أثارت “أخبار اليوم” الصادرة يوه الثلاثاء 16 أبريل 2013 قضية فتوى أصدرها المجلس العلمي الأعلى حول “حرية المعتقد والدين”، وقد علق عليها الباحث الأمازيغي أحمد عصيد في تصريحه للجريدة قائلا: “الحكم على مواطن بأنه مسلم منذ الولادة واعتبار أنه ليس من حقه أن يختار بعد سن البلوغ المعتقد الذي يرتاح إليه هو فكرة ظلامية تذكرنا بمحاكم التفتيش في عصر ظلمات الجهل والاستبداد”.
وقال عنها البرلماني عبد الصمد الإدريسي في حزب العادلة والتنمية إن حرية الاعتقاد حق من حقوق الإنسان التي يتساوى فيها الجميع “ويمكن للمرء أن يغير دينه في أي لحظة دون أدنى تضييق”..
وتعميما للفائدة، تنشر “دين بريس” نص الفتوى كما وردت في كتاب صدر حديثا عن المجلس العلمي الأعلى تحت اسم “فتاوى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء”، وهي تأتي في باب تعقيب المجلس على ملاحظات لجنة حقوق الإنسان في إطار إعداد المملكة المغربية للتقرير الدوري السادس لإعمال العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وجوابا عن كتاب ورد على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان 15 رجب 1430 هـ موافق 08 يونيو 2009م.
نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول “حرية المعتقد والدين” (الصفحتان 158 و159):
(وهذه المسألة تناولها شرع الإسلام، وأبان عن حكمه الشرعي فيها، وفصل فيها بالنظر لمن يكون معنيا بها من المسلمين وغير المسلمين.
فبالنسبة لغير المسلمين: من أهـل الكتاب والديانات السماوية الأخرى لم يأت الإسلام بما يكره أحدا منهم على الخروج من دينه أو يجبره عليه بالقوة، ولا بما يسيء إلى أماكن طقوسهم من الكنائس والبيع وغيرها، وذلك ما تشير إليه الآية الكريمة 256 من سورة البقرة: ﴿لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي﴾ ، وآية 99 من سورة يونس: ﴿ولو شاء ربك لآمَنَ من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مومنين﴾، وبذلكم كـفل الإسلام لغير المسلمين حرية المعتقد والدين حال وجودهم بغير بلادهم من أرض الإسلام، شريطة ألا يمسوا شيئـا من مقدسات المسلمين، وألا يجاهروا بما هو محرم في شريعة الإسلام، وألا يـحرضوا مسلما على الخروج من دينه، وألا يثيروا في المسلمين فتنة.
أما بالنسبة للمسلمين: في شأن حرية المعتقد والدين، فإن شرع الإسلام ينظر إليها بنظر آخر، ويدعو المسلم إلى الحفاظ على معتقَده وتدينه، وإلى التمسك بدين الإسلام وشرعه الرباني الحكيم، ويعتبر كونه مسلما بالأصالة من حيث انتسابه إلى والدين مسلمين أو أب مسلم التزاما تعاقديا واجتماعيا مع الأمة، فلا يسمح له شرع الإسلام بعد ذلك بالخروج عن دينه وتعاقده الاجتماعي، ولا يقبله منه بحال، ويعتبر خروجه منه ارتدادا عن الإسلام وكفرا به، تترتب عليه أحكام شرعية خاصة، ويقتضي دعوته للرجوع إلى دينه والثبات عليه، وإلا حبط عمله الصالح، وخسر الدنيا والآخرة، ووجب إقامة الحد عليه.
وفي ذلك يقول الله تعالى، محذرا من الارتداد وسوء عاقبة صاحبه في الدنيا والآخرة ﴿ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ سورة البقرة الآية 217، وقال سبحانه: ﴿ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، بل الله فاعبدْ وكن من الشاكرين﴾ (الزُّمَر، الآيتان 65 و66).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من بدل دينه فاقتلوه”، وقال: “لا يحِلُّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة”.
والخلاصة أن كل هذه القضايا والمسائل التي أريد في بعضها التسوية بين الرجل والمرأة في بعض الأحكام الشرعية، وفي بعضها الآخر الحرية المطلقة غير المقيدة بشرع الإسلام، جاءت فيها كلها نصوص شرعية من آيات قرآنية وأحاديث نبوية، قطعية الدلالة في مبانيها ومعانيها، واضـحة البيان في ألفاظها وأحكامها الدينية المتعبد لله بها، وتعتبر من الثوابت الدينية القطعية التي لا مجال للرأي فيها، وأجمعت الأمة على التمسك بها خلفا عن سلف كما هي في شريعة الإسلام.
ومن ثم لا تجوز مخالفة تلك الأحكام الشرعية أبداً بشيء من التفسير والتأويل البعيد تحت أية ذريعة، ولا الخروج عنها ولو قيد أنملة بشيء من الرأي، والنظر المخالف لأحكامها المقررة، والمعلومة من الدين بالضرورة عند المسلمين.
والله المستعان، والهادي إلى أقوم سبيل).
المصدر : https://dinpresse.net/?p=1240