بعد كتابيه في خوادم علم التفسير تحت عنوان: العالم المفسر عبد الوهاب لوقش (حياته وآثاره)، والتفسير الإذاعي للقرآن الكريم (بالمملكة المغربية)، يطل علينا الباحث المقتدر الدكتور يونس السباح الطنجي بتحقيق لمصنف جديد تحت عنوان: “التفسير واتجاهاته وما كتب فيه”، من تأليف العلامة المحقق محمد بن الأمين بوخبزة الحسني، الصادر حديثا عن دار سيلكي اخوين بطنجة في 123 صفحة من الحجم الصغير.
وهو كتاب يهتم بمادة التفسير واتجاهاته وما كتب فيه، يرجع أصله إلى دروس علمية كان يلقيها العلامة المحقق الفقيه محمد بوخبزة (رحمه الله) على طلبته في مادة الثقافة الإسلامية بمعهد الإمام أبي القاسم الشاطبي لتحفيظ القرآن وتدريس علومه بتطوان.
وقد نشط المؤلف في تدريس هذه المادّة، ولم يكتف كعادته في المقرّرات التي يدرّسها، فيختار كتاباً معيّناً لسرده وشرحه… بل تحمّل أعباء الكتابة، ومشقّة التأليف، فحبّر عدّة دروس في مادة الثقافة الإسلامية، كانت نواة لمشروع كتاب مستقلّ، بيد أنّه لم يُطل في تحريرها، وما وصلنا منها – مع الأسف- هي هذه الدّروس- موضوع الكتاب- والتي قال عنها: (…فهذه دروس في مادة الثقافة الإسلامية ألقيتها على طلبة القسم الرابع والخامس التابعين لمدرسة أبي القاسم الشاطبي المؤسسة لتحفيظ القرآن وتدريس علومه، وهي مادة تقرر لأول مرة في هذه المدرسة وربما في مدارس تطوان أو المغرب..).
وقد استخرج منها المؤلف هذا الكتاب، معرّفا في مقدمته بالثقافة الإسلامية بصفة عامة، مع وضع مقدّمة هامّة في العلم والكِتاب والمكتبة، باعتبارها مدخلاً هامّاً للثقافة الإسلامية، ثمّ تحدّث عن البحث العلمي وكيفيته وطرائقه وشروطه، ومراحله، وغاياته.
وبعد هذا التقديم انتقل إلى التعريف بأوّل علم من العلوم الشرعية، وهو علم التفسير، لأنّه اللّبنة الأولى في العلوم الشرعية – بحسبه- لتعلّقه بكتاب الله تعالى، معرّفا به لغة واصطلاحاً، ومبينا موضوعه، وواضعه.. إلى آخر المبادئ العشرة المتعلّقة به.
ثم تابع بتفصيل ما يتّصل بعلم التفسير من علوم القرآن، معطيا نظرة حوله، ومبينا أهمّيّته، وما كُتب فيه، ثمّ انبرى للحديث عن مصادر علوم القرآن؛ فتحدّث عن المصحف الشريف، وطبعاته، والاهتمام بترجمته، وبعد هذا تحدّث عن فهارس ألفاظ القرآن لكونها خادمة له ومتّصلة به، فذكر أهمّيّتها، وبيَّن أهمّيّة تفسير غريب القرآن ومشكله، ووقف على كثير من مصادر ذلك، مع نسبتها وطبعاتها، مستخدماً في ذلك كلّه انطباعاته وحكمه على العمل، مع التّعريج دائماً والاهتمام بالمدرسة المغربية الأندلسيّة.
وتحدث كذلك تحدّث عن علم التّجويد، الذي يعدّ من أهمّ علوم القرآن، في تعريفه وموضوعه، ومن صنّف فيه، ثم عرج بالحديث عن رسم القرآن، وعلم القراءات، وعن التآليف فيها، وكلّ هذا جعله مدخلاً بين يدي أوّل موضوع من موضوعات الثقافة الإسلامية، وهو التفسير واتّجاهاته، وما كتب فيه.
ولمّا كانت هذه المقدّمة كلّها، – وهي جلّ الكتاب- تتعلّق بالتّفسير واتّجاهاته، بقيَ عليه أن يعرّف بما كُتب في هذا العلم ورجاله، فبدأ بذكر أهمّ مصنّف فيه، وهو جامع البيان لشيخ المفسرين أبي جعفر الطّبري، لكنه انشغل بتدريس مواد أخرى وبقي هذا المشروع دون إتمام..
وقد عمل المحقق – بعد إتمام عمله في تحقيق أصل الكتاب- على تذييل الكتاب ببعض الملاحق المصاحبة، ثم وضع لائحة للمصادر والمراجع المعتمدة، نسأل الله تعالى النفع به، إنه ولي ذلك ونصيره.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=15929