بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين
” ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا”
اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا، ولا توثر علينا، “وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب”.
وبعد، فبإذن كريم من أمير المومنين، رئيس المجلس العلمي الأعلى، يلتئم شمل علماء الأمة بالمملكة المغربية الشريفة في الدورة العشرين
– الربيعية- للمجلس العلمي الأعلى، بمكناسة الزيتون، عاصمة المولى إسماعيل العظيم، مثبت قواعد الدولة العلوية وصانع هيبتها، وسلطانها… وفي أجواء انتظار بزوغ طلعة هلال شهر رمضان الأبرك، أهله الله على
أمير المومنين، مولانا محمدالسادس بالنصر والتمكين، والفتح المبين، وعلى المغرب والمغاربة، والإسلام والمسلمين، وعلى الناس أجمعين، بالهداية إلى الصراط المستقيم، وعلى علماء الأمة بالمزيد من التوفيق والسداد في ظل الإمامة العظمى، آمين.
هذا، ويسعدني، بادئ ذي بدء، أن أحييكم تحية طيبة منكم إليكم، وأرحب بمقدمكم، وأعرب لكم باسمكم، ونيابة عنكم، عن خالص الشكر، وصادق العرفان على تفضلكم بالحضور في أشغال الدورة العشرين لمجلسكم، وأدعوكم إلى الترحم على أرواح زملاء لنا أعزاء من أعضاء المجلس العلمي الأعلى والمجالس المحلية لبوا داعي ربهم، وقضوا نحبهم،
بعد أن أبلوا البلاء الحسن في خدمة دينهم ووطنهم بإخلاص ووفاء،
نسأل الله تعالى أن يحشرهم في زمرة الصالحين من عباده الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا، ويتجاوز عن سيئاتهم، كما نضرع إليه سبحانه أن يثبت على الحق ألسنتنا، وعلى الإيمان به قلوبنا، وعلى الصراط السوي أقدامنا، حتى يلحقنا بجواره مسلمين مومنين، خاشعين قانتين لله رب العالمين، لا مبدلين ولا مغيرين، ولا فاتنين ولا مفتونين، وأن يجعلنا عند حسن ظن إمامنا، ورئيس مجلسنا، وقائد سفينة وطننا إلى بر الأمن والعزة والكرامة، آمين.
حضرات السادة العلماء
السيدات العالمات الفضليات
لقد شاء الله تعالى لمؤسستنا العلمية التي جالت في أكناف المملكة المغربية وأرجائها، شمالا وجنوبا، وشرقا وغربا، شاء لها اليوم أن تخطو خطوتها العشرين فوق هذا الصعيد الطيب، في هذه الحاضرة العلمية والجهادية العظيمة، بما وعته ذاكرتها، ووسعته مدونتها من وقائع وأحداث، التقى فيها القديم والجديد، والطارف والتليد.
وهي مناسبة لأن تقف وقفة تأملية، تستحضر فيها ما رافقها من التيسير والتسديد لتحقيق ما تحقق من التجارب والمكاسب، وقفة مقرونة بالامتنان والعرفان لله الواحد الأحد الذي هدانا سبلنا، فإن شكر النعم مدعاة لإدامتها وتزكيتها، قال تعالى:”لئن شكرتم لأزيدنكم”.
وهي كذلك فرصة لاستشراف الغد الآتي وما وراءه، واستجلاء آفاقه، ورسم معالم خريطة طريقه في ضوء مستفاد الرحلة وخلاصة التجربة.
****
وقبل هذه وتلك، فإن هناك مجريات وأحداث تجري من حولنا، وفيها الكثير أو القليل مما له بقضايانا، مثل مالنا بقضاياه من العناية والاهتمام، ويهمه شأننا كما يهمنا نحن – أيضا – شأنه إلى حد يضيق أو يتسع حسب قدرة السياسة التدبيرية على استيعابه، ولاسيما منه ذلك الذي يجري التنظير له والتنزيل لبرامجه في وهج رحلة إمارة المومنين
إلى الديار الإفريقية، بما تتيحه من لقاء الماضي الغابر، بالراهن الحاضر، وما يفتقر إليه من حسن الجمع بين الشقين في رفق وحكمة وتبصر وأناة.
آفاق رحلة إمارة المومنين إلى إفريقيا
يصادف تاريخ انعقاد الدورة العشرين للمجلس العلمي الأعلى، قيام رئيسه الأعلى أمير المومنين برحلته المظفرة إلى بعض البلدان الإفريقية، وغني عن البيان أنها رحلة لا كالرحلات، من حيث أبعادها الإنسانية والأخوية، ومن حيث أهدافها التنموية، ولكن الأهم من كل ذلك رسالتها التارخية والحضارية ومحتواها الروحي الجامع، وهي بهذه المعاني الجليلة وغيرها، رحلة فريدة في بابها، لا يقاس بها غيرها، ولا ينافسها في مضمارها سابق لها ولا لاحق، فضلا عن عشرات المشاريع الإنمائية والأوراش العمرانية، والآلاف المؤلفة من المصاحف القرآنية،
إنه الطابع المميز الفذ لرحلات إمامنا الأعظم: إفريقية كانت أو عربية، شرق أوسطية أو كانت في أي اتجاه من أرض الله الواسعة، فإن القدر المشترك بينها مهما اختلفت دارها وخطوط طولها وعرضها، هو في الختام إشهار شعيرة صلاة الجمعة، كما هي في تقاليد أهلنا، وكرمز يشير إلى ذلك الإطار الإنساني الجامع لكل الناس على تباين أغراضهم، واختلاف ألسنتهم وألوانهم، وتفاوت مداركهم ودرجاتهم، إبرازا لمعنى الآية الخالدة من سورة الحجرات التي رفعت لأول مرة في الدنيا شعار الوحدة الإنسانية قبل أن يعرفه الناس. “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم” فليس لأحد فضل على أحد، إلا بالتقوى والعمل الصالح.
