هذا السؤال يحيب عنه المجلس العلمي الأعلى بالمغرب في كتابه الأخير الذي أصدره تحت عنوان “فتاوى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء خلال الفترة الممتدة بين 2004 و2012”. يشار إلى أن موقع “دين بريس” سبق أن نشر النص الكامل لفتوى قتل المرتد عن الإسلام، التي أحدثت جدلا واسعا في المغرب، وما زالت تسيل مدادا كثيرا.
الجواب عن فتوى المرأة المسلمة إذا تبين لها أن زوجها بهائي، وهو جواب عن سؤال من امرأة مقيمة بالولايات المتحدة الأمريكية 08 صفر 1428هـ موافق 26 فبراير 2007م:
بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
﴿ربنا آتنا من لدنك رحمة، وهيئ لنا من أمرنا رشدا﴾.
وبعد، فإن الديانة البهائية، وتسمى البابية، ظهرت في النصف الأول من القرن التاسع عشر سنة 1844، وتقوم على أفكار فاسدة، ودعوات تضليلية، وتنبني على أسس واهية ومعتقدات باطلة، مخالفة كل المخالفة لما جاء به دين الإسلام الحنيف، ومناقضة تمام المناقضة لما أتى به شرعه الرباني الحكيم في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملة. وهي لذلك ديانة كافرة ضالة بإجماع علماء الإسلام وأمته المحمدية.
وبناء على ذلك فلا يجوز لأية امرأة مسلمة تومن بالله وبنبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وباليوم الآخر أن تتزوج بمن يعتنق الديانـة البهائية، ولا يحل لها ذلك بـحال من الأحوال، لأنه يعتبر كافـرا في شرع الإسلام.
وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ولاَ تُنْكحُوا المشركين حتى يومنوا﴾، وقال سبحانه: ﴿ولن يجعل الله للكافرين على المومنين سبيلا﴾. وقال عز وجل: ﴿لاَهن حِلّ لهم ولا هم يحلون لهن﴾، (أي لا تَحِلُّ المسلماتُ المومنات للكفار، ولا الكفارُ يَحِلُّ لهم التزوجُ بالمومنات المسلمات)، وهو حكم أثبتته السنة النبوية كذلك، وأَكدته بعدم إقرار المرأة المسلمة حين إسلامها على البقاء مع زوجها الكافر حتى يسلم، وأجمع عليه أئمة الإسلام وعلماؤه سلفا وخلفا.
وتأسيسا على ذلك، وعملا بشريعة الإسلام وأحكامهـا الربانية الحكيمة، فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة المستفتية التي تبين لها وتحقق عندها أن زوجها بهائي، أن تستمر معه في العلاقة والمعاشرة الزوجية، ويتعين عليها أن تتوقـف عنها وتمتنع عنها وتفارقه في الحين، وأن تعلم أن أية علاقة جنسية تقيمهـا معه حينئذ، هي معاشرة غير شرعية، وعلاقة آثمة، لا ينبغي أن ترضاها وتسمح بها بوصفها امرأة مسلمة، متمسكة بدينها وشرع ربها الإسلامي الحنيف، ومحافظة على أحكامه ظاهرا وباطنا، سرا وعلنا.
كما أن عليها أن ترفع أمرها إلى القاضي المختص في البلد الذي توجد فيه، لينظر في ذلك وفق النصوص الشرعية، ويقضي بفسخ النكاح، وتلتزم حينئذ العدة الشرعية اللازمة للاستبراء.
وفيما يرجع لـحكم معاشرتها الزوجية له قبل اكتشافهـا لبهائيته، لا حرج عليها في ذلك ولا إثم، لانتفاء علمها به.
ومن شأن المرأة المسلمة، وواجبها الشرعي أن تتحرى وتحتاط لنفسها ولدينها فيما يتعلق بأمر زواجها عندما تكون خارج وطنها، فتتأكد وتتحقق من إسلام من يريد التزوج بها، مما يجعلها تعيش مع زوجها المسلم حقا في جو من السكينة والاطمئنان، والهناء والاستقرار.
