تقرير: محمد عزلي، المنسق الجهوي لمركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بجهة طنجة تطوان الحسيمة
نظم كل من “منتدى التنمية للبيئة والسينما والمسرح” و “جمعية منارة القصر الكبير للتنمية” بدعم من مجلس إقليم العرائش ومجلس جماعة العرائش، وبشراكة مع محافظة موقع ليكسوس الأثري ومجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب، وبتنسيق وتعاون مع مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط، جمعية الجامعة للجميع بالعرائش، وجمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب فرع إقليم العرائش يوم دراسي حول موضوع “الأراضي الرطبة بسافلة لوكوس، مسار لتنمية مستدامة”. وذلك يوم السبت 09 مارس 2024 بمحافظة الموقع الأثري ليكسوس بالعرائش، بمشاركة السادة الأساتذة:
• عز الدين المونسي، باحث في التنوع البيولوجي، وناشط جمعوي.
• سعيدة الصغير، باحثة في الهندسة البيولوجية والزراعة، وناشطة جمعوية.
• ميلود أسطيط، باحث في الحكامة الترابية وناشط جمعوي.
• أشرف طريبق، باحث في القانون العام، وفاعل جمعوي مهتم بقضايا التنمية.
• أنس السدراتي، محافظ الموقع الأثري ليكسوس.
• تسيير: ذ. محمد عزلي، المنسق الجهوي لمركز المغرب الأقصى للدراسات بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
افتتحت فعاليات اليوم الدراسي بكلمة جماعة العرائش ممثلة في السيدة فاطمة شهبر نائبة الرئيس المفوض لها في القسم الثقافي والرياضي والاجتماعي، والتي أكدت على استعداد جماعة العرائش للعمل جنبا إلى جنب مع كل المتدخلين ومع المجتمع المدني لتثمين وحماية الأراضي الرطبة بسافلة لوكوس لجعلها قاطرة للتنمية المحلية، واستعدادها الدائم من جهة أخرى لدعم المشاريع العلمية والثقافية الجادة، بعد ذلك أخذ الكلمة الأستاذ مصطفى الكنوني رئيس جمعية منتدى التنمية للبيئة والسينما والمسرح بالعرائش حيث قدم للحاضرين أهداف اللقاء والمسار الكرونولوجي الذي أخذته الجمعية المنظمة للوصول إلى هذه المحطة الهامة من برنامجها البيئي المسطر سلفا، وهو الأمر ذاته الذي أكدته السيدة إقبال الطود رئيسة جمعية منارة القصر الكبير للتنمية التي تؤمن بضرورة العمل الإقليمي المشترك لبناء أسس التنمية المجالية القائمة على المبادرة والتعاون والحكامة والتنمية المستدامة.
بدأت أشغال الجلسة العلمية بتوطئة مسير اللقاء الأستاذ محمد عزلي الذي تناول من خلالها الجانب التاريخي، إذ في بداية القرن الأول قبل الميلاد، شيدت بحاضرة ليكسوس معامل لتمليح السمك والتي تعتبر من أهم المنشآت الصناعية تاريخيا في غرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الطبيعي أن تعرف صناعة الملح من خلال تبخير مياه البحر بضفاف سافلة النهر نشاطا وازدهارا موازيا استمر إلى يومنا هذا باستمرار النشاط الصناعي والتجاري المرتبط بالسمك، مشيرا إلى أن الباحثين المهتمين بتاريخ المنطقة يؤمنون بأن سافلة لوكوس تخفي الكثير من الأسرار التي قد تكشفها الأبحاث الأركيولوجية خاصة تلك المتعلقة بالمرسى الذي عرف ازدهارا تجاريا على مدى التاريخ القديم حيث ارتبط ذكره ودوره الهام بالحضارات المتعاقبة على المنطقة، من الفينيقيين والقرطاجيين والموريين والرومان، وكذا الحضارة الإسلامية والدول التي عاصرتها، وهو الأمر الذي أكده الأستاذ أنس السدراتي محافظ الموقع الأثري ليكسوس في عرضه العلمي عن الموقع المتواجد في ربوة تشمس داخل المنطقة الرطبة لسافلة لوكوس مستعرضا مكونات الموقع وتطوره التاريخي وقيمته الأركيولوجية والإيكولوجية كذلك.
