هل هذه بداية الصدام بين الشعب الأفغاني و الولايات المتحدة

دينبريس
2022-09-19T18:56:17+01:00
آراء ومواقف
دينبريس19 سبتمبر 2022آخر تحديث : الإثنين 19 سبتمبر 2022 - 6:56 مساءً
هل هذه بداية الصدام بين الشعب الأفغاني و الولايات المتحدة

أحمد جاويد، کابل ـ أفغانستان
نظم سکان العاصمة کابل مسيرة احتجاجية ندد فيها المتظاهرون بالقرار الأمريکي بحق أموال الشعب المغصوبة لأکثر من سنة والتي تقدر بتسعة مليارات دولار.

وقد رفعت لافتات تعبر عن رفضهم القاطع لهذا التصرف والعدوان الأمريکي الهادف لحرمان الشعب وقتل آلاف الأطفال وزعزعة استقرار الأمن في الوطن. کما طالبوا بالإفراج فورا عن کامل ممتلکات الشعب وإلغاء کل أنواع الحصارات المفروضة.

کما رفعت لافتات لونها لون الدم تطالب فيها الأمم المتحدة بالمحاکمة الفورية للإرهابيين أمريکا وبريطانيا و حلفاءهم علی جرائم الحرب وانتهاکاتهم لحقوق الإنسان التي اقترفتها جيوشهم في حق الشعب الأفغاني خلال العشرين عاما من الاحتلال. کما هدد المتظاهرون في حال عدم الاستجابة لمطالبهم بتوسيع جغرافية هذه المسيرة لتشمل کافة أنحاء البلد.

هذا و تعتبر هذه المسيرة الأولی من نوعها يواجه فيها الشعب أمريکا ديموقراطيا. فهل ستنجح المظاهرات في دحض هذا القرار الإمبريالي وإبطال سحره. هذا القرار الذي لم يستوف شروط صحته. فالشعب الأفغاني لا حضر محاکمة ولا استدعي لحضور الحکم و هو طرف في القضية بل حکم عليه غيابيا من غير استفتاءه.

أمريکا منحت نفسها صلاحية اتخاذ القرار علما بأنها هي المدعی عليها المستأمنة علی مال الغير، أما المدعي صاحب المال فهو الشعب المظلوم. لقد عکست القضية فجعلت من المدعی عليه مدعيا والأغرب من ذلک سلاسة القضية نفسها ”إعادة الأمانة إلی أهلها “. هذا الذنب الذي تعمدت أمريکا ارتکابه يستحيي حتی ضعفاء المسلمين من اقترافه، فضلا أن يصدر عن قضاتهم و حکامهم . لأن فاعل مثل هذا يعتبر سارقا ثم قاطع طريق إذا کان ذا شوکة. وحکمه وخيم عند المسلمين.

لهذا أصيب المسلمون بالمفاجأة والخيبة بسبب هذا القرار فهم لا يدرون علی من يعترضون أعلی تناسي إدارة بايدن لديموقراطيتها أم علی الديموقراطية الصليبية نفسها.

علی أية حال نعلم أن هذا القرار الأمريکي هو استفزاز لجميع المسلمين ولمشاعرهم وأخلاقهم، واستخفافا جليا بلا مبالاة بمنهجها أيضا الذي سحرت به أعين کثير من المسلمين وخيلت لهم السم عسلا، واستهزاء بحقوق الإنسان التي طالما تظاهرت بالمدافع عنها وحاميها زورا واتخذتها ذريعة لممارسة التشويه والإحراج وممارسة الضغوط علی البلدان الضعيعة للاستحواذ عليها و نهب خيراتها.

إن “بايدن”، وکما صنع أسلافه، قد شرح لنا عمليا وبدون أي طلب أو تکلف منا، أن التحايل والسرقة وقطع الطريق من جملة ما تبيحه الضرورة من المحظورات في النظم الرأسمالية وجعل التصرف في أمانة الغير مباحا لا يضر معه شيء. و لطالما استهزأوا بدين المسلمين ونبيهم و نسبوا إليه أقبح من ذلک ففضحهم الله علی الملأ. وإن روسيا وطبقة العمال في کل مکان ليرقصون رقصا فرحا و انتقاما، و يحق لهم ذلک، بهذه الهزة العنيفة التي ستحسب علی عالم الغرب أجمع و لا فرق، فالکل يصفق للکل، ولأن الغرب يسخر من شيخهم ”لينين“ الذي أنکر الديون التي کانت لأوروبا علی القيصرية الروسية.

