أكد المشاركون في ندوة نظمت، أمس الجمعة بمراكش، في إطار الدورة 11 من المؤتمر الدولي “منتدى مراكش للأمن”، أن الاستخبار أداة لا محيد عنها لاستشراف وتحليل ومواجهة التهديدات الأمنية الشاملة.
وشدد المشاركون، في جلسة حول “الاستخبار في عهد العولمة والتهديدات الشاملة”، على أهمية الاستخبار، في ظل منظومة عالمية تتغير باستمرار، مذكرين بأنه بفضل التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال بات مجال الاستخبار “أكثر انفتاحا”.
وبعد أن توقفوا عند مفهوم الاستخبار وكذا مختلف مراحل تطوره، أوضح المتدخلون أن الاستخبار، في مفهومه الشامل، يحيل على تحليل المعطيات وتحديد التهديدات والمخاطر، وسبل تبني حلول “سريعة وناجعة” في آن واحد، وذلك في إطار مقاربة استشرافية ووقائية.
وأكدوا على الطابع الدولي لهاته التهديدات الأمنية، التي أصبحت تتجاوز الدول والحدود، من قبيل الجريمة المنظمة وبروز التنظيمات الإرهابية وتصاعد موجات التطرف الديني، مبرزين أهمية العمل الجماعي والنهوض بالتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، وإحداث “منتظم استخباراتي” قادر على العمل لفائدة مصلحة الإنسانية جمعاء، بعيدا عن المصالح المحدودة والضيقة.
وأوضحوا أنه “إذا كان الاستخبار شأنا سريا وسياديا بالنسبة للدول، فإن هذا المجال مدعو، أكثر من أي وقت مضى، إلى التوجه نحو التدويل، لاسيما في ظل تصاعد التهديدات والتحديات الأمنية”، مشيرين إلى أن الاستخبار يعد مجالا متعدد التخصصات و”جد معقد”، ويحتاج إلى كفاءات ومعارف وقدرة عالية على تحليل المخاطر والتهديدات.
وبعد أن شدد المشاركون على أهمية التوفر القبلي على المعطيات الكفيلة بدعم مسلسل اتخاذ القرار الأمني، أشار المشاركون إلى أن الاستخبار مفتوح على المجالات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية وغيرها، وأن أي “تطور أو تقدم في المجال سيحسن بشكل ملحوظ من الأمن الجماعي الذي يحتاجه العالم حاليا”.
وفي هذا السياق، أبرز المتدخلون أن تكنولوجيات الإعلام والاتصال، رغم التغييرات العميقة التي أحدثتها ومساهمتها في تنامي هذه التحديات والتهديدات، يمكن أن تشكل وسيلة ناجعة في مجال تبادل المعلومات، مشددين على أهمية تنسيق التعاون الدولي من خلال إحداث مجموعات عمل وفرق متعددة التخصصات قادرة على تجميع وتحليل مصادر المعلومات.
وخلص المشاركون في هذه الندوة إلى التأكيد على ضرورة “توفر الدول الإفريقية على الوسائل التكنولوجية والبشرية القادرة على التصدي للتهديدات وإرساء آلية ذاتية للاستخبار، بالاعتماد على العمل التشاوري بين هذه الدول كشرط أساسي لمكافحة التهديدات الأمنية”.
وافتتحت، في وقت سابق من اليوم، أشغال الدورة 11 من المؤتمر الدولي “منتدى مراكش للأمن”، الذي ينظم هذه السنة تحت شعار “الحفاظ على استقرار إفريقيا في مواجهة أشكال الإرهاب والتهديدات الشمولية”.
ويعرف هذا المنتدى حضور أزيد من 150 مشارك رفيع المستوى، ضمنهم مسؤولون مدنيون وعسكريون، ورؤساء منظمات دولية، وأمنيون، وخبراء أفارقة وأمريكيون وأوروبيون وآسيويون، ينحدرون من حوالي 40 بلدا.
وسيشكل هذا المؤتمر الدولي، المنظم من قبل المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، فضاء للنقاش والتحليل وتبادل الخبرات في هذا المجال.
وستسلط دورة هذه السنة الضوء على التجربة المغربية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب، باعتبارها “تجربة غنية وفريدة مشهود لها بالنجاعة على الصعيد العالمي”، نابعة من الأدوار الطلائعية للمغرب كفاعل رئيسي على الساحة الدولية.
وسينصب النقاش خلال هذا المنتدى على عدد من المواضيع، منها على الخصوص، “الآفاق الاستراتيجية الإفريقية على ضوء التوازنات الهشة (سياق أمني غير مؤكد وطارئ)”، و”الجنوب .. مسرح لحروب الجيل الرابع (أو الحروب الهجينة)”، و”الاستخبار في عهد العولمة والتهديدات الشاملة”، و”الحرب السيبرانية : تهديدات جديدة وجيوسياسية جديدة”.
كما سيستعرض المشاركون قضايا أخرى على صلة بـ”النموذج المغربي في الدبلوماسية والدفاع والأمن”، و”الساحل في مواجهة خطر الجهاد”، و”بعد النوع .. عنصر للوقاية ومكافحة الطائفية كعامل للتطرف العنيف”، و”الطائفية والتطرف وإرهاب اليمين المتطرف في الغرب”.
و.م.ع
المصدر : https://dinpresse.net/?p=6829