انطلاقا من قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، بين الخطيب، في مستهل خطبتي الجمعة ، أن من الأسس والمباديء التي جاء بها الإسلام الحنيف، ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أمر الله لعباده المؤمنين بالتقوى أولا، وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وحفاظ المسلم على عقيدته حتى يلقى الله على إيمانه، وثانيا بالاعتصام بدينه واجتماع كلمة الأمة حول هديه وشرعه.
وأكد، خطيب مسجد حسان في خطبته التي حضرها أمير المومنين الملك محمد السادس، أن ذلك أمر إلهي واجب الطاعة والامتثال وحكمته الشرعية والاجتماعية ظاهرة للعيان بادية لأولي الألباب من أمة الإسلام، موضحا أنه لا يمكن لأي بلد أن تحفظ له سيادته وكرامته وتصان له عزته ومناعته وحقوقه الفردية والجماعية، ولا يمكن أن تتحقق له تنميته ونهضته ويتيسر له استقراره واطمئنانه ويتوفر له أمنه الروحي والاجتماعي، إلا إذا كان ينعم بوحدة كاملة متراصة متماسكة ويعيش في ظل قيادة مؤمنة واعية، حكيمة متبصرة، محبة له ومتجاوبة معه، متفانية في خدمته وإسعاده، ساهرة على رعاية شؤون دينه ووطنه، حريصة على حفظ وحدته وأرضه، وصيانة حريته واستقلاله، وذلك في وحدة تجعل منهم بنيانا قويا متراصا.
وأضاف أن من فضل الله وسابغ نعمته على المغرب، أن قيض له قيادة مستجمعة لتلك الخصال الحميدة، قيادة متصلة النسب بآل بيت النبوة المحمدية، تتجلى في إمارة المؤمنين وخاصيتها الدينية الشرعية، لما تقوم به وترعاه للأمة من حراسة أمر دينها، وتدبير شأن دنياها، وتنهض بكل ذلك بمقتضى ما أوجب الله من السمع والطاعة لأولي الأمر في الإسلام، في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
وأوضح الخطيب أن ما جاء في الآية المذكورة يربط ربطا محكما بين طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، مما يعني أن طاعة أولي الأمر واجبة لأن هؤلاء هم الساهرون على أن يطاع الله ورسوله، وهذا ما يتعاهد عليه المسلمون مع إمامهم أمير المؤمنين في إطار البيعة التي هي نظام وانضباط وأخلاق وسياسة ربانية راقية، تحدد ملامح الدولة في إطار البيعة بحيث لا مجال لأي منهم أن يميل إلى فهم طاعة أولي الأمر على أنها طاعة بشر لبشر في أغراض بشرية ليس فيها إلا شهوة السلطة أو الاستغلال، بل هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك”.
المصدر: و م ع
Source : https://dinpresse.net/?p=1493