سليمان الهواري
أنا أيضا أشك .. أغلبنا يشك !!
1400 سنة ونحن نبرر جرائمنا وكوارثنا وإرهابنا ودعششتنا .. أننا لم نفهم الإسلام .. هل أخفق رسول الله ( حاشاه طبعا ) في تبليغ الرسالة وشرحها حتى تفهمها كل الأجيال إلى قيام الساعة ؟ لماذا كل يوم جريمة ونحن نتبعها بالتبرير كالإطفائيين ؟ وهذه الحرائق لا نهاية لها ..
نعم نحن في أزمة كبيرة ومن يكتفي بوضع رأسه تحت الرمل مثل النعامة بدل مواجة هذه الاسئلة الحارقة ، فلن يعمل سوى على تضخيم المشكل أكثر ليستفيق غذا على جريمة إنسانية أكبر .. أنا لا تهمني فرنسا الاستعمارية الامبريالية ولا ماكارون يد ورتشلد في فرنسا .. يهمني أنا ونحن فعلا ..
هل تقبل أنت أيها المسلم وأنت أيتها المسلمة أن تأخذ سكينا أو سيفا و تقطع رأس بشر من الأذن للأذن وتراه كيفركل (قدامك مثل الخروف ، و أنت تنهض سعيدا تمسح دم المذبوح في كمك .. هل يمكن أن تتخيل المشهد فقط فكيف تقبل به و كيف توافق عليه و كيف تبحث على مبرر لفهم ما وقع ؟ ومهما فعل الأستاذ الفرنسي .. مهما فعلت شارلي ايبدو .. ذاك بلدهم فرنسا العلمانية المادية ، وهي توفر لكل منى ضاقت بهم بلداننا من الاخوان و المسلمين والسلفيين و الوهابيين أن يجدوا فيها ملاذا آمنا .. فكيف نتخيل أن يكون جزاء دولة حامية و حاضنة من هذا القبيل .. وأنت ترجعه للدين .. مستحيل أن يكون أي دين يقبل بهذه البشاعة الانسانية و بهذا التطرف الهمجي .. والمصيبة أعظم حين ترتكب هذه المجازر باسم الله و باسم رسوله محمد عليه السلام ..
سؤال أول :
هل نسخة الاسلام المتداولة شرقا و غربا شيعة وسنة و صوفية ، هي النسخة الأصلية التي جاء بها الرسول الأعظم أم أننا أمام نسخ مزورة تم التدليس فيها وتسريب قيم و نصوص لا علاقة لها بالنص المقدس الأول ؟
سؤال ثاني :
عندما نمتلك الجرأة لوضع اليد على أصل المصائب في المنهج الذي نستضمره داخلنا في تمثلنا للإسلام وتكاليف الإسلام ، فهل نمتلك الجرأة لمواجهة قطعان التاريخ وهذا الجهل المقدس الساكن فينا جميعا و الثورة عليه .. هل نمتلك الوسائل لإقناع الناس بكل فئاتهم أنه كفى و أنه كفي مليون مرة و يجب أن يتوقف هذا الهدر التاريخي للمعنى وللدين تحت ألف عنوان .. باسم السنة نموت و باسم آل البيت نموت وباسم الشريعة نموت .. كفانا ثقافة موت فعلا ولننفتح على كتابات أخرى ممكنة وعلى قراءات أخرى ممكنة، دون تكفير ودون اتهام و دون حجر ودون وصاية على التفكير وعلى معانقة الإنسانية في رحابتها المدنية ..
وهذه معركتنا نحن أولا، ونحن كلنا معنيون بها .. ودونها صبر وزمن و إمكانات وتكلفة نفسية كبيرة ..
سؤال ثالث :
وفي نفس سياق دعشنة الإسلام والارتكان لمنطق التضييق وتكفير المخالف واستساهل رمي الٱخر بالردة وحكم الموت .. ومع حادثة مقتل المعلم الفرنسي على يد مراهق مسلم إرهابي شيشاني .. لنتابع تطورات الصحفي المغربي مصطفى الحسناوي الذي اختار اللجوء السياسي في دولة السويد .. المصطفى محسوب تاريخيا على السلفية الجهادية وقد قضى سنوات في السجن بهذه التهمة ..
