من سبق له تجرع مذاق السجن ظلما يستطيع أن يحس بالمرارة التي لا زال يتجرعها الأبرياء داخل السجون…. يستطيع أن يستحضر معاناة عوائلهم وأسرهم… يستطيع أن يعرف مدى شعور السجين بحرمانه من أبنائه وبعده عن أهله وأقاربه…. يستطيع استشعار كل الآلام النفسية والمعنوية على المعتقل وأهله وأقاربه….
يؤسفني جدا أنه عند لقاءاتي مؤخرا ببعض المسؤولين المغاربة القريبين من الملف لايظهر أي تحرك قريب لحل هذا الملف بسبب تعقيدات كثيرة أهمها داعش والقضية السورية….
لكن ما ذنب الأبرياء الذين اعتقلوا ظلما ولا آمنوا ولم يومنوا يوما بعنف ولا إرهاب؟…. ما ذنب الذين التهمتهم حملات 16 ماي العشوائية فاقتيدو إلى المعتقلات وتحملوا أحكاما قاسية لا يستحقون ولو يوما واحدا منها….
لاينبئك مثل خبير…. عايشت بنفسي قصصا استصغرت قصتي أمامها…. عايشت من اقتيدو من المساجد إلى السجون وحكموا بأقسى العقوبات ووالله لا يقدرون على قتل ذبابة بله أن يكونوا ارهابيين…. عايشت من لم تكن له من تهمة الا أنه صديق فلان وصاحب علان … والصاحب والمصحوب برييئان….
لا أتحدث عمن تورطوا في الدماء أو آمنوا ولا يزالون بالعنف…. ولكني والله أعرف أشخاصا أقطع أمام الله ببراءتهم التامة كما أقطع ببرائتي بل أكثر قضوا اثنا عشرة سنة ولا زالوا إلى اليوم خلف قضبان الزنازن…. أعرف أشخاصا قطعوا كل صلة بالعنف وفكره وآمنوا إيمانا قطعيا بغلط ما كانوا عليه ولم يجدوا من يمد لهم يدا ولا من يسمع لهم قولا….. أعرف مسنين ومرضى وعجزة لم ترحمهم قسوة السجان ولم يرفع عنهم ظلم فاحش وجور بالغ….
ماذنب هؤلاء وما ذنب أطفالهم ونسائهم وأقاربهم؟ ونحن نؤسس دولة العدل لايمكن أن يكون لهذا الحديث أي مصداقية ما لم يعد هؤلاء الأبرياء إلى بيوتهم وذويهم…. ما ذنب هؤلاء الأبرياء إن كان غيرهم اختار داعش أو النصرة أو أي مسلك من مسالك التطرف….
لاتزر وازرة وزر أخرى يا سادة البلد…. من استحق العقوبة فله العقوبة…. ومن استحق الحرية فلا يمكن أن يقرر أحد سلبها له ومنعه منها….
حبا لهذا البلد…. وغيرة على هذا الوطن…. ودفاعا عن هذا الانتماء….. ودعما لاستقرار الدولة وقوتها وازدهارها…. أرجوكم… أرجوكم… لا تتركوا بريئا خلف القضبان…… في أمان الله.
{jathumbnail off}
المصدر : https://dinpresse.net/?p=3758