بعد ذلك تم عرض شريط وثائقي عن الأراضي الرطبة بسافلة لوكوس وتحديدا في ملاحاتها التي عرفت سنة 2018 تنزيل مشروع ترميم وصيانة، وإعادة الإدماج الوظيفي لملاحات العرائش ذات الحمولة التاريخية والأهمية الإيكولوجية من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتعاون مع كل من جمعية مجموعة البحث لحماية الطيور بالمغرب (GREPOM)، وشركائها الهولنديين، وتم على إثرها إحداث تعاونية سيلاراش (SELARACHE) لإنتاج وتسويق الملح ومشتقاته، وهو الأمر الذي ساهم في المحافظة على القيمة التاريخية والإيكولوجية البالغة الأهمية بسافلة اللوكوس باعتبارها من المناطق الرطبة المصنفة ضمن قائمة رامسار (RAMSAR) العالمية للمناطق والمحميات الرطبة.
ثم تعرض الأستاذ عز الدين المونسي منسق الوحدة الجهوية طنجة تطوان الحسيمة لمجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب لملاحات العرائش وأهمية المنطقة الرطبة لسافلة لوكوس وما معنى تصنيفها ضمن قائمة رامسار، إذ أن الموقع مطل على المحيط يستقبل نسبة مهمة من طيور العالم وهي مصنفة لدى الصندوق الوطني للطبيعة في اللائحة الحمراء، كما تحتكم المنطقة على نباتات نادرة، واختتم الباحث بماستر الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري بكلية علوم تطوان عرضه بمقترح تصميم رقمي ثلاثي الأبعاد لمخطط تهيئة الأراضي الرطبة بسافلة لوكوس.
وفي عرض تحت عنوان “الأراضي الرطبة واقع وآفاق” تناولت ممثلة جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب فرع إقليم العرائش الدكتورة سعيدة الصغير المكونات الطبيعية لسافلة لوكوس والخصائص الإيكولوجية والبيولوجية للمنطقة، وتعرضت الباحثة المختصة في الهندسة البيولوجية والزراعة بالدرس والتحليل لمختلف أنواع النباتات والطيور والكائنات الحية المستقرة أو المتوقفة بالمنطقة أثناء هجراتها ومدى تأثرها بالبيئة الطبيعية للمنطقة الرطبة بسافلة لوكوس وكذا تأثير تدخل الإنسان عليها.
واختتم الدكتور أشرف طريبق رئيس جمعية قطار المستقبل العروض العلمية بمداخلة ركز من خلالها على أهمية المنطقة الرطبة في التنمية من الجانب الاقتصادي عموما وفي مجال السياحة الإيكولوجية بشكل خاص، متسائلا عن جدوى هذه اللقاءات العلمية والورشات إن لم تثمر عن وعي مجتمعي وتحديد للمسؤوليات، فماذا حصل بعد تصنيف المنطقة ضمن قائمة رامسار منذ 2005 يتساءل الباحث في القانون العام المختص في النخب الإدارية في المغرب، وماذا عن المنطقة الصناعية وتأثيرها المباشر على المجال البيئي، وهل تم القيام بدراسة جدوى بهذا الخصوص؟ إن الاستثمار في السياحة كما جاء على لسان د. أشرف طريبق يستدعي إنجاز مخطط متكامل يجمع كل المؤهلات التاريخية والطبيعية للمنطقة وبدل مجهود في البنيات لتأسيس سياحة إيكولوجية قوية ومستدامة.
