نظمت الهيئة العليا للتنسيق في الدراسات الإسلامية بالجامعة المغربية بتنسيق مع جامعة القرويين كلية أصول الدين بتطوان وجامعة عبد الملك السعدي كلية الآداب والعلوم الإنسانية شعبة الدرسات الإسلامية وجامعة عبد الملك السعدي المدرسة العليا للأساتذة شعبة الدراسات الإسلامية (الملتقى الوطني الأول لأساتذة العقيدة والفكر والحضارة والأديان بالتعليم العالي) وذلك يومي 19 و20 ذي الحجة الموافق لـ 25و26 أكتوبر 2013م بكلية الآداب والعلوم الإنسانية والمدرسة العليا للأساتذة مرتيل تطوان.
عرف اليوم الأول أشغال الجلسة الافتتاحية بقاعة الندوات العميد د.محمد الكتاني حيث برئاسة الدكتور العربي بوسلهام افتتحت الجلسة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها الأستاذ الأمين بوخبزة أعطيت كلمة الترحاب بعدها للسيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ورئيس جامعة عبد الملك السعدي بتطوان قدمها بالنيابة عنهم الكاتب العام أشار فيها إلى أن هذا الملتقى يندرج في سياق الوقوف عند الحصيلة التي راكمتها شعبة الدراسات الإسلامية طيلة ربع قرن في سياق زمني وحضاري يطرح تساؤلات حول إمكانات النهوض بالجامعة وتساؤلات حضارية عن الإنسان ما بعد الحداثة وسؤوال الهوية وغيرها من الأسئلة الفرعية.
مشيرا أيضا إلى أن هذا الملتقى يكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى هذه المبادرة الرامية إلى تحسين جودة التعليم من منطلق المسؤولية والمشاركة، وخلق أرضية توافقية لتوصيف المواد وتحديد المناهج، وعبر من خلال كلمته أن شعبة الدراسات الإسلامية ما فتأت تعرف تطورا منذ تأسيسها وأنها استطاعت أن تفرض نفسها وتجد لها موقعا بين الشعب الأخرى، كما نوه بأهمية البحوث النوعية والأعمال التي أنجزت في جميع المستويات وهذا يرجع حسب قوله إلى جهود الأساتذة ورؤساء شعبة الدراسات الإسلامية.
وفي كلمة عميد كلية أصول الدين بتطوان والتي ألقاها بالنيابة عنه الدكتور محمد الشنتوف جاء فيها أن كلية أصول الدين هي أقدم كلية في المغرب وتهتم بالعلوم الإسلامية ولها تجربة في التأطير والبحث العلمي والبيداغوجي طيلة خمسين سنة حيث وجهت المجتمع المغربي وتخرج منها مجموعة من العلماء والباحثين والموثقين وهي تواكب التطورات وما جد من أحداث بهدفها الأسمى الذي هو تكوين الإنسان المسلم المتشبع بالدراسات الإسلامية والقادر على تحقيق المقاصد الشرعية تمثلا وتنزيلا وكلية أصول الدين حسب كلمة العميد تتوفر على باحثين متخصصين في العقيدة والفكر وهم مستعدون للتعاون مع إخوانهم في شعب الدراسات الإسلامية لعلاج الضعف القائم في ذلك.
وفي كلمة مدير المدرسة العليا للأساتذة والتي ألقاها بالنيابة الدكتور سعيد القنطري ورد فيها أنه لا يخفى على الجميع التطورات والتحولات الجديدة التي تؤسس لقيم الشراكة والحكامة بهدف تحقيق وتجديد الهياكل والمؤسسات لإصلاحها قصد تحقيق التنمية المستدامة، فمؤسسة الجامعة هي قاطرة التنمية إذا كانت تعيش وتلامس واقعها، ومن ثم فرئاسة الجامعة قد فتحت أوراشا كبرى من خلال التوجهات المهنية والتخصصات التقنية والعلمية على مستوى الإجازة والماستر، والدكتوراه في القريب العاجل، كما انفتحت على محيطها وعلى الفاعلين المحلين ومدبري الشأن المحلي بعقد عدة شراكات، وعليه فالمدرسة العليا للأساتذة تضع خبرتها وتجربتها رهن الجميع في خدمة الهندسة البيداغوجية والمناهج.
