إحتلال الكونجرس الأمريكي أو حين تهدد الترامبية الديمقراطية

محمد علي لعموري
2021-01-09T10:12:08+01:00
آراء ومواقف
محمد علي لعموري9 يناير 2021آخر تحديث : السبت 9 يناير 2021 - 10:12 صباحًا
إحتلال الكونجرس الأمريكي أو حين تهدد الترامبية الديمقراطية

مؤسف المشهد الذي تناقلته وسائل الإعلام السمعية-البصرية يوم “الأربعاء الأسود” الماضي والذي طاف العالم يظهر أنصار الرئيس المنتهية ولايته قريبا والمنهزم ديمقراطيا في الإنتخابات العامة أمام خصمه جو بايدن، يقتحمون مبنى الكونجرس ويعيتون فسادا ويخلقون حالة من الفوضى والنهب ويواجهون قوات الأمن بقوة “البلطجة” التي أذن بها ترامب عبر تدويناته المستفزة للديمقراطية في عقر دارها.

ما وقع يوم الأربعاء من فوضى وأعمال شغب ورفض لنتائج الإنتخابات، وتمسك بالسلطة رغم الحسم الذي قطع فيه الكونجرس الشك باليقين بتصفية النتيجة، بعد التأكد من حصول جو بايدن على أعلى الأصوات متجاوزا ترامب، قلت أن وقع يومها ينذر بتحول عميق في قناعات الأمريكيين وفي تقاليد الأجيال الصاعدة والتي تسلك آلية تجاوز مبدأ الديمقراطية والسلمية والإحتكام إلى صوت الشعب، وذلك بجعل الإستحقاق الإنتخابي الأمريكي ليس منافسة سياسية شريفة مبنية على قوة التواصل السلمي الخطابي الجماهيري من أجل الإقناع، وعلى الإحتكام إلى الآلية الديمقراطية التي درجت المحطات الإنتخابية الأمريكية على نهجها منذ استقلال الولايات المتحدة الأمريكية إلى حدود الأربعاء الأسود، بل أصبح هذا الإستحقاق مجرد تقليد لوصول رئيس لم يعمل سوى على محاولة بسط سيطرته وفرض قوته التي يزعم أنه يستمدها من كتلة ناخبة عريضة ومن أنصار يرون في ترامب رجل المرحلة للتعبير عن شعبوية فئة معينة داخل المجتمع الأمريكي.

إن الظاهرة الترامبية ومنذ وصول زعيمها إلى البيت الأبيض وهي تبسط سلطان فلسفتها على العالم ، تلك الفلسفة البراغماتية الشعبوية المبنية على الربحية والإبتزاز والإستقواء على الضعيف وتصدير خطاب الإهانة عبر منصة البيت الأبيض وعبر حساب الرئيس ترامب على تويتر لابتزاز دول وانتقاد مسؤولين أو إيصال رسائل تهديد ،بالإضافة إلى كثرة الإعلانات الرئاسية التي تبنى على المحاباة والمزاجية كما وقع حين أعلن ترامب أن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية ، وأن الجولان هضبة إسرائيلية..

إن رفض ترامب لنتائج الإنتخابات؛ وهذا من حقه كمرشح يشكك في بعض نتائجها؛ دون أن يسلك مسار القضاء المعمول به للطعن وإثبات مواطن الخرق أو التزوير، وتهديده بعدم تسليم السلطة إلى الرئيس الجديد كما دأبت على ذلك تقاليد الديمقراطية الأمريكية، والأنكى التحريض على العنف ببعث رسائل مبطنة لأنصاره بتأييد رفضه للإنتخابات، والتصرف وفق هذا الرفض وصولا إلى اقتحام مبنى البرلمان الأمريكي ومواجهة الأمن بأعمال شغب وعنف أدت إلى وفيات من الطرفين، لهو البلطجة والغوغائية التي لا تمت إلى التقاليد الديمقراطية التي تعرفها بلاد العم سام منذ عقود طويلة بصلة، تلك التقاليد التي طالما جعلت العالم يقف مشدوها أمام دعايتها الإنتخابية، ومناظرات الخصمين اللذوذين، وعملية التصويت المنظمة رغم شساعة الرقعة الجغرافية، ويوم إعلان النتيجة، وتصريح الرئيس المنهزم المسؤول والراقي، وصولا إلى يوم حفل التنصيب الذي يسلم فيه الرئيس المتقادم مفاتيح البيت الأبيض إلى الرئيس الجديد مع مصافحته بكل روح ديمقراطية تعطي المثل والنموذج للعالم..

ما وقع يوم “الأربعاء الأسود” سيكون له ما بعده، حتى بعد رحيل ترامب، لأن الأمريكيين اليوم أبانوا عن وجود خلل في الثقافة السياسية للجيل الحالي من الناخبين وفي القناعات والمسلكيات التي عبرت عنها أحداث احتلال الكونجرس الأمريكي من طرف أنصار الترامبية التي بدأت تهدد الديمقراطية ليس فقط داخل أمريكا بل خارجها أيضا.

محمد علي لعموريammouri  - دين بريس

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.