وإننا لعلى يقين من أن هذه الرحلة والتي قبلها، وما قبل قبلها، وكل الرحلات التي تشدها الإمامة العظمى إلى آفاق الأرض، لن تأتي إلا بما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
وإن الخيط الرابط بين ماضي إفريقية وحاضرها، المجسد لوحدة شمالها وجنوبها، والقادر على إعادة اللحمة وسد الفجوة، وتسريع وتيرة القرب ووشائج القربى، هو إمارة المومنين، تلك الكلمة الساحرة المعبرة عما تعجز عن الإبانة عنه، كل كلمة سواها، هي كلمة خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان، ميزان قياس المسافة الفاصلة بين زمنين، وتقليص أبعادها، فإذا بذلك الماضي العريق الساكن في عمق الوجدان وأغوار النفس، يتمثل كائنا سويا كأنه نشط من عقال، بعد أن دفن تحت طبقات الإهمال والنسيان زمنا طويلا، ها هو يبعث من جديد ويتجلى بوضوح على صفحات مرآة إمارة المومنين الصافية، ففي لحظة خاطفة التقى الماضي والحاضر في عناق حار بعد غياب طويل.
****
مهمة العلماء:
ومما لا جدال فيه أن لعلماء المغرب وإفريقيا دورا، لا يقوم مقامهم فيه غيرهم، ولا يسد مسدهم سواهم، وهو إعادة بناء إفريقيا على قواعد تاريخها وماضيها، كما رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت العتيق، والعلماء هم وحدهم من يستطيع كذلك تفجير الوعي بالانتماء إلى ذلك الموروث وإحيائه، في وجدان شباب إفريقيا وأجيالها، وفي قلوب نسائها ورجالها، والعلماء كذلك هم من يستطيع تعبئة الأمة للوقوف في وجه من يزرعون الألغام والمتفجرات المذهبية الغريبة عن محيط إفريقيا ومناخها، وعن طبيعة إنسانها.
الوعي بالذات:
ويبدو أن هذه القارة قد بلغت اليوم أشدها فاختارت طريقها بملء إرادتها، وبكامل حريتها، وقررت البحث عن الأمن في مظانه، ولا شك أن اختيارها صادر عن قناعة واقتناع، لأن ثمة حالات يكون فيها الإنسان قادرا على الاختيار الصحيح.
من هذه الحالات، على سبيل المثال لا الحصر، حالة الشعور بالخطر الداهم الماحق، أو بتعبير القرآن الكريم في حالة فرعون عندما أدركه الغرق، قال: “آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل، وأنا من المسلمين”، بالرغم من أن إيمانه في هذه الحالة لم ينفعه. وتلك قضية أخرى.
وكحالة ولد سيدنا نوح الذي قال:”سآوي إلى جبل يعصمني من الماء” ردا على دعوة والده إياه للركوب معه في السفينة، فالخائف على نفسه وعرضه وماله لا يتهاون في البحث عن الملجأ الآمن الذي يعتقد أن به نجاته وأمنه من الخطر الذي يواجهه.
شيء من هذا شاهدناه وعشناه ونعيشه، فعندما اشتدت وطأة الإرهاب والقتل وانتهاك الحرمات وسفك الدماء، وهدم البنيان وتخريب العمران باسم الدين، في قراءة نصوصه قراءة حرفية مفصولة عن مقاصدها وحكمتها أفضت إلى تشويه صورة الإسلام الإنساني في مبادئه وأخلاقه وقيمه، السمح المتسامح مع أعدائه ومناوئيه وخصومه، فعاد ذلك الدين الذي فتح أحضانه في وجه الجميع فدخلوا فيه أفواجا، أصبح عند هؤلاء الجدد الدين الذي يرهب الناس ويدفعهم للخروج منه أفواجا.
فكثير من الذين روعهم الإرهاب باسم الدين، أرسلوا وفودهم إلى الجهة التي اطمئنت إليها نفسهم بأن يجدوا لديها المرجعية الدينية الصحيحة، ولم تكن هذه الجهة سوى المغرب بإمامته العظمى التي من وظائفها الأساسية حماية الملة والدين، فعسى أن يكون
في هذه الإشارة القوية ما ينبه الغافلين عما يحتفظ به هذا المغرب دون الناس جميعا من أمور في الدين والدنيا، ضاعت في كثير
من الجهات، فيكفوا عن استيراد ما يضر ولا ينفع، شيء فقد صلاحيته وسلطته وعجزه عن الاستمرار حتى في البيئة التي أنتجته.
