أحمد جاويد ـ کابل/ أفغانستان
بعد مرور يومين عن حادث بشاور، تطرق أمير خان متقي وزير خارجية طالبان في خطابه ، في مجلس عقد بمناسبة افتتاح مستشفى جديد لعلاج متعاطي ومدمني المخذرات، إلى ذکر أحداث الإنفجار الأخير التي شهدتها مدينة بشاور عاصمة إقليم بوشتونستان. فقال الوزير إننا نأمل من الوزراء الباکستانيين ألا يرموا بالثلوج التي على سقوف بيوتهم، وهم ينظفونها، علی جيرانهم. وأن ينظروا في حل مشاکلهم في داخل بيوتهم.
وأضاف قائلا: نشير عليهم بالتدقيق الکافي في التحقيقات حول خلفيات الإنفجار. فإنه ليستحيل أن تؤدي عملية إنتحارية أو زيّ مفخخ أو علبة متفجرات، إلی خسارة بمثل هذه الضخامة. کما أننا لم نشاهد، طيلة العشرين سنة المنصرمة، عملية انتحارية أو أحزمة متفجرة تنسف سقف المسجد نسفا بهذه الصورة و تُسفر عن مئات القتلى و الجرحى. فننصح بإجراء عملية تحقيق دقيقة ونزيهة ولن يوجه أحد بعدها أصابع الاتهام إلى أفغانستان.
جاء هذا الجواب من الوزير متقي ردا على اتهام صريح لوزير الدفاع الباکستاني خواجه آصف وجهه لأفغانستان، أمام البرلمان، حيث قال يبدو کما لو أن منفذي الهجوم هم هٶلاء العائدون من أفغانستان. وقال إنه کان يقال لنا قبل ثلاث سنوات انه يمکننا الحوار مع طالبان باکستان وأنهم سيُقبلون على الحلول السلمية. ولقد اختلفت الآراء بصدد هذا الشأن ولم يتخِد أحد قرارا نهائيا. وهٶلاء العائدون من أفغانستان کانوا وراء تحريک کل الاحتجاجات وتنظيم العمليات القتالية في مناطق “سوات” و “وانه “.
ولا تعد هذه أول قضية يتهم المسٶولون الباکستانيون فيها منفذي العمليات الإرهابية في المنطقة أن لهم مراکز آمنة بداخل أفغانستان يأوون إليها ومنها يباشرون مخططاتهم. فقد سبق وأن صدر عن شهباز شريف رئيس الوزراء عدة اتهامات مباشرة في داخل باکستان وخارجها عن وجود بعض القيادات التي تشکل خطرا على باکستان منهم المولوي مسعود أظهر قائد تنظيم ‘جيش محمد’ أحد أقوى المنظمات، والقاري ‘ أمجد ‘ قائد طالبان الباکستانية، وقائد في السابق لتنظيم ‘ البدر مجاهدين ‘ الجناح العسکري المنشق عن الجماعة الإسلامية الباکستانية أيام کان يقودها القاضي حسين. إلا أن طالبان نفت ذلک واعتبرت تصريحات شهباز شريف مجرد ادعاءات خاوية عن الدليل، کما أکدت أنها لا تسمح أبدا أن تستعمل أراضيها ضد أية جارة لها أو غيرها.
هذا ولا تزال التحقيقات مستمرة حول خلفيات حادث انفجار بشاور المسيطر على الأذهان والأجواء السياسية والإجتماعية في البلد. وقد خلف الحادث حسب آخر إحصائية أکثر من 100 قتيل، 90 % منهم من الشرطة، وإصابة ما يزيد عن 200. کما تم أيضا استجواب کثير من المسوٶلين الحکوميين في منطقة الحادث وتمت مراجعة الأشرطة المرئية التي سجلتها الکاميرات المخفية. وقد أکد ضابط التحقيق بعد جمع البيانات أنه لا ينکر احتمال تورط بعض الخطوط الأمنية بتساهلها، إذ قيام المهاجم بتهريب مواد متفجرة بهذا الحجم إلى داخل تلک المنطقة المشددة الحراسة يٶکد أنه تم على مراحل متعددة فلا تکفي کمية قليلة منها لإحداث دمار کهذا. وهذا الاحتمال يعني تضخيم مسٶولية رجال الشرطة الذين کانوا متواجدين قبل الهجوم.
وقد واجه الهجوم عدة تنديدات على نطاق واسع، کما طالبت جهات مختلفة إجراء تحقيقات جدية وشفافة بدل توجيه الإتهامات علی غير أساس في الوقت الذي تعصف بالبلد عواصف اقتصادية وسياسية لم يسبق لها مثيل.
باکستان، الدولة النووية، تواجه اليوم شبح التمزيق بسبب الإنحراف السياسي الذي زاد في انحراف خط الاستقرار إلى درجة أصبحت معها السيطرة على الأوضاع صعبة وقد تکون مستحيلة. فهناک معارضة سياسية تتمثل في حزب انصاف بقيادة عمران خان، وأخرى دينية مسلحة على رأسها طالبان باکستان إلى جانب تنظيمات دينية کثيرة مسلحة ، وهناک أحزاب الأقاليم التي تطالب بالعدالة أو الانفصال الکامل عن الحکومة المرکزية کإقليم بلوشستان، إقليم بوشتونستان وإقليم السند والجميع يمتلک السلاح.
فکيف ستتمکن المخابرات الحربية والمٶسسة العسکرية التي بسطت هيمنتها على البلد منذ انفصاله عن الهند، أن تُخرج البلد بسلام من هذه المرحلة التي دق فيها أکثر من ناقوس خطر. وإلی أي حد ستستطيع المحافظة علی التوازن في المنطقة.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=19565