تعززت المكتبة المقاصدية المغربية بكتاب جديد للباحث الدكتور عبد الكريم بناني، الموسوم بـ: “البعد المقاصدي للوقف بالمغرب”، الصادر عن دار أفريقيا الشرق/المغرب، وجاء الكتاب ليبرز الأدوار الاجتماعية والاقتصادية التي يؤطّرها نظام الوقف بالمغرب وَفق منهجية تبرز أبعاده المقاصدية ومعالمه المصلحية في إطار تكاملي يربط بين ما احتفظ به التاريخ من مكرمات ومبرات للمحبّسين وبين الآفاق التي يطرحها العمل بالنصوص القانونية المنظمة له.
ومن الدواعي التي دفعت الباحث إلى هذه الدراسة صدور مدونة للأوقاف بالمغرب بتاريخ 08 ربيع الأول 1431هـ (23 فبراير 2010) ودخولها حيّز التنفيذ، وصدور النصوص التطبيقية المنظمة لها وبداية العمل بها، صار من الضروري النظر في القضايا التي يؤسّس لها نظام الوقف بالمغرب كمنظومة متكاملة، وما يحقّقه من مصالح عامة وخاصة، وما يحفظه من كلّيات أساسية للشريعة الإسلامية…
وقد عالج الباحث هذا الموضوع في فصول ثلاثة:
الفصل الأول مفهوم الوقف، مشروعيته وحِكمه
الفصل الثاني: الأبعاد المقاصدية لنظام الوقف بالمغرب
الفصل الثالث:المنهج المصلحي لمدونة الأوقاف والنصوص التطبيقية للمدونة.
خلاصات
وخلص الباحث في خاتمة هذه الدراسة الجديدة إلى عدة استنتاجات مما جاء فيها:
بعد هذه الجولة في توضيح نظرية القصد التي اهتم بها نظام الوقف بالمغرب من خلال الأدوار المقاصدية التي راعها هذا النظام عبر مراحله المشرقة في تاريخ المغرب، وما يحقّقه هذا النظام من مصالح عامة وخاصة، وما يحفظه من كلّيات أساسية للشريعة الإسلامية، ضرورية، حاجية وتحسينية، والمنهجية التقاربية التي سلكتها مدونة الأوقاف المغربية والنصوص التطبيقية للمدونة الصادرة لحدّ الآن من خلال الرؤى المصلحية التي جعلت من مواد هذه النصوص نموذجا يحتدى به.
أمكن القول، أن:
– الوقف يحقّق مقصود الشارع الإجمالي، لأنه مصلحة في ذاته والمصلحة ركن من أركان مقاصد الشريعة، حيث تعد المصلحة لبّ المقاصد وغرضها الأساسي.
– تكاملية الوقف وشموليته لملامسة الحاجات الأساسية للمسلمين، لأنه ينبع من قوّة العقيدة الإيمانية للمحبّسين، ومن الفلسفة العامة التي تسعى إلى تطوير منظومته حتى تواكب تشريعاته التغيّرات الاقتصادية التي يعرفها العالم، فاستثمار الأموال المحبّسة قصد تنمية أصولها وفق ضوابط شرعية تؤسّس لمعاني مقاصدية هو القصد الأول الذي ينبغي الاهتمام به، وتشريع ما يكفله ويحفظه بطريقة سليمة وواضحة.
– شمولية نظام الوقف ترتبط في الوقت الحالي بدوره في تأمين حاجات الدولة، فالتحبيس على القضايا التعليمية والصحية ومشاريع البنية التحتية الأساسية سيسهم في التقليل من تدخل الدولة ويؤمّن احتياجات الأفراد، لينعكس كل ذلك على مفهوم التنمية.
مقترحات
وأعتقد، يقول المؤلف، أن ما تم تحديده من خدمات جليلة ومنافع مصلحية، ومقاصد عامة، يؤطّرها الوقف المغربي كمنظومة حضارية وفكرية، كفيلة بتحفيز الأمّة على المزيد من التحبيس، بغية الوصول إلى معاني وتصورات نفعية تحقّق مصلحة الجماعة، كما أن هذا التطور لا يمنع من اقتراح بعض الأفكار الأخرى، منها على وجه الخصوص:
-توجيه الاهتمام أكثر للجانب الاجتماعي من خلال إرجاع بعض المبادرات التي شكّلت خدمات أساسية للمحتاجين، كبناء دور مخصصة لتزويج المحتاجين، والإقامة بها مدّة معينة حسب الحاجة،،،
-إنشاء صناديق خاصة للقروض دون فائدة ووفق معايير دقيقة تمكّن من إرجاع ثقة المحبسين فيما يحققه هذا النظام من رفع أعباء اجتماعية واقتصادية،،،
-إنشاء مؤسسات صحية وقفية مستقلة، تقدم خدمات مجانية للمحتاجين، ويحبّس عليها بعض الأصول لتصرف منها على أجور الأطباء والممرضين والأدوية وباقي العلاجات الأخرى،،،
-توفير مصادر ثابتة لإمداد المصالح العامة، والمؤسسات الإجتماعية بما يلزمها من أدوات لتلبية حاجات المجتمع،،،
-القيام بحملات توعوية هادفة تسعى إلى إبراز قيمة وعظمة ثواب الصدقات والإنفاق في سبيل الله، وخاصة الصدقة الجارية لإثارة الوازع الديني لدى المسلمين للإقبال على التحبيس مع تبيين ما يحققه هذا النظام من مصالح، وما يقدمه من خدمات،،،
-توسيع مفهوم الوقف وعدم ربطه بالعقار فقط، بل هناك العديد من المشاريع سواء كانت زراعية أو صناعية أو تجارية تتناسب مع هذا المفهوم ما دام في تحبيسها مصلحة ومقصد يتحقق للمجتمع،،،
المصدر : https://dinpresse.net/?p=3670