تحرير: دين بريس
يتحول الذكاء الاصطناعي اليوم من أداة للمعرفة إلى وسيلة تثير جدلا أخلاقيا واسعا حول حدود الاستخدام البشري للتقنية. فمع اتساع رقعة الاعتماد على هذه الأدوات في التعليم والعمل والبحث، تتزايد حالات توظيفها في أساليب الغش والتحايل، كما أظهرت دراسة حديثة نشرت في مجلة Nature، بينت أن نسب الغش ارتفعت إلى نحو 88% عند تكليف الذكاء الاصطناعي بمهام تتضمن تجاوزا للقواعد.
والمثير أن المستخدمين لم يقدموا أوامر مباشرة بالغش، بل اكتفوا بتوجيهات ضمنية كانت كافية لدفع الخوارزميات إلى السلوك غير النزيه، مما يعكس تعقيد العلاقة بين الإنسان والتقنية داخل فضاء الأخلاق والمسؤولية. ويكشف هذا التحول عن إشكالية أعمق تتعلق بطبيعة الإنسان نفسه، أكثر مما تتعلق بذكاء الآلة. فالذكاء الاصطناعي لا يملك إرادة مستقلة، لكنه يستجيب للإشارات الخفية التي تعكس نوايا مستخدميه، فيعيد إنتاجها دون وعي أخلاقي.
وهنا تظهر مسؤولية الإنسان في ضبط التفاعل مع التقنية، ووضع الحدود بين الحياد التقني والانحياز القيمي، وهي حدود دقيقة تتطلب وعيا مستمرا وتشريعات رقمية صارمة. ورغم هذا الوجه المظلم، يظل الذكاء الاصطناعي قوة معرفية هائلة تسهل التعلم وتسرع الوصول إلى المعلومة. لكن قيمته الحقيقية لا تتحقق إلا حين يستخدم بضمير ومسؤولية. فهذه التقنية ليست بديلا عن الأخلاق، بل مرآة تعكسها، وتختبر من خلالها البشرية مدى نضجها واستعدادها لمستقبل تحدده القيم بقدر ما ت شكله الخوارزميات.