يقدم الدكتور محمد عثمان الخشت الباحث فى علم الأديان والمذاهب بجامعة القاهرة، تأملات فلسفية مهمة وشائكة حول طبيعة الوحى فى الأديان بمعنى اتصال الله بالأنبياء، ووسائل الوحى، وأشكاله، وقد صاغها فى كتاب بعنوان: “للوحى معانٍ أخرى” وهو الإصدار الأول لسلسلة فكرية جديدة لوزارة الثقافة تحت عنوان: “الفلسفة”.
الكتاب يقع فى 112 صفحة من الحجم المتوسط وتكشف صفحاته الاختلافات بين الأديان فى طبيعة الوحى ووسائله، حيث توجد أشكال متنوعة للوحى، منها أسلوب الوحى فى التقليد اليهودى والمسيحى والإسلامى، وهو يعتبر أكثر فهماً وإدراكا بالنسبة لنا لأنه إله شخصى يتصل بأشخاص يختارهم ليكونوا الناطقين بكلامه، ومع ذلك فهناك اختلافات ليست بالقليلة بين الديانات الإبراهيمية (اليهودية – المسيحية – الإسلام) التى تنتمى إلى مسار واحد من حيث النشأة، لكنها اتخذت أثناء نموها وتجليها فى التاريخ، طبائع مختلفة تصل أحياناً إلى حد التعارض، ورغم هذه الاختلافات، فإن طبيعة الوحى فى تلك الديانات أكثر وضوحاً من أديان الهند على الأقل، حيث يوجد فى الديانات الإبراهيمية إله محدد وله صفات محددة.
ويعرض الخشت مدير مركز اللغات الأجنبية والترجمة بالجامعة، فى كتابه لأشكال الوحى فى بعض الأديان البشرية التى تنسب إلى مؤسس أسطورى أو خرافى مثل “هيرميس” الذى تنسب إليه مجموعة التعاليم الدينية والفلسفية السرية كوحى سماوى، وهناك بعض الأديان التى لا تلجأ إلى الوحى إطلاقاً مثل البوذية التى تبدأ من نقطة بشرية وهى إلهام الحكيم “بوذا”، كما يتعرض لأوجه الاختلاف والتشابه فى نمط الوحى فى ضوء منهج تحليلى مقارن بالنصوص فى الكتب المقدسة فى بعض الأديان الوضعية، وهى نصوص تدل على رقى إنسانى كبير فى وصف الله: “الله الذى يعود إليه العالم كله بدايته ونهايته ولا أحد يراه بالعين ويعرف بالعقل والقلب”.
ويلمح الخشت فى نهاية كتابه إلى التأسيس الأخلاقى للوحى، ويشير إلى أن الله الكامل لابد أن يكون أخلاقياً ويرضيه الالتزام الأخلاقى، ومن ثم يستلزم هذا ضرورة أن يوجد تنبيه ما يحفز البشر على الالتزام الأخلاقى مع التأكيد على أن كثيراً من الناس لا يلتزمون دون خوف من قوى مطلقة ويزعمون نسبية المبادئ الأخلاقية كحجة للانحراف، وكثير من الناس يقولون بعدم وجود عدالة فى الحياة، فالأشرار سعداء والفضلاء تعساء، ومن ثم لابد من إعمال العدل الذى يقتضى وجود حساب.
{jathumbnail off}
Source : https://dinpresse.net/?p=1175