابلة الأوائل، وهو مذهب مالك والصحابة قبله رضي الله عنهم؛ فهي، إذن، دعوة إلى منهج السلف في التفويض، مع التركيز على اعتماد كتب الأشاعرة في العقيدة ومن يوافقهم في مسلك التفويض وبعض مسائل التأويل أو جلها.
وهذا ما فهمته المؤسسة العلمية بالمغرب، فأسندت إليه رئاسة المجلس العلمي بمكناسة الزيتونة، واعتبر من علماء البلد الذين يستشارون في المسائل الفقهية والفتاوى العظيمة، كما قام بإلقاء درس حسني (بتاريخ: 02 نونبر 2004) أمام حضرة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الحامي الأول لثوابت الأمة وعلى رأسها العقيدة الأشعرية. وذلك بعد أشهر قليلة من خطاب جلالة الملك حفظة الله أمام أعضاء المجالس العلمية الذي تحدث فيها عن “استراتيجية مندمجة … لتأهيل الحقل الديني وتجديده … المتمثل في التربية الإسلامية السليمة”⁴، فكان من بين الأعلام الذين قادوا مشعل الإصلاح والتربية داخليا حينما كان يعمل ضمن الحركات الإسلامية ومنها السلفية، ثم أتم مشعل الإصلاح والتربية من خارجها بعد استقلاليته عنهم والعمل من أجل الوطن والمسلمين عامة بهذا البلد، فحصل بذلك نفع كبير للأمة المغربية، إذ تراجع كثير من الشباب عن أفكارهم السياسية والفكرية الدخيلة، وصوب آخرون من توجهم العلمي، فصاروا يفضلون علماء المغرب وتراثهم على علماء المشرق، لقد كان رحمه الله بوابة للخروج من دهليز المتسلفة إلى نور السلفية الحقيقية الأشعرية.
ومن هؤلاء الشباب من صار من المدافعين عن هذا المذهب المبارك، أقصد المذهب الأشعري، بعد دراسة علمية لعلماء المغرب والأندلس في ميدان العقيدة وعلم الكلام، ولا زال الناس ينتقلون إلى رحاب هذا النور أفواجا ويعرفون الحق ويعترفون به إلى هذه الساعة التي تقرأ فيها هذه الكلمات، وذلك كله بفضل أمثال هذا الرجل، ومن جاء بعده ممن نور الله طريقهم بتوجيهاته، وتوجيهات أمثاله من العلماء والباحثين في هذا البلد الحبيب. حفظ الله أميرنا وبلدنا وعلماءه وتراثهم، وثوابت الأمة المغربية الدينية والوطنية.
_____
1 راجع كلمته الافتتاحية للندوة حول مفهوم السلفية.
2 عنوان الندوة: السلفية: تحقيق المفهوم وبيان المضمون.
3 لم يستعمل كلمة “الأشاعرة”، لكنه أحال على كتبهم باعتبارها كتبا سلفية (أي على منهج السلف) بامتياز.
4 الخطاب الملكي السامي بتاريخ 30 أبريل 2004.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=19124
يونسمنذ 3 أشهر
كلامك بااااااطل والشيخ نحسبه على عقيدة السلف كما ذكره غير ما مرة
لا تكذب على الميتمنذ 10 أشهر
الثوابت هي القرآن و السنة
أم مالكمنذ سنة واحدة
كل هذا افتراء على الشيخ السلفي المالكي رحمه الله .. من سيصدق أن العالم العلامة الشيخ فريد الانصاري أشعري ينفي صفات الله ؟ لا يقول هذا إلاّ من لا يعرفه حقا أو من ينوي بهذا تفشي هذه العقيدة الفاسدة في المغرب و الله المستعان
رشادمنذ سنة واحدة
يا الله ما هذا الافتراء!! الشيخ فريد الأنصاري أشعري!! أما تستحون من أشعرة الحجر والشجر. كل قاريء ومستمع للأنصاري يعلم عقيدته السلفية وردوده على الأشعرية. لماذا لا تخرج هذه الادعائات على اشعرية ولد عدود أو فريد الأنصاري إلّا بعد موتهم!!؟
استمع للشيخ الانصاري وسلفيته الاصيله ورفضه للاشعرية
https://m.youtube.com/watch?v=GyUzx3-GNsA
ثم ملاحظة اخيرة انت تخلق الاوراق فالشيخ الانصاري لم ينتقد العقيدة الاثرية السلفية المالكية التي يتتمي اليها بل انتقد الذين استوردوا من الحركات السلفية في المشرق بدلاً من الاعتزاز بمدرستهم المالكية السلفية العريقة المجانبة للأشاعرة