نظرات حول صدور كتاب (نحبّكِ يا نعيمة)

دينبريس
كتاب الأسبوع
دينبريس22 فبراير 2025آخر تحديث : السبت 22 فبراير 2025 - 6:10 صباحًا
نظرات حول صدور كتاب (نحبّكِ يا نعيمة)

hicham akil - دين بريسبقلم: عقيل هاشم/ العراق
كتاب (نحبّك يا نعيمة: بأقلام مَنْ عاصروها وأحبّوها)، تحرير الأديبة أ. د. سناء الشّعلان (بنت نعيمة)، وهو شهادات إنسانية وإبداعية بأقلام من عاصروها وأحبّوها عن الأم باعتبارها شخصية محورية في قلب ووجدان ابنتها الأديبة أ. د. سناء الشّعلان التي تبت شهادات مفعمة بالحبّ والعرفان تتجسّد فيها قيم وأخلاق التّضحية والنّبل والحبّ والعطاء المستمرّ لتصبح جزءاً من طباعها، فاستحقّتْ أن تكون رمزاً يرمز إلى الحبّ المطلق والمثاليّ، وهي بمعنى ما رفيقة الرّوح، حملت مشاعر وقيما إنسانية مضاعفة، وشكلت رمزية مفعمة بالحنين والنقاء والقداسة.

إنّها القلب الذي لا يخذل أبداً في حبه، إنه الحب الأسمى والقلب الأعذب والرحيق الأطيب، منها انبثق جمال العالم.

أما عن أدب وكتابات أ. د. سناء الشّعلان فهي كثيراً ما كُتبت عن حضور الأمّ في حياتها المهنية ورحلاتها الثقافية وكثيراً ما ذكرتها في مقابلات متلفزة ودون مبالغة، بأنها المعين الذي لا ينضب بكل ما تعنيه مفردة الأمومة؛ فاستحقّتْ أن تكون علاقة إنسانية امتزجت فيها مشاعر الفرح والنجاح معاً.

إنّ الرّاحلة نعيمة المشايخ هي قاصّة وكاتبة للأطفال أردنيّة، لها العشرات من الكتابات السّيريّة والمذكّرات الأدبيّة ونصوص أدب الرّحلات والقصص القصيرة وقصص الأطفال ومسرحيّات الأطفال، لها كتابات مخطوطة بين قصة ومشروع رواية، كما كانت على وشك إصدار روايتها المشتركة الأولى مع ابنتها أ. د. السناء الشعلان قبل أن ترحل إلى بارئها.

هي أيضاً أديبة مثقّفة تؤمن بأهميّة دورها في الأمومة إلى جانب دورها الإبداعيّ في المجتمع، تشارك أبناءها وبناتها جميعاً فعالياتهم الثّقافية والاجتماعيّة والحياتيّة، وهي كذلك شغوفة بالأدب والعمل الإنسانيّ والنّشاط النّسويّ؛ لذلك هي تظهر في الفعاليّات الثّقافية الأردنيّة والعربيّة والعالميّة، وكثيراً ما ترافق ابنتها د .سناء الشعلان في رحلاتها الثقافية والإبداعيّة حول العالم في شراكات إبداعيّة وترحاليّة واستكشافيّة بوصفها مبدعة وأمّ لمبدعة كذلك؛ لذلك هي حاصلة على لقب الأمّ المثاليّة للعام 2017 من مبادرة أكرموهم الأردنيّة.

عن صدور كتاب “نحبّكِ يا نعيمة” جاء بمناسبة الذّكرى السّنويّة الثّالثة لرحيل الأديبة نعيمة المشايخ، تبنّى المركز الذي يرأسه الأديب العراقيّ المهجريّ عباس داخل حسن، طباعته وفي طبعته الأولى.

كتاب نحبّك يا نعيمة شهادات حية كتبت بأقلام من أحبّوها وعاصروها هو شهادات جمعتها ونقّحتها وأعدّتها ابنتها الأديبة أ. د. سناء الشّعلان تقديراً لذكرى والدتها الرّاحلة.

