أفتت الهيأة العلمية للافتاء بجواز ترك غسل الميت من الإصابة بفيروس إيبولا ودفنه بعد الصلاة عليه، وذلك في جوابها عن سؤال من وزارة الصحة بهذا الشأن، وقالت الهيأة في فتواها المنشورة بالعدد المزدوج (12-13) من مجلة “المجلس” الصادر أخيرا، “فهذا رأي الهيأة وجوابها الفقهي في المسألة، والمتضمن للفتوى بجواز عدم غسل المتوفى من الإصابة بهذا الوباء الخطير”.
ونص السؤال الذي ورد على الهيأة العلمية للإفتاء، عن طريق الأمانة العامة للمجلس العالمي الأعلى، من وزير الصحة: “هل يجوز عدم غسل الميت إذا كان سبب الوفاة هو الإصابة بمرض فيروس إيبولا الفتاك، علما بأن غسل جثة الميت المصاب بهذا الداء هو مصدر لانتقال العدوى، وأن المرض لا يوجد له لحد
الآن دواء أو لقاح فعال؟”.
وخلصت الهيأة إلى هذا الرأي الشرعي “تبعا لما ثبت علميا وطبيا أن المصاب بهذا الوباء إيبولا ينتقل منه بالعدوى إلى غيره ممن يباشر غسله”، مؤكدة أن “الحالة المسؤول عنها داخلة في هذا المعنى، نظرا للأضرار المحققة الناتجة عن غسل من أصيب بهذا الوباء”. وأضافت: “ولذلك فإنه يجوز ترك غسله، والاقتصار على الصلاة عليه، كما ذكره الفقهاء، حفاظا على سلامة الأحياء في صحتهم وعافيتهم من هذا الوباء الفتاك”.
واستندت الهيأة في هذه الفتوى إلى ما نص عليه الفقهاء المالكية من “أن غسل الميت إذا تعذر لسبب من الأسباب فإنه يسقط، ويدفن الميت بعد الصلاة عليه بلا غسل”.
وساقت في هذا السياق قول ابن حبيب: “لا بأس عند الوباء وما يشد على الناس من غسل الموتى لكثرتهم أن يجتزئوا بغسلة واحدة بغير وضوء، يصب عليه الماء صبا، (أي بدون دلك)، ولو نزل الأمر الفظيع بكثرة الموتى فلا بأس أن يدفنوا بغير غسل”، معززة إياه بقول الدسوقي: “وأما من تعذر غسله وتيممه، كما إذا كثرت الموتى جدا، فغسله مطلوب ابتداء، لكن يسقط للتعذر، ولا تسقط الصلاة عليه، لأنهما غير متلازمين في الفعل وجودا وعدما”.
واستحضرت الهيأة العلمية للإفتاء في تدارسها لهذه النازلة من الناحية الشرعية عددا من الأحكام والقواعد الشرعية المتعلقة بالإنسان، والتي منها حرص الإسلام على صحة الأحياء والحيلولة دون كل ما يهددها، لكونها داخلة في المقاصد الضروريات الخمس، المتفق على وجوب مراعاتها وحفظها في كل الملل والشرائع، وأجمع عليها فقهاء الإسلام.
ومنها قاعدة: “اليسر ورفع الحرج في الدين”، و”المشقة تجلب التيسير”، وقاعدة: “الضرر يزال”، وقاعدة: “ارتكاب اخف الضررين عند اجتماعهما”، و”الضرورات تبيح المحظورات” وقاعدة: “الوقاية خير من العلاج”، وغيرها من القواعد الفقهية الأخرى.
وأوصت الفتوى بأن “شأن المسلم وواجبه في مثل هذا الأمر أن يتخذ الوسائل الوقائية والأسباب المطلوبة لسلامة حياته وصحة بدنه من كل آفة وتهلكة، فإنها لا تتنافى مع توكله على الله تعالى ويقينه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه”.
وأردفت: “وحسبه كذلك أن يسأل الله المعافاة لنفسه وبدنه، ولسائر الناس فإنه: “لم يُعْطَ أحد بعد اليقين خيرا من العافية” كما قال عليه الصلاة والسلام”.
Source : https://dinpresse.net/?p=3816