تداولت مواقع إعلامية كثيرة خبرا مفاده أن فريقا من المهندسين المغاربة توصل إلى صناعة أصغر جهاز تنفس في العالم، يمكن التحكم فيه عن بعد، كما أنه قادر على إنقاذ أرواح المصابين بفيروس كورونا.
واختار هؤلاء الخبراء اسم “انشراح” لعلامتهم التجارية الجديدة، باعتبارها آلة أوتوماتيكية للتنفس الاصطناعي، غير مسبوقة، حيث إنها مصممة للاستعمال المنزلي في حالة الإصابة بفيروس كورونا، أو حتى للأمراض المزمنة، إضافة إلى وزنها الخفيف جدا، والذي لا يتعدى 700 غرام.
ويتكون هذا الجهاز البسيط من بالون مطاطي، ونظام ميكانيكي يضغط على البالون لدفع الهواء الموجود فيه نحو القناع الموضوع على وجه المريض، ومن لوحة إلكترونية من نوع “أردوينو” (Arduino )، مع إضافة واجهة اتصال بالهاتف المحمول أو البلوتوث.
ويلاحظ أنه في الظروف الاستثنائية والعصيبة التي يمر منها حاليا المغرب وبقية دول العالم، كثرت الأخبار المتعلقة بالاختراعات الجديدة، وتسابق أصحابها نحو تسجيلها لدى المصالح المختصة، وذلك من أجل توفير اللوازم التقنية والصناعية الضرورية، التي يحتاجها المجال الصحي لإنقاذ أرواح المرضى.
وهو عمل في حد ذاته نبيل وإنساني، إلا أنه ينبغي التثبت من مدى صلاحية هذه الاختراعات الجديدة، ومطابقتها للمعايير العلمية المعمول بها في العالم، خصوصا وأنه ثبت استغلال البعض لهذه الظروف الاستثنائية للترويج لبعض الصناعات المضرة بحياة المواطنين، مثل ما حدث بخصوص توزيع كمامات في المغرب لا تتوفر فيها شروط السلامة الصحية، ومنها قضايا معروضة حاليا على الجهاز القضائي للنظر في طبيعتها الجنائية.
وبخصوص جهاز التنفس الاصطناعي المسمى “انشراح”، تم عرضه على أحد الخبراء المغاربة، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لإبراز خصائصه العلمية، إلا أنه اكتشف به عيوبا تقنية، أولها أن هذا “البالون” لا يتوفر على مسلك لقارورة الأوكسجين، بل يعيد استخدام الهواء المحيط بالمكان، حيث يستنشق المستعمل لهذا الجهاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يفرزه هو بنفسه، كما قد يؤدي إلى انتشار العدوى إذا كان الهواء قد أفرزه مريض مصاب بمرض كورونا، أي أن هذا الجهاز الجديد قد لا يسمح بحماية مستخدمه أو الأشخاص المحيطين بالمريض أو من يشتبه في إصابتهم بالفيروس.
ويؤكد الخبير، بعد تحليله للجوانب التقنية لهذه الآلة الصغيرة، أنها تفتقر إلى نظام لضبط ضغط وحجم الهواء الضروري للتنفس الصحي، وهو ما قد يشكل خطورة على سلامة وصحة المرضى بصفة عامة، إضافة إلى أن جهاز “انشراح” لا يستخدم التيار الكهربائي، وإنما يستخدم بطارية بسيطة يمكنها تشغيل النظام الميكانيكي لوقت محدود، حسب إفادات هذا المختص.
ويوضح الخبير المغربي أن استخدام قناع لضخ الهواء الأكسجين إلى الرئتين يتطلب أقنعة خاصة للوجه، لكي تمنع تسرب الأوكسجين الموجه للمريض عبر الجنبات، حتى لا تنتقل عدوى الفيروس إلى البيئة المحيطة، وهو أمر قد لا يكون متوفرا في الجهاز الجديد، مما يقتضي إجراء مزيد من الأبحاث من أجل التأكد من نجاعة “انشراح”.
لا يشك أحد في نية المخترعين، كما لا تقلل هذه الملاحظات التقنية من كفاءة المغاربة، بل غيرة عليهم، إلا أنه ينبغي عدم التسرع في الترويج للاختراعات الجديدة قبل التأكد من مطابقتها للمعايير الدولية المطلوبة في مجال الصناعات الصحية، من أجل الحفاظ على حياة الناس، وأيضا عدم تقويض جهود الدولة في إنقاذ الأرواح التي يتهددها فيروس كورنا القاتل.
سعيد الراشيدي
Source : https://dinpresse.net/?p=7998