بقلم الاستاذ حسن حلحول محام بهيئة الرباط
إن الإنسان في الحياة لكادح كدحا، وأن من ينكر ذلك لجاحد جحودا، وأن الإنسان للإنسان لكنود كنودا ، وأن الحياة مطلوبة للطالب والمطلوب لضعفه ضعفا ، وأن للصابرين فرحتين فاصبر إن الصبر للإنسان لمفتاح للخير ومغلاق للشر.
إن صعاب الحياة لواقع ليس لها دافع، وأن أصعب الصعاب فيها الإنسان الذي يكيد كيدا، ثم يمكر مكر النفس اللوامة، وأن المغلوب فيها مكتوب للنفس المطمئنة، وأن الخير في الدنيا والآخرة للنفس البشرية النقية، وأن لها الغلبة عن النفس البشرية الشريرة، وأن الله الحافظ للنفس الخيرة ويترك الآخرى تتيه في شرها.
إعلم أيها الإنسان أن السعادة المطلقة في حب الله، وأن حب الله العقلي ذاته حب الله الايماني، وأن حب الله من حب الانسان، وأن السكينة والطمأنينة في حب الخير.وان لا خير في النفس الهلوعة.
وأن سعادة الإنسان جوهر الإنسان ، وأن الخير يعلو ولا يعلى عليه، وأن كمال الإنسان في حبه للإنسان، ألم تسمع حديث الاولين الذي تواتر على أن السعادة المطلقة في الحياة عند كبح الأذى عن الغير، والأمر بالمعروف وأن المعروف يفضي إلى السلم والسلام، فالدفع بالتي فيه الخير وتجنب المكروه ففي المكروه رذيلة، وأن السعادة غاية في حد ذاتها مادامت مطلوبة لذاتها ، وانها تمقت ربطها بالمصلحة، وانها ممارسة لفعل الخير وتجنب الشر.واعلم أن الخير ما يوجد في ذاته ويتصور بذاته ولا يتوقف فعل الخير على تصور فعل شيء آخر وأن هذه هي السعادة المثلى لبناء الإنسان المثالي.
إن الإنسان إذا هوى فعل الخير وجبل عليه يكون قد دنا فتدلى من الملائكة الاصفياء وهي السعادة الاسمى، وسبحان الله عما يفعله الاشرار في الحياة المقدسة. فدنسوا الروح والنفس وجعلوا الرذيلة هي الأصل وأذو أنفسهم لأن الإنسان أكثر جدلا في الحياة يجادلون في الحق بعدما يبين أن شتان بين سعادة الخير وسعادة الشر، ربي اسكنت النفس الامارة بالسوء في جسم السوء جزاؤه العذاب الروح في هذه الحياة قبل الأخرى.
إعلم أيها الإنسان أن غاية الأخلاق هو الوصول الى السعادة،فعندما نحب شيئا مماثلا لطباعنا، نبذل قصارى جهدنا كي نجعله يحبنا بدوره، بالاخلاق المتعالية من أجل سعادة اسمى، فويل لمن اعتبر الحياة نزوة عابرة لا يترك الإنسان فيها اثرا يسجل عليه في ذاكرة المجتمع، والاثر المتروك ليس بالضرورة أن يكون شيئا ايجابيا حتى يذكر محاسنها ، وقد يكون هذا الأثر سلبي رذيلة يذكر الناس شروره وخبثه، إن الحياة بسيطة لمن حدد أهدافه النبيلة ، وان أسماها هو حب الإنسان وجعل الخير يعم بين بني البشر ،إن التفكير في الكيفية التي يمكن أن نسير بها الحياة بشكل راقي وبعيد عن الأنانية هو سبيل السعادة ونهج المختار للسلوك الأخلاقي الإنساني على النحو ما تقدم نفسها لنا بأساليب بسيطة لطيفة،وان الإنسان لا يدرك هذه الأشياء البسيطة التي تفضي إلى السعادة ،إلا بواسطة المعرفة المتواصلة،كما يقول أفلاطون”إن الناس يخطئون بسبب نقص المعرفة ،حينما يخطئون في أفعالهم المختارة للذات والآلام،أي في اختيارهم للأشياء الجيدة والأشياء السيئة؛ وهو خطأ ينشأ من النقص ليس في المعرفة فحسب ، ولكن أيضا …في فن القياس”
اعلم أنه لا يمكن للإنسان أن يصل إلى درجة الكمال لتجنب السلوك المشين إلا بالمعرفة واستعمال آليات المنطق من القياس والاستقراء، وأن تملك ناصية هذه المعرفة يقود الإنسان إلى تنبؤ بنتائج السلبية لهذا السلوك أو تلك الحالة، حتى يصل الى هذا المستوى يكون لزاما الإحاطة بقواعد علم العواقب التي يتم فيها التركيز على عواقب الفعل أو القرار أو الموقف السلبية ليقاس عليها كل سلوك منافسة لقوانين الارادة.
ويرى كانط في مؤلفه نقد العقل العملي ” أن الفضيلة والسعادة معا يشكلان امتلاك الخير الأسمى”، فيا أيها الإنسان إن قمة الخير الأسمى والسعادة المثلى هو أن يحب الخير للإنسان وان تكون له الرغبة الملحة على مساعدته ، وعدم إلحاق الأذى به بالحسد والبغض والكره والجشع والتملك الزائف الباقي في الدنيا وكل الصفات والخصال القبيحة ،ألا يكفي أن الله كرم الإنسان وفضله على كل المخلوقات بالعقل وانسانيته.
حاصل الكلام أن المقاصد الاعتبارية للسعادة تكمن في جمع والموازنة بين النظر العقلي والنظر الديني ،اذ نمسك بمفهوم السعادة في مجمل تناقضاته على مستوى المعرفة العقلية ، وأما النظر الديني والروحي ،الخلاص هو الذي يحدد السعادة من خلال الأخلاق السامية التي تفضي إلى السعادة الأبدية والخلود في البهجة والسرور الدائم .
المصدر : https://dinpresse.net/?p=16375