أصحاب الفضيلة العلماء
السيدات الفضليات
أظن أنه لا بأس علينا، ونحن على مشارف الدورة العشرين لمجلسنا الأعلى، أن نعيد إنشاد هذا البيت:
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها
وإذ هيأ الله لنا بفضله تعالى علينا أن نمشي في موكب مؤسسة العلماء، وهي تمشي ثابتة الخطى على الدرب، عازمة على صيانة الموروث وحراسة الوجود الحضاري والمعنوي للأمة، لا يشغلها إلا ما كان يشغل الذين حملوا مشعل النور من رواد الإصلاح قبلها، أن يبقى ذلك النور ساطعا، يهتدي به كل سالك سبيل الهدى والرشاد.
وجدير بنا وقد بلغنا هذا المدى من المسير أن نتلو من كتاب ربنا هذه الآية الكريمة حمدا وامتنانا، وشكرا وعرفانا:
“الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله”.
وقد سعدنا خلال هذه الرحلة المباركة بمشاهدة نعم الله تعالى وآلائه، وأياديه وهي تتوالى على هذا الشأن، آخذة بعضها برقاب بعض، شاهدة بأن الله سبحانه بمعيته وسكينته، وقبوله ورضاه، يرعى مسيرتنا ويبارك مسعانا. فكلما خطا موكب النور خطوة إلى الأمام برفق وأناة، تبدت في الأفق علامة القبول والرضى، تقول بلسان الحال: إن الطريق هنالك، فسيروا على بركة الله، فما أنتم إلا كتيبة من جنده، ومهما حاولنا عد نعم الله وآلائه على هذا الشأن، فلن نقدر عليه أبدا، “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”، وكما لا نحصي نعمه، فإننا كذلك لا نحصي ثناء عليه، كما أثنى على نفسه، حسبنا أن نشير إلى بعضها.
فلو أننا ألقينا نظرة سريعة على ما خلفنا وراءنا، لنستبين كم شوطا قطعنا على الطريق، وما تحقق خلال الحيز الزمني الذي كان ظرفا للرحلة، لوجدناه بحمد الله وافر المحصول، طيب الثمار، إذا قيس بمداه الزمني الذي لا يعد شيئا ذا بال.
فمثلا على مستوى الامتداد والتمدد الجغرافي حدث ما لم يخطر على بال أحد، فمن رقم صغير هو أقرب إلى الرمزية منه إلى شيء آخر، إلى رقم كبير معبر عن عزم وإرادة، ومشروع ورؤية، إنه أمر ذو معنى لا يمكن إدراكه بجهد واجتهاد مهما يكن حجمه وتجويده.
وعلى مستوى القدرات البشرية المؤطرة للشأن التنويري تم تجاوز الفهم التقليدي الذي تحكم بشكل لا يستند إلى وعي بأبعاد ما تتطلبه المرحلة من تعبئة شاملة وانخراط كامل يعم كل ذي قدرة وخبرة، وعلم وإخلاص، وإيمان بمشروع وحدة الأمة الذي يقوده ولي أمرها، والسلامة من كل شائبة تميل به ذات اليمين أو ذات الشمال.
أما على مستوى وظائف المؤسسة العلمية، فإن آفاق جديدة امتدت إليها سلطة العلم الشرعي ومنها دنيا المال والاقتصاد التي تحرك دواليب النشاط الذي به قوام الأمن الاجتماعي والسعي اليومي للفرد والجماعة.
وهكذا يتبين من خلال هذا التطور المتسارع عامة في الوظيفة الجديدة للمؤسسة، خاصة أن دين الله الذي أكمله وارتضاه دينا لكافة عباده دون استثناء، قادر على مواكبة التطور ما تعاقبت الأجيال وتتابعت العصور، وصدق الله العظيم:”سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق”.
****
أنا لا أعود – مرة أخرى – للحديث عن ربع قرن من عمر المؤسسة العلمية مضى من عام 1981 إلى 2004 الذي كان موعدها مع الإقلاع الحقيقي، إذ ما قبل ذلك كان عبارة عن فترة اتسمت بالكثير من العفوية والصدفة والارتجال، لانعدام المشروع الضابط لكل عمل هادف، بالإضافة إلى هيمنة الإداري على العلمي، يضاف إلى ذلك أيضا أن تجربة العمل المؤسسي للمشيخة التي اعتادت مزاولة مهمتها بشكل تطغى فيه سلطة الفرد ورمزيته على الجماعة، فكان لا بد من الانتظار قليلا حتى تتضح معالم الطريق، وتتحدد أهداف المؤسسة، وقد جاء كل ذلك مع عهد إمامة محمد السادس – أعزه الله -.
