وسام الإستحقاق المرموق والإشارات السياسية

عمر العمري
عبر العالم
عمر العمري16 يناير 2021آخر تحديث : السبت 16 يناير 2021 - 12:25 مساءً
وسام الإستحقاق المرموق والإشارات السياسية

يأتي هذا المقال سريعا وقد لاحت في ذهني حزمة من الأفكار المترابطة التي تحاول ربط الأحداث مع بعضها وقراءة ما بين السطور حول دلالات كل ما يتصل بالسياسة سواء كان خطابا أو وساما أو أي شيء له رمزية سياسية نافذة.

المناسبة هي توشيح الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب بأرفع وسام ملكي من طرف جلالة الملك محمد السادس تسلمه من طرف سفيرة المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية الأميرة لالة جمانة العلوي ، وذلك على مجهوداته في تقريب التعاون الديبلوماسي بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل.

في المجال السياسي لا خطوة تقام ، ولا قرار يتخذ إلا بعد تفكير عميق يدرس الأثر الذي سيخلفه ، وحجم الفائدة المتوخاة منه ، ومدى فعاليته لإحداث تغيير أو تأثير أو مصلحة.

لا شك أن الأوسمة الملكية الرفيعة لا تستعمل إلا بذكاء وبحساب دقيق يروم جني مردودية سياسية أو صبغ طابع الرضائية المولوية على شخص ما لما كان له من تأثير ونجاحات ومدى خدمته لمصالح الدولة المغربية.

قد يتساءل البعض ؛ وهم كثر ؛ لماذا جاءت هذه الخطوة الملكية في هذا التوقيت ولصالح رئيس انتهت ولايته بهزيمة سياسية ، وخلق فوضى في البيت الأبيض ، وحصلت بسببه بعض الحماقات من طرف أنصاره الذين هجموا على مبنى البرلمان ، وخلقت تصرفاته إرباكا في المشهد الديمقراطي الأمريكي الذي يتفرج عليه العالم؟

بالنسبة للمملكة المغربية ، الولايات المتحدة الأمريكية حليفة قوية ، لنا معها مصالح مشتركة في مجالات متعددة منها : مكافحة الإرهاب ، التبادل التجاري الحر ، التعاون في المجال العسكري والإستخباراتي ، وآخرها القرار التاريخي الذي اتخذ من طرف الرئيس ترامب بالإعتراف بمغربية الصحراء.

بالمقابل الرئيس ترامب الذي سيغادر يوم الأربعاء المقبل البيت الأبيض سيسلم للعاهل المغربي محمد السادس وسام الإستحقاق المرموق.

لعل الوسام الملكي يدخل في سياق يهدف إلى محو كل خدش لحق بهذا الرئيس جراء ما وقع يوم “الأربعاء الأسود” ، والغرض ليس هو تلميع صورة رئيس سيغادر البيت الأبيض في بحر الأسبوع المقبل ، وإنما بعث إشارة لعدة أطراف منها :

1/ البيت الأبيض ومن سيحكم منه حتى لا يكون لما وقع مؤخرا من ” بلطجة غير معهودة ” أي أثر على الدور الذي لعبه الرئيس ترامب على مستوى السياسة الدولية ومنها الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.

2/ إسرائيل التي ستضاعف جهودها من خلال اللوبي الإسرائيلي المتحرك بنشاط داخل الولايات المتحدة الأمريكية للتأثير على أي قرار قد لا يخدم مصالح المملكة خاصة وأن الجارة الجزائر تتحرك بدورها هناك لاستمالة بعض الأطراف المعادية لمصالح المغرب.

3/ ترامب نفسه أو لنقل بشكل أدق الترامبية كتيار أصبح يشتغل داخل الولايات المتحدة الأمريكية وله نفوذه السياسي والإقتصادي ومن شأنه التدخل والتأثير حتى بعد مغادرة ترامب للبيض الأبيض.

4/ الجارة الجزائر التي تعاكس توجهات المغرب ومصالح المملكة بأن الوسام الملكي لا يعطى هباء بل يأتي ليؤكد معطى ثابتا أن القرار الرئاسي الأمريكي سيظل ساري المفعول ، وأن الهدية الملكية المترجمة على شكل وسام هو إشارة على وجاهة القرار ومصداقيته.

إن الوسام الملكي الرفيع الذي وشحته سفيرة المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية لالة جمانة للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب يأتي ليقول عدة أشياء ، فعادة لا تنطق الأوسمة إلا بهدوء سياسي تقرأ رمزيتها كما يقرأ القارىء اللبيب ما بين السطور خاصة حين يكون الخطاب سياسيا أو ذا رسالة واضحة إلى أطراف بعينها.

والوسام يضع علامة تنقيط رفيعة لترامب اعترافا بسياسته في مجال المصالحة الخليجية ، والتعاون الديبلوماسي والسياسي والإستخباراتي لدول الخليج والمملكة المغربية مع دولة إسرائيل ، حتى لو كان هذا التقارب مشمئزا للشعوب العربية التي لا تنظر إليه بعين البراغماتية السياسية بل بعين العاطفة والتعاطف مع الشعب الفلسطيني المهضومة حقوقه.
بقلم : محمد علي لعموريammouri  - دين بريس

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.