وهاهي بعض الأسس الواهية والمعتقدات الباطلة، التي تقوم عليها الديانة البهائية، وتبين لك ولغيرك من المسلمين أنها ديانة كافرة في شرع الإسلام:
1 – القول بالحلول؛ بمعنى أن الله يحل في زعماء دعوتهم الضالة؛
2 – إنكارهم لليوم الآخر، يوم القيامة والبعث والنشور؛
3 – ادعاء بعض زعمائهم النبوة ونزول الوحي عليهم؛
4 – وضعهم لكتب يدَّعون أن إعجازهم فيها أكثر من إعجاز القرآن؛
5 – ادعاؤهم نسخ ديانتهم لجميع الأديان؛
6 – الإسرافُ في تأويل القرآن، والميلُ بآياته إلى ما يوافق مذهبهم وهواهم، حتى شرَّعوا من الأحكام ما يخالف ما أجمع عليه المسلمون خلفا وسلفا، من ذلك:
– أنهم جعلوا الصلاة تسع ركعات، والقِبلة حيث يكون زعيمهـم، بدلا من قبلة المسجد الحرام؛
– إبطال الحج إلى مكة، وحجهم يكون إلى عكا، حيث يوجد فيها زعيمهم؛
– تقديسهم للعدد 19، وبناؤهم عليه معتقـدات فاسدة، وتفريعات ضالة، فيقولون بأن شهور السنة 19 شهرا، والصوم 19 يوما؛
– قولهم بإلغاء فريضة الجهاد، الثابتة بنص القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية، لإعلاء كلمة الله، ورد عدوان المعتدين على مقدسات الإسلام وحرمات المسلمين؛
– إبطالهم للتقاويم والأعياد المعمول بها في الإسلام، وتغيير أسمائها وأسماء الأيام عما هي معروفة عليه عند المسلمين؛
– اكتفاؤهم في الصلاة بالسجود وبعض الأدعية، وثلاث صلوات في اليوم، وعدم التزامهم في الزكاة بالنصاب المحدد فيها شرعا.
إلى غير ذلك من المعتقدات الفاسدة، والضلالات الباطلة، الزائغة عن الحق، والمخالفة كل المخالفة لأسس شريعة الإسلام وأحكامها، والتي تكشف بكل وضوح وبيان عن كفريات هذه الديانة الدخيلة على المسلمين، والمدسوسة على أمتهم المحمدية، مما جعل علماء الإسلام في كل بلد يتصدَّون جميعُهُم لتزييف دعوتها السخيفة وتبيين أكاذيبها وأضاليلها الباطلة، فدَحَضُوهَا بالدروس والمحاضرات والكتابة والتأليف، حتى لا يغتر أي مسلم ومسلمة بها وبتُرَّهاتها وأباطيلها، وحتى لا يقع في شِراكها وحبالها أحد من أبناء الإسلام في أي جيل أو مكان.
ومن أبـرزِ وأجمع من ألفَّ وكتب في التعريف بضلالات ديانة البهائية، والتحذيـر من دسائسها وأهدافهـا الماكرة، فضيلة الدكتور عبد المنعم أحمد النمر في كتابه القيم الهام…” النِحلة اللقيطة: البابية والبهائية، تاريخ ووثائق”.
وكيف لا يقوم علماء الإسلام بذلك، وهم عدول الأمة، المؤتمنون على هذا الدِّين الحق الكامل، الذي ختم الله به الديانات الإلهية، وختم بنبوة نبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الرسالات السابقة، فارتضاه للناس كافة دينا قيماً، فقال تعالى: ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾… وقال سبحانه: ﴿ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين﴾، وقال جل علاه: ﴿اليومَ أكملتُ لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا﴾، وقال عز وجل: ﴿أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه، فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله، أولئك في ضلال مبين﴾، وقال سبحانه: ﴿ومن أحسنُ قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين﴾، وقـال جَلَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكنْ رسولَ الله وخاتمِ النبيئين، وكان الله بكل شيء عليما﴾. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ذاق طعمَ الإيمان، (أي ذاق حلاوتَه وسعادته القلبية والنفسية) من رضي بالله رَبًّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا ورسولا”.
والله سبحانه وتعالى من وراء القصد، والهادي إلى أقوم سبيل، والموفق من أراد به الخير من عباده إلى دينه الإسلامي القويم، ويهديه إلى اتباع صراطه المستقيم.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=1405