غير أن هناك – أيضا – ما لا يجوز أن ننساه ونحن مع موكب المؤسسة العلمية في رحلتنا، ذلك أن ما حدث ويحدث من تطور في مجتمع الناس وأنماط حياتهم، تشترك في صنعه عوامل كثيرة، بعضها من إنتاج قوم آخرين كانت بيننا وبينهم حواجز ومسافات، قلصها علم الإعلام والتواصل، وأصبحت مكونا لا يمكن تجاهله، وبات التعاطي معه حتما لازما مع التوقى الشديد مما هو غير مقبول في ذوقنا وديننا وثقافتنا.
ولكن ما كل الناس يرفضون ما هو مرفوض ذوقا وشرعا، فهناك من يرفض المقبول، ويقبل على المرفوض، وإنما المدار على الاحتفاظ بسلامة ضمير السواد الأعظم، والشاذ لا حكم له، وهذا ما يفرض على المؤسسة العلمية أن تتحرك في بعض الظروف بسرعة مضاعفة، وأن تقوم بمبادرات استباقية، مع استمرارية التعبئة الكاملة لرد ما يتعارض مع اختيارات الأمة ويهدد ثوابتها، مع الاستعداد العلمي المسؤول، والعمل على تحريك ما يمكن من امتلاك القدرة على مواجهة كل ما يطرحه التطور من قضايا وأحداث، ولاسيما تقوية آلية الاجتهاد والتجديد بضوابطهما وقواعدهما، وفقه تنزيلهما، كل هذا من أجل أن تستمر الحياة في مساقها الطبيعي، ولا شك أن ما حدث في المؤسسة العلمية من تطور لا يخرج عن دائرة هذا المعنى.
حضرات العلماء والعالمات
لا يمكن أن تمر الرسالة المولوية الخاصة بالرفع من التمثيلية النسائية بالمؤسسة العلمية بنسبة مشرفة جدا للمرأة عامة وللمرأة العالمة خاصة، من غير أن نقف بإزائها هنيهة، وقفة إجلال وإكبار من جهة، ولمعرفة ما تنطوي عليه من دلالات، وتتغياه من غايات، وتتقصده من مقاصد وأهداف وطموحات من جهة ثانية، ذلك لأن الانتقال بالتمثيلية إلى هذا المقام يتجاوز مجرد التكريم والتشريف إلى مقام الدخول الفعلي في دائرة المشاركة الفعلية المسؤولة، والانضواء تحت خطاب التكليف.
وطبيعي أن الارتقاء بالعالمة إلى هذا المستوى من التشريف والتكليف كان تتويجا لنشاطها اللافت خلال عشر سنوات من دخولها حومة العمل الاسلامي المؤطر، حيث أظهرت قدرتها الكبيرة ووعيها التام بأهمية مشروع المؤسسة العلمية القائم على صيانة وحدة الأمة في ظل ثوابتها الدينية المطبوعة بطابع الاعتدال والوسطية، واليسر ورفع الحرج.
كل هذه السمات تتجلى بوضوح كبير في اختيارات الأمة المغربية في قديم أمرها منذ أكثر من اثني عشر قرنا من الزمن: عقيدة سنية أشعرية ينضوي تحت لوائها السواد الأعظم من أهل السنة والجماعة.
ومذهب فقهي مالكي في تأطير العبادات والمعاملات غني بأصوله وفروعه، واجتهادات أعلامه وأئمته الذين تشد إليهم الرحال لعلمهم وورعهم وتقواهم؛
ومع العقيدة والمذهب نظام في التزكية النفسية والتربية الروحية وتصفية الوجدان، طبقت شهرة أعلامه الآفاق وانعقد على إمامتهم وصلاحهم الإجماع والاتفاق؛
ونظام حكم عريق ممثل في إمارة المومنين القائمة على البيعة الشرعية بشروطها وأحكامها وحقوقها وواجباتها، على نحو ما كان عليه الأمر في العهد النبوي الكريم، وعصر خلفائه الراشدين من بعده.
وقد حافظ أهلنا على هذا النظام، وتعلقوا به كأنفس وأغلى مقتنى، إذ هو رمز وحدتهم، وعنوان شخصيتهم وعلامة فارقة بينهم وبين غيرهم من الأمم والشعوب.
فإذا افتخر الناس بشيء يتميزون به، ويرفعون لواءه ورايته، فإن فخر المغرب باختياراته وبعرشه المجيد الضاربة جذوره في عمق التاريخ.
وإذا كانت النتائج الجيدة التي حققتها المرأة العالمة في خدمة هذه الثوابت وعددها لا يتجاوز واحدة على سبعة، فإن ما سيتحقق – إن شاء الله – وعددها يكاد يساوي عدد إخوانها من الرجال، سيكون مضاعفا أضعافا كثيرة.
وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم إلى السيدات العالمات، الصالحات المخلصات، بأصدق التهاني على الثقة الغالية، والتكريم الكبير الذي طوق به أمير المومنين، رئيس المجلس العلمي الأعلى، جيد العالمات خصوصا، وجيد كل مغربية حرة كريمة حيثما كانت وسيكون للمجلس العلمي حظه من تمثيلية العالمات في حدود عشر سيدات، عالمات فقيهات تغنين المؤسسة العلمية بحضورهن الدائم، ونشاطهن المفيد النافع -إن شاء الله-.
