أكثر الأستاذ أحمد عصيد في الآونة الأخيرة من الخرجات الإعلامية بمناسبة وبدون مناسبة، محاولا بذلك تقمص دور المنظر لفكر “تنويري” ضد واقع ينخره ــ في نظره ــ الجهل والتقليد، الرجل وزع شطحاته بين مواضيع متعددة ، ومع احترامنا له كباحث أكاديمي، فإننا نلاحظ أنه يريد أن يجعل من نفسه عن طريقها حامل لواء تكسير الطابوهات، حتى يملأ الدنيا ويشغل الناس ويحتل العقول والألسنة، ويستغل سهام النقد الطائشة ليظفر بتكفير وإخراج من الملة، ويروج من ثمة لنفسه كأحد أعمدة الفكر التي يهددها “الفكر الديني الظلامي المتطرف”، ويحاصرها الإرهابيون من كل جانب.
وكما هو حال الأقزام حينما يجدون أنفسهم تحت الأقدام، ولا تجديهم شيئا محاولة الاشرئباب إلى أعلى ورفع الأيادي وسط ذوي القامات السامقة، فيعمدون إلى الصياح أو الإتيان بفعل يثير الأنظار ليلتفت إليهم الآخرون ويستشعرون وجودهم، رفع عصيد عقيرته وتطاول على خير البشر محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، واصفا إياه بإرهابي صاحب رسائل إرهابية، لا يجوز في نظره بأي حال من الأحوال إطلاع الناشئة عليها في مدارسنا مخافة أن يتشبعوا بفكر العنف والإرهاب!!!، وهو يريد من خلال خرجته البئيسة هذه الترويج لنفسه أمام أسياده في أمريكا على أنه من المفكرين المعول عليهم في محاربة الإرهاب واستئصال جذوره، الذين لا يعرفون الخطوط الحمراء، وفي الوقت نفسه يمني النفس بدخول نادي المفكرين الكبار ، ليجني بذلك عطفا وتشجيعا غربيا، وغضبا وحنقا شرقيا يحوله إلى بطل تحت التهديد تتربص به الطوائف المتطرفة من هنا وهناك.
لن أدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أمام هرطقتك ياعصيد، ولن أتحدث عن خصاله العالية وتسامحه ودماثة أخلاقه مع العدو قبل الصديق، فأنت أدرى وأعلم بها، أدعوك فقط أن تتذكرـ وأنت رجل تربية ـ النتيجة الحتمية للتطرف في تربية الناشئة على الليونة المفرطة، وإبعادهم عن كل ما يمت للصلابة والحزم بصلة ـ كما هو وارد في رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الملوك ــ ودور ذلك في إنتاج جيل من المخنثين المائعين.
نعم كان محمد عليه الصلاة والسلام رمزا لليونة والتسامح واليسر ما لم تنتهك حرمة من حرمات الله عز وجل، فإذا انتهكت تحركت بوادر عزة النفس في دواخله وظهرت الشدة في معاملته، حتى يعلم من يهمه الأمر أنه أمام رجل يملك كل مقومات النخوة وتجري دماء الإنسان الحر في عروقه، وهذه من سمات القائد الثائر الناجح التي نحن في أمس الحاجة إلى استلهام نموذجه في عصرنا الحاضر، الذي صارت لازمته الانبطاح والخضوع والذل والهوان واستجداء الأمريكان بالكلمات والألفاظ والمعاني مقابل دولاراتهم البئيسة.
اطمئن ياعصيد، لن يكفرك المتنورون من هذا البلد، ولن يهددك أحد، لن أدعوك إلى الارعواء والتوقف، سأقول لك أسدر في الخوض في الماء العكر والاقتيات من طحالب المستنقعات، ولا تطمع أن يرميك أحد بالحجارة، وكفى بك فخرا أن يصفق لك أسيادك.
{jathumbnail off}
المصدر : https://dinpresse.net/?p=1304