يوم التأسيس السعودي.. إرث تاريخي وروابط متينة مع المغرب

دينبريس
عبر العالم
دينبريس22 فبراير 2025آخر تحديث : السبت 22 فبراير 2025 - 5:58 صباحًا
يوم التأسيس السعودي.. إرث تاريخي وروابط متينة مع المغرب

دين بريس
تحيي المملكة العربية السعودية في 22 فبراير من كل عام ذكرى يوم التأسيس، وهو موعد يستحضر بداية تشكل الدولة السعودية الأولى عام 1727م، عندما أعلن “محمد بن سعود” قيام كيان سياسي في الدرعية، قلب نجد النابض، وسط تحولات كبرى شهدتها الجزيرة العربية في تلك الفترة.

وكان هذا الإعلان نقطة انطلاق لمشروع سياسي واجتماعي سعى إلى إرساء قواعد الحكم والاستقرار في منطقة كانت تعيش توازنات معقدة بين القبائل والمشيخات المحلية، في ظل تراجع نفوذ القوى الإقليمية الكبرى آنذاك.

ولم جاء تأسيس الدولة السعودية نتيجة تحولات اقتصادية واجتماعية ودينية شهدتها المنطقة، حيث برزت الحاجة إلى مركزية سياسية تفرض الاستقرار في إقليم اتسم بالتجزئة والتنازع على النفوذ، ووجد الإمام محمد بن سعود في الدرعية بيئة ملائمة لتأسيس سلطته، مستفيدا من موقعها الاستراتيجي على ضفاف وادي حنيفة، ومن شبكة تحالفات قبلية ودينية منحته قدرة على التوسع وترسيخ حكمه، مستندا إلى رؤية إصلاحية دينية تبلورت مع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ما منح الدولة الوليدة بعدا عقائديا ساهم في تعزيز مشروعها السياسي.

وخاضت الدولة السعودية الأولى، خلال العقود اللاحقة، سلسلة من الحروب والصراعات، سواء ضد القوى المحلية المناوئة أو في مواجهة الدولة العثمانية، التي رأت في هذا الكيان تهديدا لنفوذها في المنطقة، وانتهت هذه المرحلة بسقوط الدرعية عام 1818م بعد حملة عسكرية قادها إبراهيم باشا، لكن الفكرة السياسية التي تأسست عليها الدولة لم تختف، بل أعادت تشكيل نفسها مع قيام الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبد الله في عام 1824م، ثم تجددت بشكل أكثر استقرارا مع تأسيس المملكة العربية السعودية في 1932م على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود.

اليوم، يمثل يوم التأسيس لحظة تأمل تاريخية في مسار الدولة السعودية عبر القرون، وهو فرصة لفهم العوامل التي ساهمت في استمراريته رغم التقلبات السياسية والعسكرية التي مر بها، كما يعكس هذا اليوم جانبا من التحولات التي شهدتها المنطقة، وكيفية تفاعل السعودية مع محيطها الإقليمي والدولي في مراحل تاريخية متعاقبة.

وتتخذ المملكة من المناسبة فرصة لتعريف الأجيال الحالية بمسارها التاريخي، من خلال فعاليات ثقافية ومعارض تستعيد معالم تلك الحقبة، فضلا عن توثيق المراحل التي مرت بها الدولة، وأثرها في تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي للمملكة الحديثة.

وبينما تتغير معادلات القوة في المنطقة، يبقى تاريخ التأسيس شاهدا على التحولات التي صاغت المشهد السياسي في الجزيرة العربية، والدروس التي يمكن استخلاصها من ثلاثة قرون من الصعود والتحديات وإعادة البناء.

وبالمناسبة تجمع المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية علاقات تاريخية تمتد لعقود، تستند إلى أسس سياسية واقتصادية ودينية متينة، تعززها المصالح المشتركة والتنسيق المستمر في القضايا الإقليمية والدولية، فمنذ استقلال المغرب، حرص البلدان على تعزيز التعاون الثنائي عبر مختلف المجالات، حيث لعبت العلاقات الملكية بين العائلتين الحاكمتين دورا محوريا في توطيد هذا التقارب.

وعلى المستوى السياسي، ظل التنسيق بين البلدين حاضرا في القضايا العربية والإسلامية، لا سيما فيما يتعلق بملفات القضية الفلسطينية، الأمن الإقليمي، والتعاون داخل منظمة التعاون الإسلامي.

ويرتبط البلدان بشراكات استثمارية متعددة، إذ تعد المملكة العربية السعودية أحد أكبر المستثمرين في المغرب، من خلال استثمارات في قطاعات العقارات، البنية التحتية، الطاقة، والصناعات التحويلية، فيما يمثل المغرب بوابة للمنتجات السعودية إلى الأسواق الأفريقية.

وعلى الصعيد الديني، يشترك البلدان في حماية المقدسات الإسلامية، حيث يحظى الحجاج والمعتمرون المغاربة برعاية خاصة في مواسم الحج، كما يشرف البلدان على عدد من المبادرات لتعزيز قيم الوسطية والاعتدال في العالم الإسلامي.

وبالرغم من بعض التقلبات التي تشهدها العلاقات الدولية واختلاف وجهات النظر في بعض الملفات الإقليمية، فإن الروابط الاستراتيجية بين البلدين تبقى ثابتة، في ظل حرص القيادتين على استمرار التعاون والتنسيق في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم المصالح ويعزز استقرار المنطقة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.