الأسرة صمام أمن المجتمع
وعلى ذكر المرأة وما تحظى به من تكريم في بيت العلم والشريعة والدين، وهي عماد البيت، وعدته وعمدته، فإن من الواجب أن نذكر بما للأمة من حقوق على بيت الأسرة، خاصة في حفظ أمنها، ذلك أن أمن الأمة يولد في عش الأسرة، وبين أحضانها ينمو ويترعرع، علما بأن الأسرة خلية، قابلة لاحتضان الشيء وضده، ورعايتها بالتربية والتقويم هو ما يؤهلها للصلاح والإصلاح، وإن الأمن بوصفه قيمة مركزية من قيم الحياة السوية، في حاجة ماسة إلى إيلائه كامل العنايـة وبالغ الاهتمام من قبــــل الأفـــــراد، والمجتمع، والدولــــة، كــل في محيطه ودائرة اختصاصه، تنمية لهذا المشترك الذي لا يستغني عنه أحد، غير أن البدأ فيه إنما يكون من الأسرة، فإن هي استوت واستقامت استوت الحياة كلها، واستقامت طريقة المجتمع، إذ الأسرة بالنسبة للمجتمع، كالمضغة التي هي القلب في الجسد، إذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، كما يصلح الجسم إذا صلح القلب.
من أجل ذلك، أولى الإسلام فائق اهتمامه بالأسرة منذ تكوين حجر الزاوية فيها، بوضع معالم في طريق تشكيلها وفق مواصفات وعلامات، من شأنها أن تفضي إلى تحقيق النتائج المتوخاة التي على أساسها يقوم بناء المجتمع والأمة، والدولة في نهاية المطاف.
وموضوع الأسرة وعلاقتها بالأمن، بسطه علماء السلف والخلف، وفصلوا قضاياه وأحكامه وحكمه بما لا مزيد عليه.
غايتنا من إثارته هنا، التنبيه على أن العلماء كانوا عنصرا أساسيا فاعلا في استتباب الأمن والاستقرار بما لهم من سلطة علمية شرعية، ونفوذ معنوي قوي في مجتمعهم، وهيبة في نفوس قومهم.
وبالرغم من التحول الذي طرأ على الحياة، وما أصاب القيم الدينية من انكماش وانزواء، فإن وصف العلم الشرعي فيمن يحمله ما يزال يحظى لدى السواد الأعظم بالاحترام والتقدير، وخاصة إذا كان حامل هذا الوصف فقيها بأحوال زمانه، ومشاكل بني قومه، باذلا جهده في تكييف خطابه الشرعي مع مقتضيات عصره، فالدين والتدين شيء مركوز في طبيعة الإنسان، لا انفكاك عنه بحال مهما بلغ الإنسان من التطور، ومهما حقق من التقدم، إذ للدين هو المعنى الحقيقي للإنسان، ولولاه ما كان للوجود معنى ولا قيمة أبدا.
وبما أن المؤسسة العلمية تجعل أمن الأمة واستقرارها ووحدتها في طليعة مهامها، وصدارة أولوياتها، وبما أنها أيضا على وشك الانتقال إلى مستوى متقدم من النشاط، بعد أن تعززت قدرتها العلمية والحركية بفعاليات علمية جديدة بإمكانها أن تقوم بدور مهم في التعبئة الروحية عامة، وفي محيط الأسرة بصورة خاصة.
فإن الاهتمام سينصب في المقام الأول على تثبيت جذور أمن الأمة في أعماق أسرنا المغربية، تمنيعا وصيانة للأمن وتطويقا للفكر الإرهابي، وتجفيفا لمنابعه داخل بيوتنا، وبهذا الإجراء يتحقق التكامل بين الأمن المعنوي الذي هو مهمة العلماء وشأنهم، والأمن الحركي الذي تضطلع به أجهزة الدولة بكفاءة واقتدار، وبأداء عال لافت للأنظار.
وبهذه المناسبة، ومن هذا المقام يوجه العلماء تحية إكبار وتقدير واحترام إلى الأجهزة الأمنية على اختلاف مكوناتها، على جديتها وإخلاصها في التصدي بحزم وصرامة لكل من يروم كسر شوكة المغرب، وتطويع قناته الصلبة العصية عن أن تلين، وصخرته العاتية التي تتكسر على صلابتها قرون الوعول الناطحة.
وفي مثل حال المملكة المغربية مع الإرهاب، وهزائمه المتلاحقة أمام أجهزتها الأمنية الساهرة على أمنها واستقرارها، يستحق هذا البيت الشعري القديم أن نعيد إنشاده لما له من شبه كبير بهذه الحالة:
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها، وأوهن قرنه الوعل
ولا شك أن دور العالمة في مجالسنا العلمية سيكون قيمة فائقة الفائدة، خاصة في نقل الأسرة من مقام وظيفتها المحدودة إلى محيطها الواسع، محيط صيانة أمن الأمة، بإغلاق أبوابها ونوافذها في وجه كل من يريد بالوطن والمواطنين شرا ولو كان ذا قربى، امتثالا لأمر الله وطاعة لدينه وشريعته.
