دين بريس ـ خاص
الرباط ـ تم أول بالعاصمة الرباط، إطلاق كرسي “جيوسياسية الثقافات والأديان” بأكاديمية المملكة المغربية، ويأتي إحداث هذا الكرسي من أجل تعزيز قيم المشترك الإنساني ورفع الوعي بغنى الاختلافات وحتمية التعايش بين الثقافات والديانات، والإسهام في تطوير المعرفة وفتح آفاق جديدة للبحث والابتكار من أجل نشر ثقافة السلم والوئام ونبذ العنف والتطرف.
تميز اللقاء الافتتاحي بحضور نخبة من المفكرين المغاربة والأجانب، إلى جانب بعض ممثلي البعثات الدبلوماسية، وافتتحت أشغاله بكلمة ألقاها أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل لحجمري، الذي أكد أن الجغرافيا السياسية للثقافات والأديان تمثل اليوم مجالا تتداخل فيه الأبعاد التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية من أجل فهم مغاير للبنيات الرمزية التي تؤطر هوية المجتمعات وتحدد مساراتها، خاصة ما يتعلق منها بقضايا الهوية والانتماء التي تعد من أبرز العوامل المؤثرة في الأحداث الجيوسياسية.
كما ذكر المسؤول نفسه الحضور، بزيارة البابا يوحنا بولس الثاني للمغرب سنة 1985 وزيارة البابا فرنسيس سنة 2019، اللتين شكلتا حدثين هامين معبرين عن إرادة المغرب القائمة على مبدأ الانفتاح على الديانات السماوية الثلاث والانفتاح على الآخر.
وبعدما أشار إلى أن كرسي “جيوسياسية الثقافات والأديان” يسعى إلى استكشاف كيفية استجابة الثقافات والأديان للتحديات الكبرى التي تواجهها المجتمعات المعاصرة، مثل قضايا البيئة، وتطورات الذكاء الاصطناعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، نبه أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة إلى أن دراسة الجغرافيا السياسية للثقافات والأديان تتطلب مقاربة متعددة التخصصات، تشكل السرديات الدينية والثقافية تصورات عن الهوية والانتماء، وتؤثر في الرؤية للمكان والزمان والآخر.
من جهته، أكد السيد الصقلي أن هذا المشروع العلمي يسعى إلى الجمع بين البعد العلمي والأفق التجديدي، وتعزيز التعايش بين الثقافات والأديان، ومواجهة التحديات الراهنة مثل التطرف وخطاب الكراهية في سياق عالمي يشهد توترات متزايدة بسبب التداخل بين العوامل الثقافية والدينية والسياسية، مبرزا أن “التجربة التاريخية للمغرب في هذا المجال أثبتت أن التعددية يمكن أن تكون أساسا للحوار والإبداع بدلا من أن تكون مصدرا للصراع”.
وسجل، في هذا السياق، أن المغرب لطالما أكد على ضرورة تعزيز التعددية الدينية والثقافية كركيزة أساسية لرؤية المملكة المستقبلية، مستحضرا تميز التجربة المغربية بهذا الخصوص من خلال المساهمة بفعالية في إصدار العديد من القرارات الدولية لتعزيز الحوار بين الأديان ومكافحة خطاب الكراهية، منها على سبيل المثال: تقديم قرار الأمم المتحدة لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات ومكافحة خطاب الكراهية، والذي تمّ اعتماده بالإجماع سنة 2019 بناءً على مقترحٍ من المملكة المغربي؛ “نداء القدس”، وهو نداء مشترك من صاحب الجلالة الملك محمد السادس وقداسة البابا فرنسيس، لحماية القدس كرمز للتعايش السلمي بين الأديان.
وأشار الصقلي أيضا إلى أن إحداث هذا الكرسي الأكاديمي يعد فرصة لدراسة هذه الظواهر من منظور علمي شامل ومتعدد التخصصات، يجمع بين التاريخ والسياسة والاقتصاد والجغرافيا، فضلا عن تقديم رؤية حول الدور الذي يمكن أن تضطلع به الثقافات والأديان في بناء علاقات معاصرة قائمة على التفاهم المتبادل.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=22952