أما كلمة اللجنة التنظيمية للملتقى فألقاها الدكتور محمادي بوشعيب منسق مسلك الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان تحدث فيها عن حيثيات اختيار مدينة تطوان لتنظيم هذا الملتقى باعتبارها معبر إلى العالم الغربي ونقطة تواصل بين الحضارة الإسلامية والحضارات الغربية والبشرية كلها، وأن الأعمال المتعلقة بموضوع هذا الملتقى هي حساسة وجديرة بالعناية (العهقيدة/الفكر/الحضارة/ الأديان) مؤكدا على ضرورة إستنادها إلى الأصول الكتاب والسنة.
بعدها ألقى الدكتور العربي بوسلهام كلمة الهيئة العليا للتنسيق في الدراسات الإسلامية بالجامعات المغربية باعتباره منسقا لهذه الهيئة حيث تطرق في كلمته إلى العرض التاريخي لنشأة الهيئة واجتماعات أساتذة الفقه والأصول والمقاصد بمدينة فاس، وأساتذ القراءات القرآنية بمكناس، وأساتذة القرآن الكريم بمدينة طنجة، وأساتذة الحديث وعلومه بدار الحيث الحسنية بالرباط والآن أساتذة العقيدة ولافكر والحضارة والأديان، كل ذلك من أجل توحيد البيداغوجية وبلورة مشروع للدراسات الإسلامية، وأن هذا الملتقى يأتي لتنزيل مضامين خطاب ثورة الملك والشعب لـ 20 غشت2013م لوضع برنامج متكامل لمسلك الدراسات الإسلامية في مستوى التحديات التي نواجهها تنسيقا مع الوزارة الوصية ومن له إعداد البرامج وتعاونا مع أصحاب القرار للخروج من نفق الأزمة التعليمية سعيا لتطوير وتجديد برامجنا كل في تخصصه وتجديد مناهج التدريس لنرخج في النهاية حسب قوله إلى نتائج مهمة.
بعدها أعطيت الكلمة لرئيس المجلس العلمي المحلي بتطوان الأستاذ عبد الغفور الناصر والتي تحدث فيها عن حيثيات تأسيس شعبة الدراسات الإسلامية بالجامعة المغربية وما كان له من دور آنذاك وما قدمه من مقترحات لوزير التربية الوطنية حينها الدكتور محمد بنهيمة بمدينة تطوان حيث كان يشغل منصب مساعد مندوب التربية الوطنية المكلف بالتعليم الأصيل بالشمال وبعد هعرضه التاريخي لمحاولات إحداث شعبة الدراسات الإسلامية أكد على أن هذه الشعبة هي القادرة على الحفاظ على الخصوصيات المغربية وترسيخ الهوية الإسلامية المغربية عقيدة ومذهبا وسلوكا الذي يعد راس مالنا وهو الذي خدم وحدتنا وهو السر في بقاء المغرب على هذا التلاحم والتماسك تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
بعد هذه الجلسة الافتتاحية تم افتتاح الجلسة الأولى حيث كان محورها:(الأسس البيداغوجية لمنهاج تدريس العقيدة والفكر الإسلامي والحضارة بالتعليم العالي) ترأس الجلسة الدكتور أحمد مونة منسق مسلك أصول الدين والتواصل الحضاري بكلية أصول الدين بتطوان.
فكانت المداخلة الأولى للدكتور محمد الأمين بوخبزة أستاذ الفكر الإسلامي والفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان قدم فيها مقترحات تتعلق بمادة العقيدة والفكر وهي المداخلة التي كان قد قدمها بجامعة القاهرة سنة 1987م وهي بحسب قوله لم تفقد راهينيتها في الوقت الحاضر مما جاء فيها ضرورة العرض العلمي والمنهجي الهادف للتصورات والمفاهيم العقدية كما عرضهما الكتاب والسنة مع التركيز على خصائص الشريعة، وضرورة التحديد العلمي الدقيق لمصطلح الفكر الإسلامي والدراسات الإسلامية، ضرورة التحديد العلمي للمصطلحات الوافدة والمستلبة لهويتنا، وضرورة تحديد موقف علماء السلف من تجربة الضياع والإذلال التي عاشها الفكر الإسلامي عندما حاد عن المنهج الرباني.
