يعرف هذا التيار بعدد من التسميات، فينعت بـ”المداخلة” أو “المدخليون” نسبة إلى “ربيع بن هادي المدخلي” أحد علماء السعودية، كما يطلق عليهم “الجاميين” نسبة إلى “محمد أمان الجامي” الأثيوبي الأصل، وهو أستاذ وشيخ “ربيع المدخلي”؛ ولِكوْن الرجلين أبرز قادة هذا التيار السلفي يطلق على أتباعه أيضا “السلفية الجامية المدخلية”، على اعتبار أن “الجامي” هو مؤسسه، وأن بعد موته انفرد “ربيع المدخلي” بزعامته.
ويسعى هذا التيار إلى أن يختص لنفسه بتسمية “السلفية”، حيث يخرجون كل مخالف لهم، أو لشيخهم “ربيع المدخلي” من مسمى السلفية؛ كما يحبون أن يطلق عليهم اسم: “سلفيي الولاء”، أي الولاء للحاكم (السلطان) والدولة.
وتؤمن “المدخلية” بعدم جواز معارضة “الحاكم المسلم وإن كان فاسقا” بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك تقديم النصيحة له علانية، فبالأحرى الخروج في المظاهرات والاحتجاجات بكافة أنواعها وأساليبها، أو العمل الحقوقي. وقررت أدبيات شيوخها ذلك كأصل من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، معتبرة مخالفته “خروجا” على الحاكم.
وتضيف المدخلية إلى هذا الأصل أن الاعتراف بالحاكم والولاء له وحده لا يكفي إذا لم يتم الاعتراف بمؤسسات الدولة الأخرى، كما أنه ليس لأحد أن يخرج عن فتوى علماء البلاد الرسميين ومن يخالف ذلك فإنه من “الخوارج”.
جاء هذا الأصل كقاعدة تؤسس لكل مواقفهم وتفسر حصر هدفهم الاستراتيجي في محاربة ومقارعة “التنظيم العالمي للإخوان المسلمين”، وحركات وجماعات الإسلام السياسي بكل تلويناتها وأينما وجدت في العالم.
سبب وجودها:
يتجسد في اختصصها في مواجهة فكر الداعية المصري “سيد قطب”، على اعتباره أحد منظري الإسلام السياسي ومن كبار مفكري “جماعة الإخوان المسلمين”، وهو ما تكشفه كتابات “ربيع المدخلي” في جرح عدالة “قطب”، منها:
– “العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم”؛- “أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب”؛
– “مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
سبب ظهورها:
كان ظهورها العلني عام 1991 – زمن حرب الخليج الثانية – كردة فعل على موقف العلماء والدعاة السعوديين الذين عارضوا النظام السعودي في حرب الخليج؛ وفي مقدمتهم: سفر الحوالي وسلمان العودة، الذين يعدون من التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.
وتبنت “السلفية المدخلية” مغايرا لما ذهبت إليه حتى مؤسسات الدولة الرسمية، مثل هيئة كبار العلماء، التي اكتفت في فتواها بجواز دخول القوات الأجنبية ولم تجرم من حرم أو أنكر دخولها؛ فيما أفتت “المدخلية” هي الأخرى بمشروعية دخول القوات الأجنبية لكنها أضافت إليها “تجريم من يحرم دخول القوات الأمريكية أو ينكر على الدولة ذلك”، وذلك لشدة عداوتها للإخوان الذين حرموا ذلك.
وهو ما لا يخرج في النهاية عن هدفهم الاستراتيجي في التصدي لتنظيمات الإسلام السياسي التي تستمد من فكر “قطب” الإخواني… (يتبع)
أعده للنشر الأستاذ سعيد الراشيدي
المصدر : https://dinpresse.net/?p=5496