العرض الثاني
وهو عبارة عن إشارات مقتضبة، إلى بعض ما قامت به المجالس العلمية المحلية والمجلس العلمي الأعلى في الفترة ما بين الدورة التاسعة عشرة والدورة العشرين لا بغرض التقصي والإحاطة بالكل، بل ولا حتى بجل ما أنجز، مع الحرص على تقديم بعض النماذج، كشهادة على وجود حركة علمية حقيقية تستحق التنويه والتقدير، وإن كان الفضل فيها راجعا إلى ما تبذله بعض المجالس التي آمنت بمشروع المؤسسة، وخاضت غمار ترجمته على الأرض. غير أن رجاءنا كبير في أن تتحرك الكوكبة كلها كرجل واحد لرفع تحدي الأمية الدينية، والارتقاء بالثقافة الشرعية إلى المقام اللائق بوطن على رأسه إمارة المؤمنين؛ ومؤسسة العلماء العاملة تحت مظلته؛ قد اتخذت مواقعها في كل أرجائه. ولا أظن أن عالمة واحدة أو عالما واحدا نال هذا التشريف، وقلد هذا التكليف من قائد الأمة وإمامها ترضى لنفسها أو يرضى لنفسه أن يكون في الصفوف الخلفية، وقد توفر له من الدعم المادي والمعنوي ما يجعله في الصدور لا في الأعجاز.
وقد يبلغ الحرج مداه بمن استهان بهذا التشريف المقرون بالتكليف، إن دام على ما اعتاده وألفه، خصوصا بعد أن توفرت المؤسسة العلمية على زاد علمي كاف يمكنها من تحقيق مشروعها التنموي في محيطها الاجتماعي، إذا هي عرفت كيف تستفيد من هذا العنصر الجديد.
وتحقيقا لهذه الغاية، يتعين إعادة توزيع المهام بين أعضاء الأسرة العلمية المحلية توزيعا يراعي مؤهلات كل عضو، من حيث تكليفه بما يرجى أن يكون عطاؤه فيه متميزا ومجديا.
ولا يعزب عن البال أن القاعدة الكبرى التي تحكم عملنا جميعا في هذا القطاع، هو الاجتهاد في تحري تحقيق المصلحة، فمتى ترجح لدينا جانب المصلحة في نشاط أكثر من غيره، قدمناه على ما فيه مصلحة متوهمة أو مرجوحة، ووجهنا لذلك ما يلزم من الدعم المادي والمعنوي، ويستعان على تحديد جانب المصلحة بالخبرة والتجربة، كما يستعان عليها بالتشاور مع الجماعة والأخذ برأيها.
وسعيا وراء توحيد خطة العمل في جميع المجالس فسنعمل – قريبا – على تشكيل فريق من الخبراء يكلف بإعداد مشروع خطة عمل نعرضه على نظركم بعد وضع معالمه الكبرى، قصد إغنائه بآرائكم ومقترحاتكم – إن شاء الله -.
ومهما يكن من أمر، فإن الأمانة العامة للمجلس تعتمد على همة العلماء وطموحهم في الارتقاء بتنظيمهم العلمي إلى أعلى مقام، وأسمى مكانة، وكيف لا وكل الظروف والأسباب المادية والمعنوية، والشرعية والتنظيمية، وغيرها، مواتية لإنجاز عمل كبير على الأرض، فما سبق أن توفرت ظروف وشروط لمن مضوا من قبلنا، كما توفرت لنا.
فإن نحن ضيعنا هذه الفرصة، بتقصيرنا وعجزنا وقلة وعينا، فحسابنا سيكون لا محالة عسيرا مع الله تعالى أولا، ومع كل من وضع ثقته في ذمتنا وضميرنا وأمانتنا، وعلى رأسهم ولي أمرنا وقائد سفينتنا، ورئيس مجلسنا أمير المومنين، ومن ورائه الأمة كلها.
فيا علماء الدين يا ملح البلد ما يُصلح الملح إذا الملح فسد
لا شك أنها ستكون خيبة كبيرة إذا اكتشفت الأمة – لا قدر الله – عجز علمائها، وقلة حيلتهم، وبالمقابل قدرة السفهاء ووفرة نشاطهم، وقوة عزمهم، “إن هذا لهو البلاء المبين” “إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين” فاللهم اهدنا فيمن هديت، وتولنا فيمن توليت، وقنا شر ما قضيت” ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هذا، واسمحوا لي أن أعرض على أسماعكم بعض النماذج من نشاط المجلس العلمي الأعلى، والمجالس العلمية المحلية مع تذكير ببعض ما صاحب نشاط المجالس من دعم إداري مالي وتقني.
ندوة السلفية:
فبعد نحو سنتين من التحضير تم بحمد الله في مطلع شهر أبريل المنصرم تنظيم ندوة المجلس العلمي الأعلى الكبرى تحت عنوان: السلفية: تحقيق المفهوم وبيان المضمون وقد تميزت الندوة بالعروض القيمة التي قدمها صفوة من العلماء من داخل المجلس ومن خارجه عروض رفعت كثيرا من اللبس العالق في الأذهان حول حقيقة السلفية الصافية وما هي عليه واقعا وممارسة، وقد عرف هذا النشاط حضور نحو 800 من الضيوف والعلماء والعالمات من مختلف أقاليم المملكة.