بعد ذلك فتح باب النقاش الذي اتسم بالعمق والجدية، فتناول السيد أحمد الزحيمي نائب رئيس جماعة ريصانة الجنوبية البعد الشامل للمنطقة الرطبة التي تضم 3600 هكتار تشمل مجموعة من الجماعات التابعة لإقليم العرائش، وكذا تأثير الإنسان في التنوع البيولوجي ضاربا مثالا بانقراض الأسماك النهرية بعد بناء السدود، بينما ركزت الأستاذة سعاد الدكلي في تدخلها على البرنامج المكثف لجمعية مدرسي علوم الحياة والأرض ومدى اشتغالها على التكوين والتحسيس والتربية والإصلاح، أما الأستاذ عبد القادر السبيطي فقد ركز على آليات تدبير المنطقة الرطبة ومدى ملاءمتها للترسانة القانونية للدولة المغربية وكفية التعاطي مع جزئياتها، واختتم الأستاذ عبد السلام التدلاوي التدخلات بتركيزه على الوحدات الصناعية المتواجدة بمصب لوكوس وخطورة نفاياتها على المنطقة، كما دعا المجتمع المدني لتنظيم أنشطة لمشاهدة الطيور والتعرف على الغنى الطبيعي للمنطقة.
وقد تمخضت عن فعاليات اليوم الدراسي توصيات همت النقاط التالية:
1. تهيئة رصيف نهري يحمي ملاحات العرائش من جهة، ومن جهة أخرى يسمح بإمكانية الاستثمار السياحي في فضاء أركيولوجي إيكولوجي واعد بالعطاء.
2. ضرورة انفتاح كل الهيئات والمؤسسات المدنية والرسمية المتدخلة في الشأن البيئي ومواكبة المستجدات ومحاولة المشاركة في المحافظة أولا على القيمة الطبيعية للأراضي الرطبة ثم إنجاز مشاريع تنموية والاستثمار في السياحة الثقافية والطبيعية.
3. تمكين المجتمع المدني من مساحات أوسع لتفعيل دوره كشريك مؤثر في السياسات العمومية المحلية، وخاصة تلك المرتبطة بتدبير القطاع البيئي بمدينة العرائش ومنها الأراضي الرطبة.
4. توجيه العناية للبحث والتكوين والانفتاح على التجارب الناجحة محليا، وطنيا، ودوليا، وخلق ثقافة العلم أولا ثم الإصلاح.
5. ضرورة الاشتغال على التحسيس والتوعية، وتنشيط الورشات النظرية والميدانية، سواء في أوساط الفئات الناشئة داخل وخارج المؤسسات التربوية، أو مع باقي أطياف المجتمع المدني.
6. ضرورة دعم وتشجيع الجمعيات الحاملة للمشاريع الجادة والمجدية لحماية الأراضي الرطبة وتثمين قيمتها البيئية والثقافية والسياحية، ووضع آليات للمراقبة والمحاسبة.
7. تهيئة مسار سياحي بيئي يستغل بعضا من المؤهلات الطبيعية الهائلة التي تزخر بها المنطقة الرطبة المصنفة في قائمة رامسار العالمية.
8. دعم وتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة.
9. ضرورة تدخل المؤسسات العمومية بشكل سريع وفعال ومد يد العون لجماعة العرائش من أجل حل معضلة مخلفات المصانع بوادي لوكوس.
10. ضرورة جعل المنطقة الرطبة من اهتمامات جماعة العرائش ومجلس إقليم العرائش، وتخصيصه في الولاية الجماعية القادمة بحيز مهم في برنامج عمل الجماعة الحالي.
11. إذا كانت إمكانيات الجماعة غير كافية لتدبير القطاع البيئي بالعرائش، فعلى المجلس إيجاد حلول عملية من قبيل إشراك القطاع الخاص في تدبير الفضاءات الخضراء، أو خلق شركة للتنمية المحلية مختصة في البيئة كآلية حديثة وفعالة للتدبير الجماعاتي.
Source : https://dinpresse.net/?p=20914