هذه الزلة ستمنح العقيدة الاشتراکية والدب الروسي حيوية ونهضة جديدة وفهما وتفهيما عميقين للطاغوت الرأسمالي ولمحظوراته الإمبريالية، ولو في الأذهان والقلوب، في روسيا وأوروبا الشرقية. وهي بالذات السلاح الکيماوي الذي تخوف وحذر بايدن روسيا من استعماله في حرب اوکرانيا. وإننا لا نشک في أن الکثير في العالم الإسلامي سوف يلتمس الأعذار المختلفة لهذا التصرف من ادارة بايدن وسيغلب عليه التکلف والعوااطف الخاوية والفهم الخاطئ لمبادئ الديموقراطية المسيحية الغربية وأخلاقياتها التجارية التي لا تحترم إلا مصالحها. فقد استعملت کل الوصفات الدوائية وضيقت الخناق علی المسلمين لحد کبير جعل من أغلبيتهم لا يتخيلون الانتصار علی رجل الأبقار بسبب تناول کميات هائلة من وصفات الانهزامية.

ففي حين أن انتصار الأفغان هو انتصار لإخوانهم في کل مکان، لأنهم کالجسد الواحد، تجدهم يحرمون حتی من تهنئة إخوانهم لهم ولو علی ورقة بيضاء. إننا نجد اليوم کثيرا من رجال السياسة الأفغان مشفقين علی حرکة طالبان وموٴيدين لها. تجدهم لا يبخلون عليها بالنصح بعد أن کان الفاصل بينهم وبينها بعيد وذلک بسبب التضحية الحقيقية من أجل الوطن ومواقفها الواضحة الشامخة في وجه الغزو الإرهابي.

اليوم قام الشعب الأفغاني قومته ضد هذا الطاغوت الإمبريالي الغاصب ليسمع العالم أن الأخير سلبه ماله وعثا في الأرض فسادا وتقتيلا وتشريدا واعتقالا. وقد جاء ذلک متزامنا مع تظاهرة أخری منحرفة نظمتها شرذمة من العملاء المغرضين باعوا وطنهم بثمن بخس لروسيا من قبل ثم من بعد لأمريکا. فهلا اجترأوا علی الدفاع عن أموالهم بدل التحريش ضد وطنهم.

کما لا يخفی علی أحد المنظم الحقيقي لمثل هذه التفعيلات والتنشيطات الباردة والأهداف المتوخاة من ورائها سواء في مدينة فيينا بالنمسا أو غيرها بل حتی في داخل أفغانستان نفسها مثل التظاهرات السابقة في ولاية ”بکتيا” (البوشتونية ومسقط رأس ”جماعة حقاني“ المتهمة بتجاوز الحد في الإرهاب )، للسماح للفتيات بالتعليم الإعدادي و الثانوي، علما أن المناطق البوشتونية تصعب فيها بل تستبعد مخالفة الطالبان في مثل هذه الأمور المتعلقة بالنساء. فإن الإمارة کانت تعلم أن الأيدي الخارجية وراء ذلک، لهذا لم تلجأ إلی القوة بل تصرفت بالحکمة .

نعم، تسعی منظمة الإخلال بحقوق الإنسان، بأمر من الماسونية العالمية، لإعداد ملف خاص حول انتهاک حقوق الانسان في أفغانستان وبأي ثمن لممارسة مزيد من الضغوط لأجل تحقيق مطالبهم التضييقية لإشغال وإلهاء الصحف العالمية والمجتمع الدولي الغارق في الخوف من تنامي الفکر الشيوعي هنا و هناک.

الشعوب الغربية في نوم عميق أدامه الله عليهم في حين أن الإداريين الغربيين يترقبون الفائز في مبارات أوکرانيا. تمهيد من الدب الأحمر الروسي لوضع الذئب الباکستاني الجائع في قفص حديدي. المساجد تستعد، و بالأسلوب الأمريکي نفسه، لتهييج تظاهرات شعبية عارمة لنيل الحقوق کاملة ومحاکمة مجرمي الحرب المحتلين. الولايات المتحدة مهددة بفقدان السيطرة بل التواجد في هذه المنطقة من العالم. فماذا ستختار الأمم المتحدة لنفسها، أتخضع و ترد الأمانة لأهلها، ”و صدق الله “، وتنقذ نفسها من هذا المأزق الذي أقحمت نفسها فيه. أم توٴيد قانون ”الضرورة تبيح المحظورات” علی المفهوم الإمبريالي وتدوس بأقدامها کرامة الإنسان وتسقط مصداقيتها؟

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.