يُذكر أنّ الكتاب يقع في (703) من القطع الكبير، وأنّ غلاف الكتاب هو لوحة بريشة الفنّان الأردنيّ التّشكيليّ عاصف نصري، وهي لوحة تحمل اسم (رفيقتي الأبديّة)، في حين شاركتْ الفنّانة التّشكيليّة الإيرانيّة حكيمة توكلي بالكتاب بأربع لوحات بعنوان: (الأمّ وابنتها)، و(الأمّ الطّاهرة)، و(الحبّ الخالد)، و(زهور الحبّ الأبديّ)، كذلك شاركت الفنّانة التّشكيليّة الإيرانيّة زهرا سياحيّ بلوحة بعنوان (أمّي).

أما عن متن الكتاب فقد تضمن كتابات نثريّة وشعريّة وقصصيّة ودراسات نقديّة ولوحات تشكيليّة فنيّة وشذرات فنيّة ومقابلات إعلاميّة، واحتوى الكتاب من بدايته على كلمة للنّاشر عباس داخل حسن، وشهادة من الابنة د. سناء الشعلان (بنت نعيمة)، وشهادة إبداعيّة خاصّة من الرّاحلة نعيمة المشايخ في حقل الأمومة والإبداع، ومدخل إلى الكتاب بقلم أ. د. عبد الإله بنهدار، وكلمة عرفان، وشكر وتقدير وتعزية وتوضيح، وإهداء يتيم، أما التقديم للكتاب كان أ. د. نضال الأحمد العياصرة وأربعة أبواب عملاقة تنتظم الكتاب كلّه تحمل على التّوالي العناوين التّالية: الباب الأوّل: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة نثريّة)، والباب الثّاني: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة شعريّة)، والباب الثّالث: شهادات إنسانيّة وإبداعيّة (شذرات من الحبّ والوفاء)، والباب الرّابع: (لقاءات إعلاميّة مع سناء شعلان حول نعيمة المشايخ). كذلك انتهى الكتاب بملحقين، الأوّل منهما بعنوان: (سيرة الرّاحلة نعيمة المشايخ)، والثّاني بعنوان: (وثائق وصور تخصّ منجز الرّاحلة نعيمة المشايخ).

ختاماً تستعيد د. سناء الشّعلان دور أمّها؛ فهي ذكريات لا يمكن أن تنسى أبداً؛ لذا تقول: هناك امرأة لا تسكن الظّل، لكنّها تخلق النّور، وبه وله وفيه تعيش؛ إنّها أمّي الطّاهرة التي لم تهبني الحياة بشكلها البيولوجيّ التّقليديّ حسب؛ فهذا أمر مفروغ منه، وكم من واهب حياة سلبها بقسوة فيما بعد.

ليس وهب الحياة فضلاً، لكن صنع الحياة وتشكيلها على الفضيلة وخلق أسباب السّيرورة هو التّمثيل الحقيقيّ لكلّ جوانب العظمة والامتنان، وأمّي العظيمة نعيمة المشايخ هي من كوّنت بوشائج روحها ودفقات قلبها ونبض عطائها سناء الإنسانة، وكوّنتها على ما تشتهي، وصنعتها على وفق ملامح روحها، فوهبتها الجمال الرّوحي في أجمل حالته، والقلم هو أجمل ما وهبتني أمّي في هذه الحياة.

أمّي المكلّلة بالحكايات، والمؤمنة بي حدّ العبادة كانت شعوبي المحبين المؤمنين بي، ولو كفرتْ أمّي بي لما نفعني كلّ إيمان البشر بي، هي مَنْ قالتْ لي ستكونين كاتبة شهيرة، هي مَنْ قالت لي اكتبي دون توقّف، هي مَنْ زرعت نفسي قصصاً وحكايات متحقّقة بها، هي مَنْ كانت تحوّل مستحيلي إلى ممكن، وحزني إلى غبطة، ويأسي إلى طاقة، وخوفي إلى شجاعة، بقلب أمي عشتُ طوال حياتي؛ لذلك فاض قلبي عليّ وعلى الدّنيا كلّها بالحبّ والعطاء والعمل.

