هل تنجح مبادرة العيسى في تحرير حق تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة؟

دينبريس
مؤتمرات وندوات
دينبريسمنذ ساعتينآخر تحديث : السبت 11 يناير 2025 - 10:32 صباحًا
هل تنجح مبادرة العيسى في تحرير حق تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة؟

الدكتور محمد بشاري
في ظل التحديات التي تواجه تعليم الفتيات في العديد من المجتمعات المسلمة، أطلق معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، مؤتمرًا عالميًا بعنوان “تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة: التحديات والفرص”، وذلك في العاصمة الباكستانية إسلام آباد يومي 11 و12 يناير 2025. جاء المؤتمر برعاية دولة رئيس الوزراء الباكستاني السيد محمد شهباز شريف، ليجمع نخبة من العلماء والمفكرين وصناع القرار ونشطاء المجتمع المدني من دول العالم، في محاولة لبلورة حلول حقيقية لمعالجة القيود المفروضة على تعليم الفتيات، خاصة في أفغانستان.

اختيار باكستان لاستضافة المؤتمر يحمل رمزية بالغة؛ إذ تُعد مركزًا فكريًا وروحيًا مؤثرًا، لاسيما على قيادات طالبان. جاء المؤتمر في توقيت حساس تشهد فيه أفغانستان سياسات تقييدية تمنع الفتيات من ممارسة حقهن في التعليم. هذه السياسات، التي تتناقض بوضوح مع المبادئ الإسلامية، دفعت المؤتمر إلى توجيه رسالة صريحة ومباشرة بضرورة مراجعة هذه الإجراءات وإعادة إحياء قيم الإسلام التي ترى التعليم حقًا مشاعًا للجميع دون تمييز.

في كلمته بالمؤتمر، أكد الدكتور العيسى أن الإسلام ينظر إلى التعليم باعتباره واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا يتساوى فيه الرجال والنساء. وقال: “حرمان الفتيات من التعليم يتناقض مع التعاليم الإسلامية التي جعلت من طلب العلم فريضة.” وأضاف أن المرأة المسلمة ليست فقط جزءًا من المجتمع، بل هي شريك أساسي في بناء الحضارة الإنسانية، وأن تهميشها في هذا المجال يعني إعاقة تقدم الأمة. ودعا إلى توحيد الجهود بين الحكومات والمؤسسات الإسلامية والمنظمات الدولية لتجاوز الحواجز الاجتماعية والثقافية التي تحول دون تعليم الفتيات.

من جانبه، شدد رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف على أن الاستثمار في تعليم الفتيات ليس مجرد التزام أخلاقي، بل هو أساس الاستقرار والتنمية المستدامة. وأوضح أن “ضمان تعليم الفتيات يساهم في بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة، وهذا المؤتمر يمثل فرصة لتوحيد الجهود لتطوير استراتيجيات مبتكرة لمعالجة هذه التحديات.”

استند المؤتمر إلى وثيقة مكة المكرمة، التي أكدت في مادتها الخامسة والعشرين على أن التعليم حق إنساني جوهري وأساس التنمية. كما ناقش المؤتمر أهمية استثمار مضامين وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية لتعزيز حقوق المرأة المسلمة، بما في ذلك حقها في التعليم.

المؤتمر شهد إطلاق مبادرات نوعية، شملت تطوير مناهج تعليمية، وتقديم الدعم المالي والتقني للمجتمعات المحرومة، بالإضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية التعليم من خلال الحملات الاجتماعية. كما ناقش المشاركون تحديات الفقر والعادات الاجتماعية المتجذرة التي تشكل عائقًا أمام حصول الفتيات على التعليم.

كانت رسالة المؤتمر واضحة: العالم الإسلامي يتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية لضمان حصول الفتيات على حقهن في التعليم. “تعليم الفتيات ليس ترفًا”، كما قال الدكتور العيسى، “بل هو استثمار في مستقبل الأمة وضمان لاستقرارها.”

لكن، يبقى السؤال: هل ستتمكن هذه المبادرة من تحقيق تغيير حقيقي في مجتمعات تعاني من قيود تاريخية وثقافية؟ وهل ستشهد الفتيات في هذه المجتمعات يومًا تتحقق فيه أحلامهن في التعليم؟ الأمل معقود على استمرار الجهود المخلصة لتكريس قيم الإسلام الحقيقية التي ترى في العلم نورًا للجميع.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.