الحرب الباردة هي المسٶولة عما حدث في أفغانستان

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس15 سبتمبر 2022آخر تحديث : الخميس 15 سبتمبر 2022 - 8:14 صباحًا
الحرب الباردة هي المسٶولة عما حدث في أفغانستان

أحمد جاويد، کابل ــ أفغانستان
في خطاب الحزن والتسلي الذي وجهه الرئيس الأمريکي “جو بايدن” أمام الشعب الأمريکي بمانسبة الذکرى الحادية والعشرين لأحداث سبتمبر حاول فيه أن يقنع ويرفع من معنويات الشعب بکل نوع من أنواع التموهيه ولماذا؟ لأجل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة. أن تسمع بمثل هذا في بلد من العالم الرابع فهذا أمر عادي، ولکن في بلد يسبح فيه بحمد أرقى الديموقراطيات فهذا يدعو حقا للشک وإعادة تصحيح الفهم.

أکد “بايدن” في خطابه مرة أخرى أن مهمة أمريکا في أفغانستان قد انتهت، ولکن مسٶولية الدفاع عن أمريکا لم تنته بعد. وبعد مرور عشر سنوات من بداية الحرب استطعنا القضاء على زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وهذا العام أصدرنا أمرا بقصف أيمن الظواهري الذي کان مستشارا له ومسٶولا عن هجوم سبتمبر. فلم يعد يشکل أي خطر البتة على مستقبل أبنائنا.

إن وزارة الدفاع والمخابرات لا زالت في حالة تأهب واستنفار تتعقب الأحداث والحرکات في کل مکان وأوان، وستشل کل حرکة ارهابية جديدة تحاول رفع رأسها للمس بالأمن القومي الأمريکي.

و کما نعلم، فقد اتهمت أمريکا تنظيم القاعدة باختطاف أربع طائرات لشن هجوم الحادي عشر من سبتمبر الذي أسفر عن خسائر في الأرواح والاقتصاد داخل أمريکا وخارجها الى يومنا هذا، لا يعلمها الا الله. هذا الاختراق المتقن للحدود ثم المطارات ثم الأجواء؛ يعتبر أول اعتداء من نوعه يحدث داخل أمريکا منذ انتصارها على الهنود الحمر وتمزيقهم وتحريق خيامهم.

هذا الهجوم الفريد من نوعه على اقتصاد الولايات المتحدة، بغض النظر عمن وراءه، يعتبر استفزازا لأمريکا جعلها تنتقل من حالة سکون ونوم عميق لتواجه مرحلة جديدة مخطط لها ضمن الحرب الباردة، سيتم من خلالها استنزاف طاقتها المادية والمعنوية، مرحلة حرب ضروس ضد التيس الجبلي الأفغاني، کما سماهم البريطانيون، فقير متعطش للقتل ولو من أجل تفاحة. شعب مزقته الصراعات الداخلية سياسيا واقتصاديا. شعب متعصب لتقاليده ودينه. شعب لم تستطع عليه بريطانيا وروسيا.

جاءت أمريکا بکبريائها وجيوشها ومخابراتها وأساطيلها البحرية والجوية واعلامها وحلفائها. جاءت وهي مسحورة تظن أنها مناورات عسکرية ضد النازيين ستنتهي في مدة أسبوع. زد على ذلک أن هذا البلد لم تکن قد انتهت فيها بعد الحرب ضد الروس حتى فوجئ بمحتل جديد. فقد قال الرئيس غوربتشوف عند خروجه منها: “لقد ترکنا من الأسلحة في أفغانستان ما يکفي لتقاتل الأفغان فيما بينهم لمدة عشرة أعوام”.

