دشنت جمعية البحث في الفكر المقاصدي بالمغرب مشروعها العلمي بإصدار كتابها الأول ضمن سلسلة قضايا مقاصدية باختيار “مقاصد الشريعة: دراسات في التاريخ والمنهج” عنوانا له، وقد جاء في ديباجة العدد الأول:
“لقد توافقت آراء مجموعة من الباحثين الشباب بالمغرب والمنشغلين بالدرس الأصولي والمقاصدي حول مآلات البحث العلمي واتجاهاته المعاصرة، ومدى خدماته المأمولة انجازها في مواقع الوجود الإنساني المعاصر، مجمعين على ضرورة تجديد النظر في تلك المسارات، وتقويم ما يمكن تقويمه حتى ينسجم مع المقاصد العلمية لتلك العلوم.
وما كانت الجمعية بعد تأسيسها تضرب حسابا للتحولات الاجتماعية والسياسية والقانونية الأخيرة التي لحقت مجالنا العربي والإسلامي بل والعالمي، فانضافت إلى ذلك موافقات واقعية ومتغيرات وجودية جديدة زادت من تأكيد ذلك التوجه البحثي والعلمي واستدعت ضروراته في واقعنا المعاصر.
لذلك فإن الانعطافة العلمية والبحثية في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية وخصوصا ذات الأبعاد الشرعية الرسالية لم تعد اختيارا يخطب الود الفكري ويدعو النظر البحثي، بقدر ما أضحى اختيارا مبدئيا لا بد من تلمس سبل النجاح في مهامه والتوفق فيه.
وفي هذا السياق فقد شهد مطلب المقاصد الشرعية من العناية والاهتمام، بحثاً ودراسة وتحليلاً في الوقت المعاصر، ما لم يشهده غيره من مباحث الدرس الأصولي، ولاسيَّما بعد بزوغ شمس موافقات الشاطبي، فبقي الفكر الأصولي محصوراً في هذه الجهة، على حساب الجهات الأخرى، من قواعد تفسير الخطاب، والمباحث اللغوية والدلالية، الشيء الذي أدّى إلى إنتاج خطاب في أغلبه فكري نظري تجريدي، كثرت حوله الكتابات، وعقدت بشأنه اللقاءات و الندوات …نعتقد أن خطابه المعاصر يحتاج اليوم إلى وقفة تأملية ونظرة تقويمية تنبش في جوانبه المنهجية والمعرفية، بقصد تطويره والرفع من مستوياته حتى يستكمل سبيله القويم، ويستجيب للمقتضيات الواقعية المعيشة، ويلامس قضايا الإنسان في مواقع وجوده.
وعليه، فإننا نعتبر هذه الانطلاقة العلمية الفتية دعوة لكل الباحثين والمهتمين بالدرس الأصولي والمقاصدي وكذا الفكر الاجتماعي للإسهام معنا في تطوير هذه الرؤية إما بالكتابة أم بالنصح أم بالتقويم حتى نستطيع تقديم ما يؤمل منا خلال هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها أمتنا الإسلامية.”
ويتضمن العدد الأول من سلسلة كتاب قضايا مقاصدية، الذي أصدرته جمعية البحث في الفكر المقاصدي بالمغرب، مجموعة من الدراسات والأبحاث القيمة في مجال الفكر المقاصدي وهي كالآتي:
~ الاجتهاد المقاصدي: مفهومه، آلياتــه وعلاقتـه بفقه الواقع وقضايا العصر للدكتور عبد الكريم بناني.
~ من أولويات البحث المقاصدي المعاصر للدكتور يوسف حميتو.
~ التقصيد الشرعي ومسالكه عند الأصوليين مع قراءة في التقصيد الفكري المعاصر للدكتور الحسان شهيد.
~ الفكر المقاصدي بين إشكال الاصطلاح ورهان الإصلاح للدكتور هشام تهتاه.
~ منهج رفع الضرر وقواعده في فقه النوازل عند الفقهاء، دراسة في مقاصد الأحكام للأستاذ عثمان حمادي.
وفي السياق نفسه تقترح الجمعية على الباحثين والمهتمين الورقة التقديمية للعدد المقبل في موضوع “مقاصد الشريعة والفقه السياسي المعاصر، رهانات وآفاق”.
ذلك أن الواقع السياسي المعاصر قد شهد متغيرات كبرى، تدعو العقل الإسلامي مسترشدا بالنظر المقاصدي إلى نسخ التأصيل السياسي والفكري لنظريات الصبر والنصح للحكام، والإتيان بما هو خير منها أو مثلها في حالات لها من التناسب ما يفيد ضرورة وحتما. وقد استصحبت تلك المتغيرات العظمى تطورا في الآليات العقلية والاجتماعية تسهم في هذا الاتجاه، ونتصور أن من أعقد تلك الإشكالات إلحاحا في العرض والبحث القضايا الحساسة الآتية:
1 – جدلية السلطة والدولة في الفكر السياسي الإسلامي
2- فقه الثورات في السياق المقاصدي
3- فقه التغيير ومناهجه، رؤية مقاصدية
4- البعد المقاصدي للدولة المدنية
5- جدلية الدعوي والسياسي في الفكر السياسي الإسلامي
6- قراءة في نظرية الصبر في الفكر السياسي
7- إشكالية التداول على السلطة في الفكر السياسي
وعليه، فإن الجمعية تدعو كافة الباحثين والكتّاب للإسهام معنا في إعداد الكتاب الثاني من السلسلة، مع الالتزام بشروط البحث العلمي الجاد والرصين، وهذه عناوين التواصل:
s.makassed@yahoo.com
212668.68.60.93/212672.40.99.58
المصدر : https://dinpresse.net/?p=2929