بوهندي يثير خصومه بنفيه العصمة عن الأنبياء

دينبريس
2019-11-02T11:40:05+01:00
صحافة وإعلام
دينبريس22 مايو 2013آخر تحديث : السبت 2 نوفمبر 2019 - 11:40 صباحًا
بوهندي يثير خصومه بنفيه العصمة عن الأنبياء

د. مصطفى بوهندي في برنامج مباشرة معكم
د. مصطفى بوهندي في برنامج مباشرة معكم
أثارت تصريحات جديدة للدكتور مصطفى بوهندي لجريدة هسبريس الإلكترونية، حول نفيه العصمة عن الأنبياء موجة جديدة من الهجوم عليه، وبلغت التعليقات على تصريحاته أكثر من 455 تعليقا، فيما جاء رد الدكتور مولاي عمر بنحماد، يحمل الاتهام لبوهندي بحب الشهرة، ورد أحمد الشقيري الديني بمقال كان عنوانه: “عن عصمة الأنبياء وجهل بوهندي”، فيما كان أول مقال يعقب على التصريحات للأستاذ عبد السلام أجرير: “رويدكم! فالعصمة ثابتة للأنبياء”.

القرآن يذكر أخطاء للأنبياء
ينطلق الدكتور مصطفى بوهندي، أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في حديثه عن مسألة عصمة الأنبياء من أن “القرآن الكريم لم يحدثنا ولا الكتب المقدسة من قبله عن هذا الأمر، وإنما ذكروا لنا مجموعة من أخطائهم أو إمكانية وقوعهم في الخطأ”، ليقول: “عصمة الأنبياء دعوى لا أساس لها من الصحة، سواء على مستوى النصوص المؤسسة أو على مستوى الواقع”.
في تفاصيل استدلاله عن رأيه يستشهد بوهندي بقصص الأنبياء في القرآن، منها “عصيان آدم في أكله من الشجرة المحرمة، وخطأ نوح في طلبه المغفرة لأبنه، وخطأ إبراهيم في الاستغفار لأبيه، وإمكانية سقوط يوسف في كيد النساء حتى أنه فضل السجن على البقاء معهن، إذ قال: (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين)، فصرف الله عنه كيدهن بإدخاله للسجن بضع سنين”.

النبي عليه الصلاة والسلام بشر
بوهندي لا يستثني من هذه القاعدة النبي صلى الله عليه وسلم، ويذكر من الآيات القرآنية التي تتضمن نفي العصمة عن النبي عليه الصلاة والسلام، قوله عز وجل: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)، (واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك)، (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا)، (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات، ثم لا تجد لك علينا نصيرا)، والنصوص عديدة.
ويقول بوهندي بأن هذا الاعتقاد الذي يخالف نصوص الوحي ترتب عنه أخطاء قاتلة، وهو غلط عظيم نتج عن الغلو في الدين والقول على الأنبياء غير الحق، وبه لم يعد الأنبياء بشرا، وأصبحوا في مرتبة بين الآلهة الذين لا يخطئون ومرتبة البشر الخطائين؛ وأصبحوا بذلك غير صالحين للاقتداء والتأسي، وأصبح سهلا على كثير من الناس اعتبار الأنبياء صنفا آخر غير بشري، ولا يمكن اتخاذهم نموذجا أو مثلا.

عبد السلام أجرير: العصمة ثابتة للأنبياء
كان اول رد على تصريحات بوهندي مقال للأستاذ عبد السلام أجرير، نشرته هسبريس بعد ساعات، حاول فيه الرد على “كثير من الأخطاء الفكرية والمنهجية” لأحد الباحثين المغاربة على جريدة “هسبريس” ينكر فيه عصمة الأنبياء، على حد تعبيره.
بدأ الباحث بالتساؤل عن معنى العصمة، وقال: “لم يُعرّف لنا صاحب المقال ما الذي يقصده بالعصمة؟ فإن كان عدم الخطأ بصفة نهائية فلا نعلم أن أحدا من أهل العلم قال بهذه العصمة، وإنما هذه للملائكة لا للأنبياء”، وعلق بقوله: “وأظن أن الباحث يفهم معنى العصمة على هذا الوجه، فهو يرد على فهمه هو، لا على ما سطره العلماء في مفهوم العصمة”.
بالنسبة لـ”أجرير” فعصمة الأنبياء في مفهوم العلماء يقصد بها شيئين:
أ- أن الله يعصم أنبياءه ويُحيل بينهم وبين الخطأ في التبليغ، فلا يُتصور أنّ نبيا قد أخطأ في تبليغ شرع الله للناس، سواء عن عمد أو عن سهو ونسيان. ولذلك لما كان عليه السلام يعجل إلى تكرار ما أنزل عليه خوفا من نسيانه قال له تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة:17]. ولا يستطيع مسلم أن يقول إن نبيا من الأنبياء أخطأ في تبليغه لآية ما من كلام الله، أو أنه أخطأ في تحريم حرام فأحله، أو تحليل حلال فحرمه. وإلى يكون كلامه محض سخف ظاهر، فهذا حصل عليه الإجماع، ولا يُتصور وجوده في الأنبياء.
ب- والمعنى الثاني للعصمة أن الله يعصم أنبياءه من تعمد الخطأ، وهذا يعني أنه يستحيل أن يخطط النبي لفعل الخطأ ويقصده، وهذا الفعل بشع سمج من الناس العاديين فكيف بالأنبياء عليهم السلام؟.

