نَوالُ السَّعْداويُّ بينَ كَيْلِ المَدِيحِ وَكَيْلِ الشَّتائم!

زعيم الخيرالله
آراء ومواقف
زعيم الخيرالله23 مارس 2021آخر تحديث : الثلاثاء 23 مارس 2021 - 9:31 صباحًا
نَوالُ السَّعْداويُّ بينَ كَيْلِ المَدِيحِ وَكَيْلِ الشَّتائم!

زعيم الخيرالله
رَحَلَتْ الكاتِبَةُ المِصْرِيَّةُ يومَ الأَحَد عَنْ عُمُرٍ ناهزَ التسعينَ عاماُ. كانت الراحلةُ كاتبةً وطبيةً وروائيةً، طرحت قضايا مثيرةً للجدل. واشتبكت في معاركَ مع الازهر ورجال الدين. كتبت أَكثرَ من خمسينَ كتاباً تُرجِمَت الى حوالي ثلاثينَ لُغَةً.

الكتابات التي كتبت بعد رحيلها تراوحتْ بينَ كيلِ المديح بلاحدود، وبينَ كيلِ الشتائمِ بلاحدود. بينَ منبهرينَ لايَرونَ الاخطاءَ والهَناتِ والتجاوزات، وبين حانقينَ لايَرَوَن فيها أَيَّةَ حَسَنَةٍ، بل يرونَها مجمعاً لكل رذيلةٍ.

وهذهِ مُشْكِلَتُنا كَشرقيينَ، لانجد فيمن ننبهر بهم ونعشقهم خَطأً أَو نَقْصاً، بل نرسمُ لهم صورةً ورديَّةً ملائكيَّةً لاتنتمي الى هذا العالم الذي يكون فيه كُلُّ البَشَرِ خَطّائينَ الاّ مَنْ عَصَمَ اللهُ تعالى وفي المقابلِ، اذا كنّا من الحانقينَ لانجد في مُخَيَّلَتِنا لِمَن نُكِنُّ لَهُم البغضاءَ، سوى صورة ٍسوداءَ شيطانيّةٍ لاخيرَ فيها.

الكتّابُ الذين لهم موقفٌ من الدين قَدَّمُوا نوال السعداوي كائناً ملائكيّاً بلاخطيئة، والذي كتبوا بعاطفةٍ دينيّةٍ لم يَرَوا للسعداوي ايَّةَ مَزِيَّةٍ. وانا في مقالي هذا، احاولُ أَنْ أُقدِّمُ صورةً موضوعيةً للراحلة التي لها مالها وعليها ماعليها. وان كنت كشخصٍ متدين منحازاً الى ديني وعقيدتي ولاأقبلُ من أَيِّ أَحَدٍ أَنْ يطعنَ فيهما.

هذا الاستقطابُ الحادُّ في الرؤيَةِ، والثنائيّةُ المتناقضةِ في تقويمِ الدكتورةِ نوال السعداويِّ سَبَبُهُ غيابُ المُقارَبَةِ النَّقْدِيَّةِ؛ لانَّ العملَ النقديَّ عملٌ جليلٌ وليسَ شتائماً، ولاهو اغراقٌ في المديح.

العملُ النقدي هو: اعطاءُ الشّخصِ مالَهُ وماعَلَيْه، هو ابرازُ نقاطِ القُوَّةِ والضعفِ في الشخص الذي ننقدُهُ اَو في النَّصِ الذي ننقُدُهُ وفق معايير يحتكم اليها النُقّادُ.

بعضُ المُدافعينَ عن الراحلة السَّعداويّ قالَ: “ان السعداويَّ لم تهاجم الدين ولم تزدريه، وانما هاجمت المتدينينَ الذين شَوَهوا صورة الدين”، ولكنَّ كتابات السَّعداويِّ لم تكن كما يقولون، بل كان للدكتورة فلسفتُها الخاصَّةُ في فَهْمِها للاشياء والتي هي مختلفةٌ عن فلسفةِ الدين.

السيدة نوال السَّعداوي هي التي دخلت في مواجهة مع الازهر بشأن مسرحيتها: (الالهُ يقدمُ استقالته في اجتماع القمة)، وهي التي قالت: (الدين هو تجسيد للعنصرية)، ولم تقل المتدينين الذين يشوهون صورة الدين. والسعداويُّ قالت: (تقبيلُ الحَجَرِ الاسود والطواف حول الكعبة وثنيّة). وهي التي قالت: (الدين والمجتمع يتعمدان تجاهل واقصاء دور المرأة) ولم تقل رجال الدين، او الفهم المشّوَّهُ للدين. والدكتورة السعداوي ترى الشرف ينبع من العقل والفكر ولاعلاقة له بعذرية المراة… وهذا يعني ان المرأة اذا ارتكبت الفاحشة لاتخدش شرفَها في حين ان القران يقول (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا). الاسراء: الاية:32.

ورأيُها في الاجهاض ينبعُ من فلسفةٍ لادينيّةٍ وهي ان المرأةَ يحق لها الاجهاض لانها مالكة لجسدها وهي تتصرف في ملكها. وفلسفة الدين ان المالك الحقيقي هو الله، فنحن لانملك اجسادنا ولاانفسنا: (انا لله وانا اليه راجعون)، واذا كان للمرأة حق الاجهاض لانها مالكة لجسدها ؛ فهل لها حق ازهاق روح جنينها.

واذا كنّا نقرأُ أفكارَ السَّعداويِّ بموضوعيّة فيجب ان نقرأَ هذه الافكار على ضوء ظروف الدكتورة السَّعداويِّ وظروفِ نشأَتِها وطفولتها وتعرضها للختان وهي في عمر الطفولة، وهذا كان له تأثيرٌ في كتاباتها وتحديها للرجال. وقد انعكس في كتاباتها في “الانثى هي الاصل” الذي لايتوافق مع العلم الذي يرى ان كلا الابوين هما اصل تكون الجنين، فالجنين يتكون من بيضةٍ وحيمنٍ. يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ). الحجرات: الاية: 13. وكتابها الاخر “الانثى والجنس”. وفي المقابل حتى ننصف الراحلة السعداوي لابُدَّ أَنْ نقولَ: كان لها مواقف من سياسة السادات، ومن الظلم الذي تعرض له الشعبُ المِصريُّ، ولها مقوله: ان الارهابَ الحقيقيَّ هو دعمُ الولاياتِ المتحدةِ واسرائيلُ.

الراحلةُ طرحت افكاراً وقدَّمتْ رُؤى قد نتفقُ وقد نختلفُ معها، ونحنُ لسنا قضاةً لنحكمَ عليها، امرها متروكٌ لقاضي القُضاةِ وأحكم الحاكمينَ والعدل المطلق الذي لايُظْلَمُ في حَضْرَتِهِ أَحَدٌ.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.