بعهدها قدمت الدكتورة مريم آيت أحمد أستاذة علم الأديان المقارن والفكر الإسلامي والحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة كلمة بحرقة على مادة الدراسات الإسلامية في الجامعات المغربية حرقة استقتها بحد قولها من حرقة هذا الرجل الفذ(محمد بلبشير الحسني) الذي أسس شعبة الدراسات الإسلامية مشروعا فكريا يقدم الإسلام في إطار المنافسات العالمية، متسائلة عما قدمناه في شعبة الدراسات الإسلامية منذ تأسيسها، هل طورناها أم حولناها إلى علوم عتيقة؟، هل أخرجنا الفقيه المنفتح على الحضارة الإسلامية القادر على إيصال هذه الدعوة بخصائصها وتميزاتها للآخر أم العكس؟ خصوصا وأن العالم موجه نحو الإسلام ودراسته ومن ثم كانت ضرورة العمل على تكامل المعارف والعلوم والتنشئة الدينية السليمة مدخلا استراتيجيا لتطوير الدراسات الإسلامية، مؤكدة على ضرورة خلق مواد جديدة تعكس الحضارة الإسلامية في قيمها العالية وقدرتها على إصلاح البلاد والعباد مثل علم الاجتماع الديني والإعجاز العلمي والتشريعي وغيرها من المواد… ومتسائلة عما جنيناه جراء حذف مواد السيرة النبوية والمقاصد وحاضر العالم الإسلامي والإعجاز العلمي، وأكدت أننا نواجه الآن مشاريع تغريبية كبرى كالمشروع الصهيومسيحي والتنصير في آسيا وإفريقيا فهل أعددنا (تقول متسائلة) العالم والداعية بمواصفات العصر لمواجهة هذه المشاريع.
بعدها أعطيت الكلمة للدكتور محمد أوغانم رئيس شعبة الدراسات الإسلامية والمسؤول عن ماستر العقيدة الإسلامية: علوم وحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان جاء فيها أننا نعيش اليوم إشكال الإصلاح وقد تدخلت فيه السياسة والاقتصاد في الوقت التي كان ينبغي أن يكون تدخلهما بالمساعدة والدعم لتصورات الهوية اللغوية والتاريخية والعقدية لا غير، وأن يكونا في حياد عن مجال التربية والتكوين إذا أردنا النهوض بهما، ثم قدم تصورات لتطوير الدرس العقدي بكلية الآداب من خلال تجربة ثلاثين سنة تمحوت حول أسئلة وغايات التربية وهي: ضرورة تحديد المكان الجغرافي (أين نوجد؟) وتحديد الغاية (ماذا نريد؟) وسبل الوصول إليها (ما المنهج؟) ومع من سنتواصل؟ (تحديد طبيعة المادة وكيفية تلقينها والإلمام بخصائص الجيل الجديد) ومن ثم أكد على ضرورة وجود الأستاذ المبدع مع المادة ومع القاصدين إلى شعب الدراسات الإسلامية. فبهذا التحديد يقول الدكتور نستطيع أن نقدم الإسلام في تصوره العالمي الكوني.
أخذ الكلمة بعده الدكتور جمال علال البختي أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بتطوان حيث قدم ورقة بعنوان (علم الكلام في العالم العربي: التاريخ الواقع والآفاق) استهلها بالحديث عن أهمية العقيدة وآثارها باعتبارها عامل حاسم في النهضة والتقدم الاجتماعي والاقتصادي والمادي والحضاري للأمة الإسلامية بل للإنسانية ككل، كما قدم في ورقته توصيفا لحالة الدرس العقدي في الجامعات العربية (تقليدية وعصرية) في جانبيه الأساسين المتعلقين بالبعد العلمي الرسالي ثم البعد التعليمي/التعلمي الرسمي، وذلك بالكشف عن الأعمال العلمية الكلامية في تطورها، وعن المناهج التأليفية المعتمدة، ثم بالوقوف المقتضب مع المنهجيات الديداكتيكية المنتهجة في تدريس مادة العقيدة في مؤسساتنا التعليمية العربية. وقد أسهمت ورقته بتقديم مقترحات متعددة تتعلق بالمواضيع والمناهج والوسائل والوظائف المتعلقة بتطوير البحث والدرس العقديين، أملا منه في النهوض بهذا الجانب الخطير، والسير قدما بهذه المادة العلمية التي تعد أم العلوم الشرعية.