وهو يعيش الٱن حالة قلق فكري كبير عبر عنه في إطلالته الأخيرة قبل يومين. بأنه انتقل من الإيمان إلى حالة اللاإيمان .. المصطفى لم يقل أنه أصبح ملحدا ولم يقل أنه كفر بالإسلام ..كل ما في الأمر أنه عبر عن اهتزاز يقينياته ومسلماته، لتغشاه حالة شك وأسئلة كبرى يبحث لها عن أجوبة .. ولو كنا نعيش في بيئة فكرية سليمة لمر الامر بهدوء وسيتلقى انتقادات وملاحظات ونقاشا من نفس جنس المفهوم ، اي نقاش الافكار بالافكار والهدف هو الإقناع .. دون الدخول في النيات والسرعة في الاتهام وكأننا نحن من نتكلم باسم الله هنا فوق الأرض ..
تابعت بحزن حقيقي ردود فعل كل من السيد حسن الكتاني و الفيزازي … وهما معا أشهرا في وجه الصحفي المغربي احاديث الردة وإجماع الأمة والتاريخ والله والرسول والصحابة في استعفار عام من أجل إثبات ردة الحسناوي وكفره .. الله كبر ، هي إذن غزوة من دار الاسلام على دار الحرب التي يسكنها المصطفى المسكين وحده .. احمد الله يا مصطفى وانت في السويد وإلا كانوا أرسلوا لك شي كول البوطاكاز ياخذ الأجر فيك ب شي تفركيعة الله يحفظ .. وهما وأمثالهم ما منعهم عن ارتكاب العنف المادي الحقيقي والمباشر إلا عجزهم وضعفهم ، أما مواقفهم فواضحة ولم تتغير رغم تباين السبل بينهم ، لكنها عقيدة التكفير والقتل تسكنهم لحد الساعة ..
لنتخيل لو كان أمثال هؤلاء يحكموننا .. والله كنا شهدنا عمليات الرجم علنا في ساحة باب الاحد بالرباط وكان نصف ابناء الكريان والبرج ويعقوب المنصور مقطوعي الايدي لارتكابهم سرقات صغيرة وفقط .. وربما تحولت ساحاتنا العامة لسوق نخاسة ودلالة الجواري كما تعمل طالبان وعملت داعش في الرقة والموصل من أسواق جهاد النكاح المقدس .. الله يقطع ل بوكم الشقف ..
يكفي أن نلاحظ ردة الفعل هذه على تصريح صحفي مسلم كان أخا لهم وشريكا لهم في القناعات ، لكنه ترجل من سفينة حقدهم ويقينياتهم المزيفة ليعلن فقط أنه يشك ..
نعم المصطفى الحسناوي يشك ..
ونحن كلنا نشك في أمور تاريخية ونصوص وأحاديث لا يقبلها العقل .. نحن نشك في روايات حشوا بها رؤوسنا وكأنها الحقيقة ومن يعترض عليها كمن اعترض على حكم رب العالمين !!
لقد آن الأوان فعلا كي يتحرر الدين من سلطة محتكري الحقيقة الأحادية ودواعش الزمن .. أولئك الذين سرقوا منا ديننا ، وباسم فهمهم هم فقط للدين والفقه والاحكام، نعيش نحن ويعيش العالم كل يوم جريمة قتل وكل يوم جرائم وانتهاك حرمات .. والتحرير لن يكون بمحاصرة الأشخاص فقط ، فحتى لو ماتت طالبان تخلفها القاعدة ..ولو ماتت القاعدة تخلفها داعش .. وحبل التطرف بلا نهاية ..
لنعلنها واضحة أن مشكلنا يوجد في فهمنا التاريخي للنصوص التي ليست بالضرورة مقدسة كما قيل لنا .. بل في صدقية كثير من النصوص التي تسكن في قلب ما يسمى صحاح مصادر الدين .. صحيح البخاري ، صحيح مسلم ، الكافي ، بحار الأنوار .. ؟؟
المصدر : https://dinpresse.net/?p=11379