أعلن وزير الشؤون الدينية التونسي نور الدين الخادمي أن نشر “الوهابية” في بلاده التي تعتنق اسلاما سنيا على مذهب الإمام مالك وعقيدة الامام الاشعري “أمر مرفوض”.
وكثر الجدل بشان المذهب الوهابي في تونس، بعد تصاعد حدة الصدام بين مختلف مكونات المجتمع والدولة التونسيين وتيار “أنصار الشريعة” السلفي المتشدد المقرب من تنظيم القاعدة، والذي لا يتوانى عن تكفير المخالفين له في مشروعه الديني حتى ولو كان إسلاميا لا يتبنى مقولات محمد بن عبدالوهاب في فهمه المشدد للشريعة الإسلامية.
ويقول مراقبون إن حزب النهضة الذي ينتمي إليه الوزير الخادمي، لم يحرك ساكنا لمواجهة غول السلفية الجهادية والوهابية رغم تحذيرات كثيرة طيلة السنتين الماضيتين، إلا لما أصبح هو نفسه مستهدفا من التيارات الدينية التكفيرية.
وقال الوزير في مؤتمر صحافي بمقر الوزارة ان “الوهابية حركة فكرية اجتماعية إصلاحية جاءت منذ عقود في بيئة (أرض) الحجاز، وكانت تعبر عن ذلك الواقع، وقامت بدورها وأخفقت فيما اخفقت فيه، واستنساخ هذه الحركة في واقع آخر (تونس) لا يقول به أي عاقل”.
ويعتبر هذا اول نقد علني وصريح يوجهه مسؤول في حكومة النهضة الإسلامية للمذهب الديني الرسمي للمملكة السعودية ومن ثمة للسعودية نفسها.
وتحاشت حكومة النهضة في كل مرة توجيه أي انتقاد للسعودية ولنظامها السياسي او لمذهبها الديني رغم انها ترفض تسليم الرئيس التونسي الاسبق زين العابدين بن علي للسلطات التونسية التي تطالب به لمحاكمته في عدد من القضايا متهم بها.
ويرى محللون ان تونس ظلت تأمل في أن تتدفق عليها الاستثمارات السعودية لذلك عملت على الا تثير غضب الرياض، لكن انتقاد الوزير التونسي للمذهب الوهابي والذي من شأنه ان يثير حفيظة رجال الدين في المملكة يكشف عن يأس السلطات التونسية من أي خطوة سعودية لدعم اقتصادها المترنح بأي شكل من الأشكال.
وأضاف ان تونس “لها خصوصياتها الدينية فهي سنية على مذهب الامام مالك وعقيدة الامام الاشعري” و”ليست بلدا طائفيا” لافتا الى ان “الوحدة المذهبية (في بلاده) جزء من الوحدة الوطنية”.
ونفى الوزير ان يكون ومعاونوه في وزارة الشؤون الدينية “وهابيين” مثلما تتهمهم وسائل إعلام محلية.
وردا عن سؤال حول نشر جهات اجنبية “التشيع” في تونس، قال الوزير أن “إحلال” أو “فرض انماط (مذهبية) جديدة (..) مرفوض”.
وتقول وسائل اعلام ومعارضون ان أئمة مساجد ونشطاء يعملون تحت غطاء جمعيات دينية وخيرية يتلقون تمويلات “ضخمة” من جهات سعودية وأخرى إيرانية لنشر الفكر الوهابي والشيعي في تونس.
وفي 2012، قال الداعية بشير بن حسن المقرب من حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، والذي تابع تعليمه الديني في السعودية ان “من مات على عقيدة الاشاعرة ختم له بسوء” لأنها “عقيدة أهل البدع” على حد قوله.
وأثار هذا التصريح استياء بالغا في صفوف مشائخ جامع الزيتونة التونسي الذين قرروا منع دعاة “الوهابية” من دخول الجامع.
وأعلن حسين العبيدي شيخ جامع الزيتونية مؤخرا ان الوهابية تمثل خطرا على تونس لأنها تقوم على “التكفير” و”التبديع” أي تصنيف كثير من عادات التونسيين ضمن “البدع”.
وتتهم وسائل اعلام ومعارضون وشيوخ جامع الزيتونة بشير بن حسن بـ”نشر الوهابية” في تونس وهي اتهامات ينفيها عن نفسه باستمرار.
وفي 2012 أعلنت جماعة “أنصار الشريعة” السلفية الموالية لتنظيم القاعدة في احد اعداد مجلتها الشهرية “الوعد” ان عقيدة الاشاعرة عقيدة “ضلالة” و”بدع”.
ويحذر باحثون اجتماعيون من ان نشر الوهابية والتشيع في تونس قد يؤدي على الامدين المتوسط والبعيد الى “ضرب الوحدة المذهبية” التي تميزت بها تونس منذ دخول الاسلام اليها قبل نحو 14 قرنا.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=1662