أحمد جاويد ـ کابل، أفغانستان
قال توماس ويست المکلف الأمريکي بالشوٴون الأفغانية في تصريحاته الجديدة إن الإدارة الأمريکية ستستأنف سعيها الجاد ومساعداتها للتحسين من وضعية بنک أفغانستان، کما أوضح ضمن کلامه أن برنامج الاستفادة من أموال بنک أفغانستان المحررة والتي تم تحويلها إلی صندوق مالي خاص بأفغانستان في سويسرا، بصرفها في المشاريع الإنسانية والمساعدات الخيرية، قد فهم بطريقة غير صحيحة. وإنما الهدف من هذا البرنامج وضع انطلاقة جدية وهادفة للأنشطة الإقتصادية لتحقيق الإستقرار الإقتصادي في البلد.
أيضا أعرب عن أمله في أن تحدث مستقبلا إصلاحات جذرية موثوقة في الإدارة البنکية يجعلها موٴهلة لاستلام الأموال المحررة، کما أکد أن هذا الصندوق البنکي في بنک سويسرا هو البديل الأفضل لرعاية هذه الأموال، وأن الولايات المتحدة ستستمر في إرسال مساعداتها للشعب الأفغاني والوسيط هو بنک سويسرا بدلا من بنک أفغانستان.
يعتبر تصريح المسوٴول الأمريکي توماس ويست تصريحا مرنا وأفضل نسبيا من الموقف السابق للولايات المتحدة تجاه الأموال الأفغانية المغصوبة، وفي اعتقادي أن المسيرة الإحتجاجية التي نظمت قبل أيام قليلة في مدينة کابل والمحاولات القطرية الترکية وتصريحات وزير الخارجية لأفغانستان “أمير خان متقي” لتحقيق التقارب بين واشنطن وکابل وحل النزاع عن طريق الحوار وبرنامج تبادل الأسری بينهما، کل ذلک کان لها تأثير واضح في تغيير أسلوب تصريحات توماس ويست الجديدة.
تلک التظاهرات التي طالب فيها الشعب بحقوقه کاملة، وبرفع کل حظر فرضته الإدارة الأمريکية علی أفغانستان، ومحاکمة مجرمي الحرب المحتلين علی جرائمهم التي صدرت عنهم زمن الإحتلال والأخطر من ذلک التهديد بتوسيع نطاق التظاهرات لتعم البلد کله. فکان ذلک رسالة من الشعب أدرکت أمريکا معناها. فأمريکا غيرت الأسلوب ولم تلغ محتوی القرار السابق مع علمها أنها لن تستطيع بحال القيام بتنفيذه بواسطة الخبراء الدوليين الذين انتخبتهم، فقد أغلقت الإمارة الأبواب أمامهم وهددت کل من سولت له نفسه التعاون مع ذاک القرار والشعب يشارکها هذا الموقف لأنه يعتبر موقف الإمارة دفاعا عن حقوقه. کل ذلک جعلها تحيد لغويا عن خط المسير التي کانت تسير عليه. فھي التي طالما وجهت التهم المختلفة ضد الإمارة لخلق زعزعة وبون شاسع بين الشعب وحکومته وها هي الآن تری تضامن الشعب مع حکومته وتوحيد موقفيهما تجاه الإدارة الأمريکية.
إن التواجد الأمريکي في المنطقة مهدد بالخطر مما جعل توماس ويست يقول إن إدارة البنک في کابل لم تستکمل بعد شروط الأهلية لاستلام تلک الأمول لأنها تخضع للإرهابيين. أما الشعب الذي عود علی العيش علی المساعدات والاحتياج للغير فإن الولايات المتحدة ما زالت علی کامل الاستعداد لتقديم کل أنواع العون والمساعدات المالية عن طريق البنک السويسري لا عن طريق البنک المحلي الذي صرح المسوٴول الأمريکي نفسه أن بلده ستسعی بجد وستقدم کل مساعدة لأجل تحسين إدارته.
إن أمريکا تتمنی ضرب الإمارة بالشعب الذي تعود علی المساعدات وتستغل هذا الأسلوب الجديد النافع إلی حد ما، حتی إنتهاء الحرب في أوکرانيا. حتی الذئب الباکستاني تسبب في خسارة اقتصادية فادحة لأفغانستان أيام الفياضانات التي أصابتها. فقد ألغت الجمارک حتی يفد عليها أکثر عدد ممکن من التجار بأکثر کمية ممکنة من صادرات الخضروات والفواکه و غيرها، فأصيب التجار بالطمع في الربح الزائد عن حده .
فلما توافدوا عليها رفعت من قيمة الجمارک إلی خمسة أضعاف وتعمدت التباطؤ في الإجراءات الجمرکية مما أدی إلی تراجع التجار الباکستانيين بسبب ذلک، وتخريب المنتجات الموقوفة عدة أيام وارتفاع الأسعار في أفغانستان. ثم تأتي الأمم المتحدة بعد ذلک، ومثل عادتها، لتصنع إحصاء جديد حول ارتفاع الأسعار والفقر والبطالة وحقوق المرأة.
إن الحرب الجديدة التي أعلنتها أمريکا حرب اقتصادية بالدرجة الأولی. وهي تدرک نقطة الضعف هذه في الشعب وتعتبرها ورقة رابحة بعد فشل ضربها بجبهة المقاومة. کما أنها ما زالت تعاني من آلام الهزيمة والانتقام من مرتکبي حادث أوکلاهما ولا يليق بنا أن نظن أن أمريکا تتصرف تصرفا غير معقول بل هي مخططات استراتيجية محسوبة بدقة في ممارستها الحرب ضد ثلاث إمبراطوريات الإسلام، الروس و الصين.
ولنا أن نتساءل ما دامت الولايات المتحدة تقر و تدافع عن حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها ومصير أموالها، لماذا لا تضع حدا لهذه الأزمة؟ ما مصير العائدات المالية لمشروع جلب الکهرباء من دول الجوار، هل هي من حق بنک سويسرا أم من حق الإدارة “الإرهابيية” في البنک المحلي الذين وقعت معهم اتفاقية الدوحة؟
إذن فتصريح توماس ويست لا يحمل شفافية بل تکمن فيه الإستراتيجية الأمريکية بممارسة الضغوط علی شکل حرب باردة إلی حين الإنتهاء من الملف الروسي الأوکراني کما صرح رئيس الاتحاد الأوروبي أن توجهنا الآن إلی أوکرانيا، لاعتبارها مسألة موت أو حياة للإتحاد الأوربي. فهل نعايش اليوم أحداثا کالتي عايشها أجدادنا من قبل.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=18642