الأنبياء أخطئوا لكن من غير عمد
واستدرك أجرير بقوله ” أما ما صدر عن بعض الأنبياء فهو من باب الخطأ غير العمد، أو من باب الصغائر التي لا تحط من قيمة العصمة”. وبناء عليه يشرع في توجيه الآيات القرآنية التي استشهد بها بوهندي على نفي عصمة الأنبياء.
يعجب الإنسان حقا كيف لمن يدعي أنه مسلم عارف بالدين أن ينظر نظرة احتقار للأنبياء، فبدل أن ينافح عنهم وأن يظهر فضلهم وعلو مكانتهم، يروح إلى التقليل والتحقير من شأنهم، وهذه علامة خذلان نعوذ بالله منها.
ويخلص إلى القول بأن “الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من تعمد الخطأ كيفما كان نوعه؛ جليلا أو حقيرا. فهم عليهم السلام لم يعصوا الله عن سابق إصرار وترصّد كما يفعل معظمنا. ومن رجع إلى قصصهم يرى ذلك بوضوح. ثم إن ما صدر منهم عليهم السلام كان عن غير عمد كما رأينا مع موسى وآدم عليهما السلام”، متخوفا من أن “نفي العصمة عن الأنبياء مقدمة لنفي النبوة”.

بنحماد يستنجد بالقانون
يتهم الدكتور مولاي عمر بنحماد، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، نية بوهندي فبالنسبة له فالرجل “يسعى إلى نيل بعض الشهرة بخرجاته المثيرة للجدل”، وفق ما نقلته عنه هسبريس.
واستند بنحماد، وهو أستاذ علوم القرآن والتفسير بجامعة المحمدية، في حديثه عن هاته المسألة العقدية إلى الإجماع، وقال بأن بوهندي “خالف إجماع العلماء” بادعاءاته تلك التي رمى فيها الأنبياء، وعلى رأسهم نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعدم العصمة.
ويعزو بنحماد خوض بوهندي في هذه المسألة إلى غياب “قانون يُجرم استهداف الشعائر الدينية، أو النيل من الأنبياء والرسل والرموز الدينية”، مبرزا بأنه “لو كان هناك قانون يُجرم الإساءة إلى الدين لعدَّ الرجل كلماته، ولما استطاع أن يتفوه بشيء من ذلك”.

الشقيري: هذه زلة بوهندي
في رده الذي  توصلت به “دين بريس”، يلفت أحمد الشقيري الديني، إلى مسألة اعتبرها “زلة” للدكتور مصطفى بوهندي “لازمته منذ خرجاته الأولى في نقد التراث ومناهج المفسرين”، وهي أنه “من حق الجميع أن يتكلم في الدين، أميا كان أو عالما”،  وعلق الشقري عليها بان “هذا منهج خطير في التعامل مع نصوص الدين”.
ويضيف: “إن إصرار الدكتور مصطفى بوهندي على أن يرفع الفقهاء والعلماء أيديهم عن العامة، وخصوصا منهم الشباب، ويتركوا لهم الفرصة ليبحروا في لجج الدين دون فقه ويواجهوا أمواجه المتلاطمة دون معرفة بفن السباحة، لهو أكبر خطر على المجتمعات الحديثة، في زمان الصحوات الدينية التي تجتاح العالم”.

عن عصمة الأنبياء
يرجع الشقيري للرد على بوهندي إلى كتاب “الشفا بتعريف حقوق المصطفى”، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي، معتبرا أن “هذا الكتاب الجليل تطرق لمسألة عصمة الأنبياء في القسم الثالث من الكتاب”.
ونقل الشقيري  أن  القاضي عياض صدّر الباب الأول من هذا القسم بقوله: “والنبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان من البشر، ويجوز على جبلته ما يجوز على جبلة البشر، فقد قامت البراهين القاطعة وتمت كلمة الإجماع على خروجه عنهم، وتنزيهه عن كثير من الآفات التي تقع على الاختيار، وعلى غير الاختيار، كما سنبينه إن شاء الله تعالى فيما نأتي من التفاصيل”.
وفي خلاصة مقاله يكتب أحمد الشقيري الديني: “وبهذه العقلية الأصولية الفذة بيّن القاضي عياض أقسام أفعال النبي وأقواله وتقريراته، مما هو فيه معصوم من الخطأ، أو ما يجري عليه فيه ما يجري على سائر البشر من سهو أو نسيان أو خطأ، وحكم ذلك كله، وتوجيه النصوص الموهمة بنفي العصمة عنه أو عن غيره من الأنبياء”.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.