وحظي هذا النشاط باهتمام إعلامي كثيف تمثل في الكم الكبير من المنابر الإذاعية والتلفزية والجرائد الورقية والإلكترونية التي غطت الحدث تغطية لا بأس بها.
والعمل جار لتجميع العروض وإعدادها للنشر في القريب إن شاء الله.
الأمانة العامة:
احتضن مقر الامانة العامة للمجلس العلمي الأعلى مجموعة من اللقاءات والاجتماعات المندرجة في إطار الزيارات التي تقوم بها شخصيات ووفود وطنية ودولية بقصد ربط الصلة أو تجديدها بالمؤسسة العلمية أو الاطلاع على التجربة المغربية في مجال تدبير الشأن الديني ويتنمي زوار الأمانة العامة إلى مشارب مختلفة تهم السلك الدبلوماسي وإعلاميين وعلماء وموظفين سامين ورؤساء مؤسسات للتكوين وجمعيات المجتمع المدني وطلبة باحثين …الخ
كما زار الأمانة العامة وفد من ألمانيا يمثل الديانات الثلاث وذلك للتعرف على مؤسسة العلماء والأدوار المنوطة بها.
وحرصت الأمانة العامة على تفعيل تمثيليتها القانونية بحضور اجتماعات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ومحكمة النقض وغيرها من المؤسسات التي يعد الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى أو من يمثله عضوا فيها.
كما انتدب الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى مجموعة من العلماء لحضور اللقاءات والأنشطة الذي تعذر عليه حضورها للالتزامات سابقة.
هيأة الإفتاء:
فعلاوة على التعاطي شبه اليومي مع طلبات الفتوى الواردة عليها من المؤسسات والهيآت ( 25 استفتاء بين الدورتين) تميز نشاط هيأة الإفتاء بالمشاركة في الاستشارات التي أمر بها مولانا أمير المؤمنين – أعز الله أمره – بخصوص تقنين الإجهاض وذلك من خلال إعداد الرؤية الشرعية للموضوع.
كما تواصلت في الفترة ذاتها مشاركة عدد من أعضاء الهيأة إلى جانب مجموعة من الخبراء الماليين والقانونيين في الاجتماعات التي انعقدت بمقر الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى حول الأبناك التشاركية وقام السادة الأعضاء بزيارة عمل لبعض الدول الإسلامية كالبحرين وماليزية المعروفة بريادتها في هذا النوع من المعاملات المالية.
وتجدر الإشارة بالمناسبة إلى صدور الظهير الشريف المحدث للجنة الشرعية للمالية التشاركية لدى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء.
نشاط الشعب:
اتسم حجم الأنشطة على مستوى شعب الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى في الفترة الفاصلة بين الدورتين بزخم كبير
فقد استكملت شعبة الوعظ والإرشاد الديني إجراءات تعيين 51 واعظة وهو مجموع المناصب التي تم إحداثها برسم برسم سنة 2015 والتي خصصت كلها لفئة الواعظات المتجولات واستفاد منها 14 مجلسا ليصل عدد الواعظات بكافة أصنافهم إلى 887 واعظة.
وهذه الزيادة في المناصب جاءت متوازية مع التعليمات المولوية السامية في الرفع من تمثيلية العالمات في المجالس العلمية المحلية والمجلس العلمي الأعلى.
في مجال النشر، تواصل العمل على إصلاح هذا الورش والارتقاء به كما ومحتوى حيث صدرت بتاريخ 29 دجنبر 2014 المذكرة31/14 التي استهدفت لفت الانتباه إلى بعض القواعد التي يجب مراعاتها في مضامين إصدارات المجالس العلمية.
أما على مستوى إنتاجات المجلس العلمي الأعلى فيتم حاليا طبع ثلاث إصدارات جديدة ويتعلق الأمر بــ:
* كتاب حصيلة دورات المجلس العلمي الأعلى لعام 2012 الذي يوثق أعمال دورتي مراكش والحسيمة وهو قيد السحب.
* والكتاب الثاني هو حصيلة دورات المجلس العلمي الأعلى لعام 2014 الذي يوثق أعمال ورزازات والرباط.
* وكتاب أعمال الملتقى الوطني الأول للعالمات والواعظات والمرشدات الذي نظم تحت الرعاية السامية لأمير المومنين صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، في مدينة الصخيرات من 24 إلى 26 رجب 1430هـ،
* كما عرف الفترة نفسها صدور العدد المزدوج، الثاني عشر والثالث عشر من مجلة “المجلس”، في حلة جديدة، وفي طباعة أنيقة، وفي 156 صفحة مصورة من القطع الكبير.
