منذ سنوات تتحدث الاوساط الاجتماعية عن وضع العلاقات بين الجنسين والمثليين وتؤكد انها تتعارض والثقافة الدينية المتشددة للحكام في ايران، وتصف هذا الوضع بالثورة الجنسية لاتساعها وتفاقمها في المجتمع الايراني. خاصة وانها تحدث في مجتمع حاول قادته السياسيون والدينيون، بدءا من اية الله الخميني، مرورا بالحوزات الدينية، ووصولا الى اية الله علي خامنئي ان يقيموا يوتوبيا دينية لا يوجد فيها اي انحراف جنسي كما هو موجود في الغرب، حسب تعبيرهم.
ثورة جنسية غيرمسبوقة
ونشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية على موقعها الاخباري دراسة تحليلية تحت عنوان “ايران في خضم ثورة جنسية غيرمسبوقة، لكن هل تستطيع ان تؤدي الى اسقاط النظام في البلاد في النهاية؟” بقلم افشين شاهي استاذ السياسة في الشرق الاوسط والعلاقات الدولية في جامعة “اكستر” البريطانية، جاء فيه: “يقول هذا الخبير انه بعيدا عن تقييمنا الايجابي او السلبي للتحولات العميقة في ساحة العلاقات الجنسية في ايران، لا يوجد ادنى شك في ان هذه التطورات الواسعة والعميقة تثير الاستغراب الحاد ليس لدى النظام السياسي والمعايير الثقافية والايديولوجية المهيمنة على المجتمع الايراني وحسب، وانما ايضاً لدى الايرانيين انفسهم.
ويقول موقع “راديو فردا” الفارسي ان من الصعب جدا الحصول على معلومات مستقلة وموثقة حول العادات والسلوك الجنسيين للايرانيين. لكن وفقا للاحصاءات الحكومية، انحسرت نسبة المواليد خلال العقد الاخير، ما يؤكد الاستخدام الواسع لوسائل منع الحمل في ايران. وقد بلغت نسبة النمو السكاني في ايران نحو 4 في المائة عام 1988 فيما هبطت الى 1.2 في المائة عام 2012. كما ارتفع معدل سن الزواج من 20 الى 28 سنة اذ تتزوج النساء حاليا في ايران بين سن 24 – 30 سنة وهو اقل بـ5 سنوات قياسا بالعقد السابق. ويشكل العزاب نحو 40 في المئة من عدد الذين بلغوا سن الزواج، وقد تضاعفت نسبة الطلاق 3 مرات خلال الاعوام العشرة الاخيرة.
وترتفع نسبة الطلاق او استمرار الحياة العزوبية في المدن الكبرى كطهران. فعلى سبيل المثال تساوي نسبة الطلاق في مدينة طهران تقريبا متوسط نسبة الطلاق في بريطانيا، أي نحو 40 في المائة. ولم تتوقف هذه العملية، اذ تؤكد احصاءات العام الايراني الحالي (بدأ من 20 آذار/مارس 2013) ان نسبة الطلاق تتصاعد، ونسبة الزواج تنحسر.
الثورة الجنسية في ايران هل تطيح بالنظام الحالي؟
ويضيف افشين شاهي في مقاله ان التغيرات الملحوظة في موضوع الزواج تتزامن والتحولات العميقة في العادات والسلوك ونظرة ابناء الطبقة الوسطى في ايران الى العلاقات الجنسية والحب. فوفقا لإحصاءات وزارة الشباب في ايران اكد معظم الذكور الذين ردوا على استطلاع رسمي في العام 2008 انهم مارسوا الجنس مع الجنس المخالف على الاقل مرة قبل الزواج.
كما تتمثل احدى تداعيات هذا التغيير في تصاعد عدد حالات الحمل غير المرغوب فيه والاجهاض، اذ بلغ الاجهاض في العام 2008 وفقا للاحصاءات الحكومية 13 في المائة من العلاقات بين الجنسين قبل الزواج الرسمي.
وبالتزامن مع هذه التطورات، تحولت الدعارة الى قطاع خدمات واسع واصبحت العلاقات الجنسية ازاء المال سهلة جدا قياسا بالزمن الماضي. فقبل 10 سنوات اعلنت صحيفة “انتخاب” في مقال تحليلي لها ان هناك 85 ألف عاهرة تعمل في مدينة طهران فقط. ولا توجد اي دراسة او احصاءات حول نسبة رواج الدعارة في القرى والمدن الصغرى، لكن هذا لا يعني انها اقل رواجا من المدن الكبرى.
ويعزو مقال اسبوعية “فورن بوليسي” اسباب تغير السلوك الجنسي للايرانيين الى الظروف الاقتصادية وتوسع المدن وتطور تكنولوجية الاتصالات وارتفاع معدل مستوى التعليم للنساء ودخولهن الى سوق العمل وامكانياتهن لإعداد حياة مستقلة.
وقياسا بسائر الدول الاسلامية في المنطقة، تكمن خصوصية ايران في ان الشباب الايرانيين باتوا بعد 35 عاما من سلطة النظام الديني وفرض تقاليد مشددة على اجيال بعد الثورة يعتبرون التغيير في حياتهم الخاصة ومنها العلائق والعادات الجنسية نوعاً من المقاومة السرية امام هذا النظام، وهم يحاولون بعصيانهم هذا أن يشككوا في شرعية الحكم الايراني. ومما لا شك فيه ان استمرار الثورة الجنسية في ايران سيؤدي إلى إضعاف النظام الحاكم في البلاد.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=1899