أتممت قراءة هذا الكتاب للصحفي المغربي المقيم بالسويد مصطفى الحسناوي، الصادر عن دار الأمان بالرباط، الطبعة الأولى 2023م. وهو يتحدث عن تجربة مؤلفه مع بعض الحركات الإسلامية داخل المغرب، وكتب بأسلوب أدبي سردي. وقد سجلت عليه بعض الملاحظات الأولية، لعل الله ييسر الرجوع إليها لتفصيلها أكثر في مقاطع مرئية. ومن هذه الملاحظات:
1. تحول الكاتب من شخص يدافع بقوة عن الحركات الإسلامية إلى شخص يهاجمها، وانقلاب فكره من شخص يعتز بدينه وعقيدته إلى شخص يشكك في كل ما له علاقة بالدين والعقيدة، كان حاضرا بقوة في الكتاب، وأثر على شهاداته وأقواله ونتائج بحثه بشكل كبير.
2. الكتاب أقرب إلى سيرة ذاتية تروي لنا باختصار شديد محطات تاريخية عاشها المؤلف وتفاعل معها، ولا يرقى ليكون دراسة تاريخية تعتمد لمعرفة حقبة مهمة من تاريخ المغرب المعاصر؛ لأن الدراسة التاريخية لها شروطها وقواعدها، وفرق واسع بين الدراسة التاريخية والانطباعات الشخصية.
3. أطلق المؤلف في كتابه أحكاما جاهزة كبيرة، وحاكم تاريخ الأمة الإسلامية كله بآحاد الوقائع والأحداث المنتقاة بدقة وعناية من مسيرة الأمة التاريخية، زاعما لنفسه أنه قام بعملية استقراء أوصلته إلى هذه الأحكام! وإن حكما واحدا من تلك الأحكام يحتاج إلى أطروحة أكاديمية لا تنجز في أقل من خمس سنوات.
4. قد يصدر الكاتب حكما عاما على الإسلام، ويوجه اتهاما إلى التراث الإسلامي المشحون بالتحريض على الآخر، كيفما كان هذا الآخر، ثم يعود ليستدرك بأنه ليست كل الحركات الإسلامية حركات جهادية، وإنما فيها حركات تشتغل على الجانب الروحي أو التربوي أو الفقهي أو السياسي، ثم يرجع كرة أخرى ليدعي أن هذه الحركات تمتلك قدرة فائقة على التأقلم والتكيف والتلون بحسب الظروف والسياقات.
5. تعامل الكاتب مع أحداث التاريخ بانتقائية عجيبة أتت على ما توصل إليه من نتائج بالبطلان، ووقع فيما اتهم به غيره من التدليس والتزوير لوقائع التاريخ! ونتيجة لهذه الانتقائية التي تخدم فكرة الكاتب جاء الكتاب عبارة عن طبخة غير متناسقة المكونات والمقادير، جعلها عسيرة الهضم، وتصيب من تناولها بالمغص.
6. دعا الكاتب إلى وجوب خوض معركة كبرى داخل التراث الإسلامي المؤسس للعنف وللمشاريع الانقلابية، لأجل بيان تهافته وبطلانه؛ لكنه لم يكلف نفسه عناء بيان الأشخاص المؤهلين لخوض هذه المعركة وإعادة قراءة التراث وتنقيحه وتصحيحه. والكتاب الذي بين أيدينا دليل واضح على فشل خوض مثل هذه المعارك من أشخاص لا زالوا يعانون معاناة عظيمة مع كتابة الهمزة وسط الكلمة! فكيف لمثل هؤلاء أن يقودوا معركة عظمى ضد تاريخ الأمة وتراثها، وهم لا يحسنون قراءة هذا التراث، كما وقع للكاتب نفسه يوم أراد أن يثبت للناس أن القرآن الكريم لا يوجد به أي إعجاز، فإذا به يخطئ في قراءة بعض آيات القرآن!
المصدر : https://dinpresse.net/?p=20237