ومن النتائج التي خلص إليها في ورقته أن تدريس العقيدة بالجامعات العربية يعاني من أزمة مركبة: فهناك أزمة عامة تتعلق بتخلف الأنظمة الدراسية في عالمنا العربي – مع التفاوت في درجة التخلف من دولة لأخرى-، وهناك أزمة تتعلق بانتماء هذه المادة أو المكون المادوي إلى نوع العلوم المسماة جامعيا بالعلوم الإنسانية، وهي من حيث التصنيف التعليمي الداخلي تأتي في مراتب أدنى من العلوم التجريبية، أو العلوم المهنية، أو التقنية، أو الاقتصادية، التي رصدت لها إمكانات متميزة في ميزانيات الدول العربية بدعوى الفعالية والجدوى والمساهمة في التنمية الوطنية،…أما أزمة مادتنا الثالثة فتتجلى في مرتبتها حتى بين العلوم الشرعية، إذ حكم عليها تجريدها وارتباطها بالمنطقيات والتقديرات الذهنية، ثم المنحى النظري السماوي غير العملي الذي دفعها إليه منهج المشتغلين بها، إلى البقاء في مؤخرة المواد التي ترتجى طلابيا، وتطلب للتخصص والتفرغ الدراسي عند المتلقين.
ومن ثم دعت الضرورة حسب الدكتور إلى المراجعة والتصحيح وتقديم رؤى تقويمية يعتقد فيها النجاعة، والوفاء لمادة علم الكلام والعقيدة، لأنها أشرف العلوم الشرعية، وصمام أمان هوية الأمة، وإجابة على سؤال كيف السبيل إلى التجديد قدم الدكتور سبعة مقترحات لتطوير البحث والدرس الكلاميين.
بعدها قدم الدكتور توفيق الغلبزوري رئيس شعبة أصول الدين وتاريخ الأديان والمنسق البيداغوجي لسلك الماستر بكلية أصول الدين كلمة عبر فيها عن ضرورة تجاوز الفصام النكد المصطنع بين جامعة القرويين وشعب الدراسات الإسلامية، وهو فصام ينبغي ألا نستدرج إليه بحسب قوله، مؤكدا على أنه لا يمكن أن يكون هناك فكر إسلامي إذا لم يكن هناك تشبع وري من علوم الشريعة، وأن إعادة الفكر الإسلامي بصراعاته القديمة هو مضيعة للوقت وتلويث لأفكار الطلبة وعقيدتهم، ومن ثم كانت الضرورة إلى علم كلام جديد يستطيع إقناع العالم بالإسلام ويواجه المنظومات الفكرية والتيارات الحديثة كالتنصير والتشيع.
بعده قدم الدكتور سعيد القنطري ورقة و الدكتور خالد الصمدي حول(الضوابط البيداغوجية في الدراسات الإسلامية) وهو مشروع حظي بالقبول من لدن الوزارة حسب تصريحه ومن ثم عرض لأهداف التكوين ومنافذه والخطة الدراسية والوصف الإجمالي للتكوين، وأن سبب نزول هذه الضوابط البيداغوجية هو تعرف الوزارة على تلك المواد التي تدرس داخل الفصول.
أخذ الكلمة بعدها الدكتور يوسف كلام أستاذ مادة علم الأديان المقارن بدار الحديث الحسنية بالرباط حيث تحدث عن تجربته الشخصية في تدريس علم الأديان بدار الحديث الحسنية مؤكدا على ضرورة إعادة تدريس علم الأديان بربطه بالعلوم الشرعية الأخرى.
وختاما تدخل الأستاذ محمد بورباب أستاذ علوم الحياة والأرض ورئيس هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بشمال المغرب بورقة حول (أهمية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في الدراسات الإسلامية) مؤكدا على ضرورة تدريس الإعجاز العلمي خصوصا وأننا نواجه تحديات إقتصادية واجتماعية وسياسية، وأنها مادة يستلزم إدخالها لمستوى الجامعة، واضعا تجربته في مجال الإعجاز العلمي في إطار هيئة الإعجاز العلمي في القرآن رهن الإشارة من أجل تطوير مسلك الدراسات الإسلامية بالجامعة المغربية.
وبهذه المداخلة كان ختام أشغال اليوم الأول بالملتقى الوطني الأول لأساتذة العقيدة والفكر والحضارة والأديان بالتعليم العالي أما اليوم الثاني فقد عرف جلسات مغلقة ضمت أوراشا تطبيقية حيث خصصت الورشة الأولى لمحور العقيدة والثانية لمحور الفكر والثالثة لمحور الحضارة والرابعة لمحور الأديان
وفي نهاية الملتقى سيتم قراءة تقارير الورشات ومناقشتها والمصادقة عليها وقراءة توصيات الملتقى وكذا قراءة برقية ولاء ومحبة إلى أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
Source : https://dinpresse.net/?p=2810