وقد قامت شعبة شؤون المرأة وقضايا الأسرة بالمجلس العلمي الأعلى بتتبع نشاط الخلايا النسائية: وسجلت تطورا كميا لا سيما
على مستوى دروس الوعظ والإرشاد وحصص تحفيظ القرآن الكريم وفي مجال العناية بالحديث النبوي الشريف وتأطير دروس محو الأمية هذا فضلا عن العمل الاجتماعي الذي تعددت صوره من زيارات لمختلف المرافق الاجتماعية التي توجد بها المرأة والشباب والطفولة في وضعية صعبة ومن دعم مادي ومعنوي مس كل الشرائح المحتاجة ومن إصلاح لذات البين من خلال جهود مراكز الاستماع التي تشرف عليها الخلايا وفي إطار تتبع حركة المجالس العلمية ورصد الأنشطة الإشعاعية سجلت الشعبة المختصة جهودا متميزة للمجالس العلمية في خدمة القرآن الكريم والسنة المطهرة وتقوية الالتزام بالمذهب المالكي وخدمة تراثه وترسيخ العقيدة الأشعرية ونشرها وتزكية النفوس، وتنقية الوجدان، وتقوية الشعور بالانتماء الوطني والهوية المغربية بكل مكوناتها، وتعميق الوعي بأهمية إمارة المومنين ودورها في وحدة الأمة ورص صفوفها.
وقد اتخذت هذه الجهود وغيرها أشكالا متنوعة تراوحت ما بين الملتقيات الجهوية والندوات العلمية والمحاضرات والأيام التواصلية والأمسيات القرآنية ودروس الوعظ والإرشاد والكراسي العلمية والدورات التكوينية للقيمين الدينيين بكل أصنافهم، وكذا المشاركة في بعض البرامج الإعلامية ولعل من أواخر ما ورد من النماذج في هذا الباب ما يأتي:
* الملتقى الجهوي الأول للزوايا بمدينة وادي الذهب تحت شعار (الزوايا بوادي الذهب لكويرة والبيعة المتجددة لإمارة المومنين)
* الملتقى الجهوي الرابع للعلماء بمدينة برشيد تحت عنوان (ظاهرة العنف عند الشباب)
* الملتقى الثاني للعلوم الشرعية بمدينة ورزازات في موضوع:
(خصائص الفتوى في المدرسة المالكية)
* الملتقى الجهوي الثامن للمجالس العلمية المحلية لجهة طنجة تطــوان تحت عنـوان ( العمل التطوعي في الإسلام ..التبرع بالدم نموذجا)
* الملتقى التكويني بمدينة الناظور لفائدة رجال ونساء التعليم من مختلف الأسلاك والتخصصات وكذا الطلبة المقبلين على اجتياز مباريات مراكز التكوين في موضوع: تجديد الممارسة التدريسية في المدرسة المغربية تحت شعار ( من أجل تيسير عملية التعليم والتعلم)
* دورة تكوينية لفائدة المدررين بمدينة السمارة تحت عنوان (طرق ومناهج تحسين مردودية الكتاتيب القرآنية)
* الدورة التأهيلية السابعة لفائدة المقبلين على الزواج بمدينة بركان.
* العناية بالبيئة وترشيد استخدام الموارد الطبيعية والمحافظة عليها انطلاقا من قوله تعالى “ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها” في عدة مناطق من المملكة
* الأستعدادات الجارية لإستقبال الشهر الفضيل رمضان المعظم في جهات.
* أسبوع الأسرة لفائدة النساء في نسخته السابعة بمدينة الرباط تحت عنوان (تنشئة قرآنية)
* تنظيم دروس خاصة للدعم في مادة الإرث لفائدة السنة الأولى باكلوريا بمدينة الصخيرات…
* تنظيم دورات تكوينية في مادة النحو لفائدة الائمة بمدينة تاوريرت.
* النسخة الثانية من العرس الجماعي الخيري لفائدة بعض الشباب المعوز ببرشيد
وكلها أنشطة تدل على اجتهادات مشكورة في إيجاد الصيغ الملائمة لنشر الخطيب التنويري المنفتح وحراسة الثوابت.
وقد واكبت الشعبة الإدارية والمالية هذاا النشاط على الصعيدين المركزي والجهوي مواكبة حثيثة، تمثلت بالإسناد المادي والتنظيمي والدعم اللوجستكي، ورامت من خلال تدخلاتها المباشرة إحكام البرمجة وترشيد التنفيذ، ووضع التجهيزات والأدوات المناسبة وتسخيرها لخدمة البحث العلمي، كما عملت على إعداد مشاريع نصوص تؤطر مجالات الكراسي العلمية، وتحفيظ القرآن الكريم. وسهرت في الفترة ذاتها على تتبع تنفيذ خطة عمل الأئمة المؤطرين تمهيدا لخوض غمار هذه التجربة الفريدة في بابها.
وهذا غيض من فيض وقليل من كثير ويكفي من القلادة ما أحاط بالجيد.
أما جدول أعمال هذه الدورة وهو من ضمن وثائق المحفظة لديكم، فيتضمن قضايا على جانب كبير من الأهمية، يرجى من الدورة أن تحسم في أهمها لتدخل حيز التنفيذ، إن شاء الله.
نسأل البارئ تعالى أن يهدينا سبلنا، ويثبت على المحجة البيضاء خطانا، ويجعلنا عند حسن ظن رئيسنا الأعلى، أمير المومنين،
مولانا محمد السادس – أعزه الله به الوطن والدين – آمين.
والحمد لله رب العالمين.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=3875