الصادق العثماني ـ باحث في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف الديني
هناك حملات منظمة وممنهجة من بعض “التلفية” عبر مواقع التواصل اﻹجتماعي كالفيسبوك وتويتر والواتساب، واليوتوب والمواعظ والخطب والدروس داخل البيوتات السرية المظلمة، وفي بعض اﻷحيان على منابر مساجدنا الرسمية ومدرجات الكليات الدينة والشرعية بالمغرب، تصب جل هذه الحملات تارة بالطعن في التراث الفقهي المالكي والتصوف السني الجنيدي، وتارة أخرى بتشكيك الشباب المغاربة في عقيدتهم اﻷشعرية السنية، بدعوى أن اﻷشعرية فرقة ضالة مضلة وﻻتنتمي ﻷهل السنة والجماعة.
وما يؤلمنا أكثر فأكثر هو عندما نعلم بأن هناك بعض الأئمة ومشايخ ورؤساء مجالس علمية ودكاترة في الكليات والجامعات انخرطوا في هذا التيار السلبي الجارف !! الذي يتناقض بالكلية مع الخصوصيات الدينية، والهوية الثقافية والحضارية للمملكة المغربية الشريفة.
نسوق هذا الكلام ﻻرتباطي الوثيق بالشباب المغربي المتدين عبر حسابي الخاص في الفيسبوك من جهة، ومن جهة أخرى لكوني من المتتبعين للحقل الديني في العالم اﻹسلامي بصفة عامة والمغربي بصفة خاصة، مما يحعلني في حوارات دائمة مع الشباب المسلم في الداخل والخارج، ولهذا قبل قليل سألني أحد الشباب من مدينة طنجة، ومن خلال حديثي معه قال لي: هل اﻷشاعرة فرقة كافرة؟
فقلت له ومن أنبأك هذا؟ قال لي اقرأ هذا النص: يقول (الشيخ خالد بن علي المرضي الغامدي) في مقدمة كتابه والذي خصصه لتكفير اﻷشاعرة: “فهذا كتاب في تكفير الأشاعرة الجهمية وبيان قول أهل العلم فيهم وتحقيق إجماع السلف على كفرهم والرد على من زعم خلاف ذلك، كما وفيه بيان أن من أنكر صفات الله العقلية التي لا تقوم ربوبيته ولا تصح ألوهيته إلا بها كالعلم والقدرة والعلو والكلام والسمع والبصر ونحوها كافر لا يعذر بجهل أو تأويل، وعليه فمن علم منه عبادة غير الله كدعاء الأموات والحكم بغير ما أنزل الله أو إنكار ربوبية الله أو صفاته التي لا يكون الله تعالى ربا إلا بها والتي هي من لوازم ألوهيته وربوبيته فإنه يحكم بكفره ولا يعذر بجهله وتأوله ومن مات على هذه العقيدة فهو مشرك لا يترحم عليه..وأدعو من يخالف في المسألة إلى التبصر في الأدلة والاقتداء بمنهج السلف في تكفيرهم..فالحق الذي لا مرية فيه أن الأشاعرة جهمية والجهمية كفار غير مسلمين، وأن المشرك الجاهل بالتوحيد منكر صفات الربوبية والألوهية لا يسمى مسلما ولو كان جاهلا او متأولاً، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل السنة، ومن خالف في هذه المسألة فلا اعتبار بخلافه لأنه يعد ناقضا للإجماع، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله..” انتهى كلام الشيخ .
لهذا أتساءل وبألم عميق: أين علماء المغرب، ورؤساء المجالس العلمية وجامعة القرويين ودار الحديث الحسنية وكلية أصول الدين وكليات الشريعة والدراسات الإسلامية، وآﻻف مؤلفة من أئمة المساجد وخطباء المنابر، وجحافل من المرشدين والمرشدات في ربوع مملكتنا الحبيبة؟
أين هؤﻻء جميعا وشبابنا يساقون زمرا إلى فكر التكفير والتنطع والتطرف، ونبذ ثقافتهم الوطنية اﻷصيلة، وتدينهم المغربي الفطري الجميل، الذي ﻻتنطع فيه وﻻ تعقيد، المبني على التسامح والتعايش والتيسير ﻻ التعسير، مصداقا لقول الجليل: “يريد الله بكم اليسر وﻻ يريد بكم العسر..” .
المصدر : https://dinpresse.net/?p=18276