الجبهة الشمالية التي کانت موالية للروس وما تزال هي التي قادت الحرب ضد الأفغان. وهي الجبهة نفسها التي باعت البلد للرئيس الأمريکي بوش بثمن بخس قدره سبعون مليون دولار، وبوش نفسه فضح هذه السرية وقد استعمل من حيث يدرى أو لا يدري من طرف الجبهة في هذه الحرب ضد عدو مشترک هو الأفغان. ومما سيساعدک على فهم ذلک أن معظم مراکز الثقل في الدولة کانت تحت تصرفهم وسيطرتهم حتى آخر لحظات الاحتلال مثل وزارة الدفاع، ووزارة الداخلية والمخابرات…

وهذا يدلک أيضا أن رئيسي أفغانستان السابقين “حامد کرزى” و”أشرف غني” کانا مستعملين خلال فترة حکمهما من جبهة الشمال. وانک ستفهم أيضا أن الرئيس بوش استعمل وشوق الى هذه الحرب وفرشت له الأزهار الملونة والجذابة لنسف حرکة الطلبة والقاعدة قتلة أحمد شاه مسعود قائد جبهة الشمال الذي کان سيترتب على موته آنذاک سيطرة حرکة طالبان على البلد بأکمله، تماما مثلما استدرجت الى الحرب العالمية الثانية ضد النازيين فقد کانت مترددة.

لهذا لابد من سبق الأحداث لصناعة الأحداث. والسٶال الذي يطرح نفسه هنا هو من الذي سبق الأحداث؟ أهو أسامة بن لادن أم أمريکا أم هو طرف ثالث. لا يمکن بحال أن يکون هذا الهجوم صدر عن ابن لادن الذي لا يملک عشر معشار الامکانات والمقدرات التي يحتاجها في مثل هذا الهجوم، زد على ذلک أن مقتل أحمد شاه مسعود سبق أحداث سبتمبر بيومين فهل من المعقول استراتيجيا أن يترک مواصلة السيطرة على کامل أفغانستان في فترة وجيزة؛ ويدخل في حرب جديدة غير متساوية الأطراف، زد على ذلک هذه النقطة المهمة والتي غابت عن أذهان الکثير وهي أن القاعدة لا تتبنى أبدا العمليات الانتحارية بل تخالفها على عکس “داعش”، “حزب الله” تحت تصرف ايران، الجماعات المسلحة بالجزائر، حماس، آزاد کردستان، الجيش الصيني والجيش الباکستاني. اذا فلا داعي من تضخيم القاعدة زيادة عن الحد.

بقي لنا أمريکا والمعسکر الشيوعي. هذا ما کان يلزم الرئيس بايدن شرحه للجمهور الأمريکي أن الحرب الباردة لم تنته بعد بل وصلت أوجها بدل التشويه بالمسلمين والاستخفاف بهم .إن الرئيس السابق ترامب الذي ما زال متابعا من وزارة العدل الفيدرالية بسبب وثائق سرية لا يدرى مغزاها، کان قرر تفجير أفغانستان بأکملها لتمسح من خريطة العالم لأنه لم يعد يفهم شيئا مما يدور حوله. ترامب دار حول نفسه مائة وثمانين درجة فقال ـ متناسيا ما فعل في أفغانستان ـ قد أشرت على الرئيس بايدن بالحفاظ على مجموعة من القوات الأمريکية بأفغانستان لمراقبة المفاعلات النووية الصينية القريبة من الحدود الأفغانية.

رئيس المخابرات السابق مکنزي بدوره يلقي باللوم على بايدن ويحذر من شر جديد قد يواجه أبناءنا. أمريکا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي يتعهدون بدعم أوکرانيا حتى آخر قطرة. روسيا تتهم أوروبا بسرقة قمح الفقراء من اوکرانيا. الصين تستخف علنا بأمريکا في تقاريرها وتحملها خسائر الأرواح والاقتصاد والارهاب في أفغانستان. أعضاء جبهة الشمال الذين ورطوا الرئيس بوش يسرحون ويمرحون في روسيا. امضاء بايدن جبرا لاتفاقية الدوحة. بريطانيا تعين رئيسة وزراء جديدة محافظة للتعامل هذه المرة مع الأمور صليبيا.. بوتين يهدد بريطانيا بمحو خريطتها من العالم. دول اللکومنولت تقيم مٶتمارتها الاقتصادية في شنجاي وبعدها تشقند في جو مدهش يغيظ الغرب.

کل هذا و غيره يعلمنا أن الصراع انما هو صراع بين الرأسمالية وطبقة العمال أقحم فيه المسلمون ظلما. فهل ستکون أوکرانيا هي الحفرة العميقة القادمة التي تنتظر الولايات المتحدة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.