لم أكنُ قدرها، بل كنتُ خيارها من الخيارات جميعها؛ لذلك تفانتْ لأجل خيارها المتمثّل بي؛ أوّل حرف قرأته في الأبجديّة أو كتبته كان بتعليمها، أوّل حروف العلم حفظتها تلقيناً عن لسانها الشّريف، أوّل كتاب قرأته في حياتي كان هدية منها، أوّل قصّة كتبتها كانت بدعمها، هي مَن ْكابدت الحياة الصعبة لتمدّني بكامل الدّعم الماليّ والعاطفيّ والمعنويّ، كانت القارئ الأوّل والنّاقد الأوّل والحبّ الأوّل في حياتي، ثم أصبحتْ وستظلّ الحبّ الأوحد في حياتي.

هي مَنْ كانت تدخل معي عوالم قصصي لنختار سويّاً جمل القصص أغرب الكلمات أبعد الوجوه عن النّور،هي مَنْ علّمتني أن أقول لا دون خوف، هي من علّمتني أنّ العار الكبير في الحياة أن لا نكون إيّانا؛ لذلك حرصتُ طوال حياتي على أن أكون إيّاي مهما خالف ذلك أعراف القبيلة، وخاصم نواميس المجتمع، واصطدم مع قوى الاستلاب والامتهان.

أمّي تراني بطلها الخرافيّ الذي يملك مفاتيح الكلمة والسّحر والبيان، ويجيدُ أن يفرح قلبها؛ لذلك أثّثتْ مدائن روحها الطّاهرة بتماثيل تقدير ومحبّة لبطلتها الحبيبة سناء.

تسمّيني سونا؛ واسمّيها ملاكي الطّاهر، وبين اسمي واسمها تسكن ذاكرتي التي تضّج بمستحيل ما قدّمته أمّي لأجلي؛ لقد قايضت الزّمن بشبابها وجمالها وصحّتها نظير فرحي وسعادتي ونجاحي وراحتي، وانتزعتْ الفرح والسّعادة والنّجاح من حياتها؛ لتهبها كاملة إليّ، وحدها مَنْ تعرف كيف يكون العطاء،وحدها مَنْ قالت لا للموت وللسّرطان عندما داهماها منذ سنوات طويلة عمرها ربع قرن وأنا طالبة صغيرة في الجامعة في مرحلة الدّراسة الأولى، وقاومتهما،ورفضت الرّحيل كي لا تتركني يتيمة وحيدة في هذه الحياة، وحدها مَنْ تبتلع آلام السّرطان، وتستمهل الموت ساعة تلو ساعة كي لا تسقني حنظل اليتم.

لكن عندما عاودها السّرطان من جديد بعد ربع قرن من غيابه عنها، وانتصر عليها بقوّته الباطشة كانتْ أمّي قد وضعتني على برّ الأمان، وأغمضتْ عينيها إغماضة الموت الأبديّة، وهي تضع يدها في يدي، وتقول لي: كوني قويّة، كوني ابنتي سناء التي ربّيتها.

أمّي قهرت الموت لأجلي، أمّي سرقت السّعادة من الأقدار لأجلي، أمّي آمنت بي في لما كفر البشر أجمعون بي، أمّي علامتي على أنّ الله جميل كريم يهبني الجنّة في الأرض كما يهبنا إيّاها في السّماء إن أحسنا البحث عن عطاياه في حيواتنا، أمّي هبة الرّب العظيم لي، وما أجمل هبات الرّب..

بنت نعيمة شهادات حية وفيض من العرفان يُحسن إلى الفقيدة ويُجزل لها الرحمة ويذكر بالعطاء الذي قدمته في شخصية الإنسانة المكافحة ابنتها د. سناء كان الكتاب بحق عملا مميزاً ومُحكماً ومُغرياً بالقراءة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.