احتضنت جماعة حد الدرا بإقليم الصويرة على مدى ثلاثة أيام الأخيرة ختام الموسم السنوي للزاوية الرجراجية، وهو تقليد روحي عريق يجمع بين البعد الديني والرمزية المجتمعية في واحدة من أبرز المحطات الصوفية بالمغرب.
ونظم هذا الحدث من طرف جمعية أجيال للتربية والثقافة، بشراكة مع جماعة حد الدرا، وشهد حضورا وازنا لشخصيات علمية وإدارية ومريدين من مختلف جهات المملكة.
وانطلق الموسم من زاوية سيدي محمد بن حميدة في 11 أبريل، وامتد عبر أربعين يوما، مرورا بأربع وأربعين محطة داخل تراب الشياظمة.
ويشكل هذا المسار، المعروف بالدور أو “الحج الدائري”، تجربة جماعية تمتزج فيها الذاكرة المحلية بالزهد الشعبي، حيث يتنقل الشرفاء والمريدون من ضريح إلى آخر، مجددين التمسك بقيم التآخي والتضامن الروحي.
واستقبلت جماعة تالمست الأنشطة الختامية للموسم، بتنظيم معرض للمنتوجات المجالية وسهرات للسماع والمديح، إضافة إلى عروض للفروسية التقليدية، ما عزز من الإشعاع المحلي للموسم كرافعة اقتصادية موازية للبعد الديني.
وأبرز نقيب الزاوية، عبد العزيز المقدم، في تصريح إعلامي، أهمية هذا الحدث في تعزيز الروابط بين الزاوية والمجتمع، مثمنا الدعم الذي قدمته السلطات المحلية والمصالح الأمنية لإنجاح هذا الموعد السنوي، ومجددا تأكيد التزام الزاوية الراسخ بالعرش العلوي المجيد.
وشهد الموسم هذه السنة انفتاحا متجددا، من خلال برمجة أنشطة موازية أبرزها ملتقى ربيع ركراكة، ومسابقات قرآنية، وليال للمديح والسماع، مما عمق البعد التربوي والروحي لهذا الطقس المتفرد.
ويتميز موسم الزاوية الرجراجية بتركيبه الفريد، حيث يمر عبر مرحلتين رئيسيتين، الأولى بسهل الشياظمة الساحلي، والثانية شرق جبل الحديد، وتشهد كل محطة إقامة مهرجانات وأسواق شعبية، بما يعزز من الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للموسم في المحيط المحلي.
وتؤكد تجربة رجراجة المستمرة منذ قرون أن التصوف المغربي لا يزال يحتفظ بوظيفته الأصيلة: إحياء الروح الجماعية، وترسيخ قيم التسامح، وتحصين الهوية الدينية من التفكك، عبر تقاليد حية تنبع من عمق الأرض وتحمل ذاكرتها في خطوات الزائرين.