وأضافت الدكتورة المرابط في حوار أدلت به لبوابة الرابطة المحمدية للعلماء أن علاقة المرأة مع الرجل، كما يحددها القرآن وتبينها السنة النبوية، والسيرة العطرة، وما يتعلق بها من خلق وفطرة، ومن شؤون الحياة، سواء على المستوى الذاتي الفردي، أو على مستوى الأسرة، أو مستوى الأمة أو الوجود الإنساني، هي علاقة تكامل في إطار وحدة الخلق (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [الحجرات، 13] (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) [الأعراف 189]، (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا) [النساء، 1]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “النساء شقائق الرجال” رواه أحمد.
واستنكرت الدكتورة أسماء المرابط ما تناقلته بعض المنابر الإعلامية الإلكترونية من تأويل أعطي لقولها بأن المساجد كانت مختلطة بين الرجال والنساء، مخرجة إياه عن سياقه الذي جاء فيه، وتحميله من المعاني ما لم يحمله أصلا.
مؤكدة أن قولها، المساجد يجب أن تكون مختلطة، ليس معناه رجل بجانب امرأة، وامرأة بجانب رجل؛ بل “القصد منه ما تواتر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ودلت عليه سيرته صلى الله عليه وسلم، وسيرة الخلفاء الراشدين من بعده؛ حيث كان النساء يصلين خلف الرجال في مسجد واحد على عهده صلى الله عليه وسلم، وبعده دون أن يكون بين صفوفهم حاجز”.
مستدلة بما رواه مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس قالت: فلما انقضت عدتي سمعت المنادي ينادي: الصلاة جامعة… فانطلقت فيمن انطلق من الناس فكنت في الصف المقدم من النساء وهو يلي المؤخر من الرجال.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم ـ تضيف الدكتورة المرابط ـ خص نساء المدينة بباب يدخلن منه إلى المسجد، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ” رواه أبو داود (462)
وقد بوب البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه باباً فقال: باب صلاة النساء خلف الرجال وذكر فيه حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ويمكث هو في مقامه يسيراً قبل أن يقوم. رواه البخاري رقم 802.
وروى البخاري عن سهل بن سعد قال: كان الناس يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عاقدوا أُزُرهم… فقيل للنساء: لاترفعن رؤوسكن حتي يستوي الرجال جلوسا.
قال الحافظ: وإنما نهي النساء عن ذلك لئلا يلمحن عند رفع رؤوسهن من السجود شيئاً من عورات الرجال.
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قام رسول الله خطيباً فذكر فتنة القبر التي يفتتن فيها المرء فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة. ( رواه البخاري ومسلم )
وقد ساقه النسائي من الوجه الذي أخرجه البخاري فزاد بعد قوله ضجة: (حالت بيني وبين أن أفهم آخر كلام رسول الله فلما سكت ضجيجهم، قلت لرجل قريب مني: أي بارك الله فيك، ماذا قال رسول الله في آخر كلامه؟…
مما يستفاد منه أن النساء كن حاضرات الى جانب الرجال في المسجد، مما يمكنهن من الوقوف على ملابسات الحال التي تكون أسعف لهن في فهم المقصود من الخطبة(أو من المحاضرة والدرس في أيام الناس هذه)
وأضافت الدكتورة المرابط “أن المسجد في العهد النبوي، وعهد الخلفاء الراشدين، لم يكن مكانا خاصا بالتعبد فقط، بل كان قلعة علمية أيضا تحتضن الكثير من النشاطات، لذلك حرم النبي صلى الله عليه وسلم منع النساء من الذهاب إلى المسجد فقال: “لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّه” (صحيح البخاري، كتاب الجمعة، بَاب هَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ غُسْلٌ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ، حديث رقم900)، وبهذا يكون النبي صلى الله عليه وسلم، قد أسس للمشاركة المعرفية والعلمية للمرأة في ظل الإسلام، في مختلف النشاطات التعبدية والمعرفية والاجتماعية، والتي كان المسجد مركزها ومعقلها الأول..”
وأضافت المحاورة “أن علماء الأمة من أهل الأصول وأهل الفقه والحديث، قديما وحديثا، نبهوا إلى أنه لا ينبغي للناظر في النوازل والواقعات التسرعُ بإطلاق الأحكام إلا بعد النظر والتثبت، حرصاً على سلامة قلوب الأفراد والمجتمع من البغضاء والفتن، ورغبةً في جمع الكلمة، والتعاون على الخير، وبناء المجتمع على معالي الأخلاق.. فكم من أبواب للمفاسد انفتحت بسبب التسرع في إصدار الأحكام، وتسفيه الأقوال تضيف المحاورة.
واستشهدت الدكتورة المرابط في هذا السياق بأقوال تعد قواعد علمية في هذا الباب، من شأن استحضارها دفع مفاسد جلّى، وتعزيز روح الوحدة وإذكاء الفهم السليم لنصوص ديننا الحنيف وسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، في مقدمتها قاعدة “إذا بلغك عن أخيك الشيءُ تنكره؛ فالتمس له عذراً واحداً إلى سبعين عذراً، فإن أصبته وإلا قل لعل له عذراً لا أعرفه” البيهقي في الشعب (6 / 323)، وما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: “لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا”.
المصدر: موقع الرابطة المحمدية للعلماء
المصدر : https://dinpresse.net/?p=663