إدريس عدار
يلعب أبناء العدالة والتنمية على مبدأ النسيان. لا يهم بالنسبة إليهم إلا أن تمضي الأجيال التي تعرف تاريخهم. قديما قال الإبن لأبيه: لماذا لا نصبح نحن أيضا شرفاء. فرد عليه: حتى يموت الذين يعرفوننا. لا نفهم كل هذه الضجة حول توقيع سعد الدين العثماني، أمين عام الحزب ورئيس الحكومة، الاتفاق الثلاثي رفقة كوشنير ومايير بن شبات؟
قدم البعض استقالاتهم احتجاجا على هذا التوقيع. محاولة تصوير أن الحزب يرفض هذا التوجه. هو تسويق فقط لحالة بئيسة تسعى لتقمص الحالة الثورية. متى كانوا كذلك؟ لقد كانوا أقل إصلاحية من الشبيبة الاستقلالية بتعبير عبد الإله بنكيران نفسه. كلمته مسجلة على كاسيط أواخر الثمانينات في اجتماع للمكتب التنفيذي للجماعة الإسلامية (الإصلاح والتجديد فيما والتوحيد والإصلاح بعد الوحدة مع رابطة المستقبل الإسلامي).
كيف يمكن أن تكون ثوريا وأنت تنتمي لحركة كل طموح رئيسها هو أن يكون خادما مطيعا لإدريس البصري. وقعها ومهرها بكلمته الشهيرة “الخادم المطيع والداعي لكم بالصلاح والتوفيق في كل حين عبد الإله بنكيران”. يوم كان زعيم “الثوار الحاليين” يتمنى أن يكون خادما مطيعا كانت الشبيبات الإصلاحية ترفض التعامل مع البصري.
يقول بنكيران في تلك الرسالة “نشاط هذه الجمعية يقوم على دعوة الناس عامة والشباب خاصة إلى الإلتزام بالإسلام باعتباره شاملا لحياة الإنسان والمجتمع من حيث العقيدة والعبادات والأخلاق والمعاملات، ووجدت هذه الدعوة في تلك الأيام إقبالا كبيرا من الشباب وخصوصا بعد أن تصدى الشباب المسلم الملتزم للشباب اليساري في الثانويات والجامعات ورجعت الثقة بالنفس إلى الشباب المتدين عامة وأقبلوا على جمعية الشبيبة الإسلامية في كل أطراف البلاد”.
وأضاف “إننا نأمل أن تتداركنا عناية اللّه على يدكم فيسمح لنا من جديد بممارسة نشاطنا والاستمرار في القيام بواجبنا في الدعوة. ومن الواجب في رأينا أن يقوم بين المسؤولين والدعاة تعاون قوي لما فيه خير بلادنا. أما النزاع والشقاق فلا يستفيد منه إلا أعداء الدين وأعداء الوطن. وإن الشباب المتدين لما أكرمه اللّه به من ورع وصلاح حسب ما نعلمه عنه مؤهل لخدمة دينه وبلده أفضل الخدمات”.
هل هذه الرسالة تمثل حالة ثورية؟
لم يجد أبناء الحركة من شيء يظهرون فيه مهاراتهم الصوتية سوى القضية الفلسطينية، التي لم تكن تعنيهم قبل ظهور حماس. لم تكن هذه الظاهرة الصوتية تكلف شيئا. كان الكل يساند فلسطين بطريقته. لكن بنكيران، الذي ساهم في إرسال الشباب إلى أفغانستان لم يدع إلى الجهاد في فلسطين. العدالة والتنمية، الذي بعث أبناءه إلى سوريا متضامنين مع الجماعات التكفيرية تحت عنوان الثورة السورية لم يرسلهم إلى فلسطين، بل يدعو إلى الذهاب إلى فلسطين.
ولسنا في مجال مزايدة بل في ميدان رصد لهذا فإن دعوة الحركة والحزب للشباب قصد التوجه إلى سوريا مسجلة في كلمة للقيادي امحمد الهيلالي في وقفة بالرباط إذ دعا الشباب إلى التوجه هناك، معبرا عن استعداده أيضا للحاق بهم، غير أنه توارى حتى التحق مديرا بوزارة الإسكان.
الجذبة “الثورية” لأبناء الحركة مجرد مسرحية لا يقدرون عليها. هذا خطاب أكبر منهم بكثير.
بالتوقيع العثماني انتزعوا منهم آخر مظهر “ثوري” يمكن أن يتعلقوا به.
المقرئ أبو زيد الإدريسي جمّد عضويته داخل الحزب. يعني حتى لا يضطر لمغادرة البرلمان وحتى يعود متى شاء أو متى مرت هذه الريح الصرصر العاتية. لكن المقرئ لم يقدم استقالته من حركة التوحيد والإصلاح، التي ما زال قياديا فيها. كل فصل بين الحركة والحزب مجرد مغالطة.
حركة التوحيد والإصلاح هي الأصل. بحثا عن آفاق أخرى وممارسة العمل السياسي حاولت الحركتان المؤسستان لها تأسيس حزبين سياسيين، التجديد الوطني والوحدة والتنمية، ولما فشلا في الدفاع عنهما انخرطا في حزب الدكتور الخطيب، الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية سنة 1996 وبعدها بسنتين سيصبح العدالة والتنمية.
الغرض من هذا السرد هو تبيان أن الحركة الدعوية كانت تبحث عن العمل السياسي فانخرطت في حزب قائم وسطت عليه. الحزب لم ولن يكون سوى أداة وظيفية في يد الحركة. فكيف تقدم استقالتك أو تجمد عضويتك من الأداة الوظيفية وتبقى فاعلا في الفاعل؟
المصدر : https://dinpresse.net/?p=13259