كشفت دراسة علمية حديثة عن وجود 200 وثيقة بمكتبة دير سانت كاترين، ثانى مكتبة عالمية بعد الفاتيكان، تؤكد دعوة الإسلام للسلام بين البشر، وهى مجموعة من الوثائق العربية الصادرة من ديوان الإنشاء بمصر فى عهد الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين إلى الدير ورئيسه ورهبانه تكشف عن سياسة التسامح التى سارت عليها السلطات العربية حيال المسيحيين واليهود.
وقال الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى الذى أجرى الدراسة – فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط – “إن تلك الوثائق أوضحت بجلاء أن رهبان سيناء كانوا يعيشون فى ديرهم النائى هادئين آمنين مطمئنين، وحرص المسلمون على تأمين طريق الرحلة المقدسة للمسيحيين إلى القدس عبر سيناء”.
وأشار إلى أنها كشفت عن سياسة التسامح فى أمور الدين والحريات الشخصية، وكان للمسيحيين دور هام فى شئون الإدارة والحكم، فمنهم الوزراء وعمال الدواوين وحكام الأقاليم.
وأضاف أن الكنائس والأديرة بنيت فى العهد الإسلامى وكان أولها كنيسة الفسطاط التى بنيت فى عهد مسلمة بن مخلد (47-68 هـ) وحتى نهاية القرن الـ(12) الميلادى كان عدد كنائس مصر وأديرتها قد وصل إلى 2084 كنيسة و834 ديرا، مؤكدا أن التسامح الدينى الذى قام فى العصر الإسلامى لم تكن تعرفه أوروبا فى العصور الوسطى بل إنها لم تعرفه إلا بعد الثورة الفرنسية.
وأكد أن دير سانت كاترين كتب له البقاء والاستمرار من خلال عهد الأمان الأول من رسول الله (ص) (العهدة النبوية بالدير) وعهود الخلفاء المسلمين التى بلغت 200 وثيقة واستمرت العلاقات القوية بين الدير والقسطنطينية فى العهد الإسلامى، كما استمر الدعم الروحى والمادى للدير وكان له مكانته واحترامه.
وعرض الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى عدة نماذج من هذه العهود ومنها منشور الخليفة الفائز (أبو القاسم عيسى) المؤرخ 551 هـ الموافق 1156م طوله 488سم وعرضه 21سم، ويتضمن رعاية شئون رهبان دير سانت كاترين وتأمين سلامتهم وأرواحهم وأموالهم، ورد عدوان المعتدين وشمولهم بحسن الرعاية والعدل وتسهيل مطالبهم، ومنشور الخليفة العاضد لدين الله المؤرخ فى جمادى الآخرة 564هـ الموافق مارس 1169م ويبلغ طوله عشرة أمتار يتضمن رعاية الرهبان واحترام عاداتهم وإعانتهم على إصلاح أمورهم فى أى مكان.
وعن وثائق العصر العثمانى، أشار الدكتور ريحان إلى فرمان السلطان مصطفى الأول بن محمد إلى المطران غفريل الرابع بدير سانت كاترين المؤرخ 11 صفـر سنة 1027هـ، الموافق 7 فبراير 1618م ويتضمن علاوة على حماية ورعاية الرهبان تسهيلات ومميزات خاصة تتيح لهم السفر لأى مكان فى العالم مع إعفائهم من الرسوم الجمركية واحترام نظام توريث الممتلكات لديهم وحماية ورعاية ممتلكاتهم داخل وخارج مصر واحترام الأوقاف الخاصة بهم.
وأكد ريحان أن مؤرخى الغرب المنصفين قد شهدوا على تسامح الأديان فى مصر ومنهم مينارديس الذى ذكر أن الدير تمتع فى القرن السابع الميلادى بحماية ومميزات خاصة حافظت على ممتلكاته ومكتبته العظيمة، وشهد المؤرخ كويلرينج على أن المسلمين لم يحملوا أحداً من المسيحيين أو اليهود على اعتناق الإسلام أثناء فتوحاتهم، وأقر الإسلام لأهل الكتاب بحرية التدين وإقامة شعائرهم.
وأضاف أن بطريرك اليعقوبيين فى إنطاكية ميخائيل السورى شهد بأن الخير أصابهم على أيدى المسلمين وحررهم من قسوة الرومان وشرورهم وسادت الطمأنينة، كما شهد المؤرخ ترتون بأن الكنائس وبيوت العبادة انتشرت فى البلاد الإسلامية وكان أتباع الديانات المختلفة يتلقون العلم على أيدى أساتذة مسلمين ولم تخل دواوين الدولة من العمال النصارى واليهود، موضحا أنهم كانوا يتولون أرفع المناصب وأخطرها فاكتنزوا الثروات الضخمة وتكاثرت لديهم الأموال.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=1185