مقالة في ضرورة المشاركة السياسية

محمد علي لعموري
آراء ومواقف
محمد علي لعموري8 يونيو 2021آخر تحديث : الثلاثاء 8 يونيو 2021 - 2:08 مساءً
مقالة في ضرورة المشاركة السياسية

محمد علي لعموري
أكتب هذا المقال لأوضح أمرا أساسيا بخصوص المشاركة السياسية في الاستحقاق الانتخابي، قد يتفق معي فيه البعض وقد يختلف معي البعض الآخر، ولكني أنطلق فعلا من معطى معيب وهو هذه الدعاوى التي تحث الناس على مقاطعة الانتخابات باعتبارها محطة لا جدوى منها !

سأتوجه مباشرة إلى تلك الفئة العريضة اليائسة المتدمرة من الوضع الاجتماعي للبلد والتي حقدت على الساسة وعلى السياسة، وفقدت الثقة في الجميع، وترى في عدم المشاركة في الانتخابات نوعا من العقاب الذي يستحقه كل هؤلاء الذين ساهموا في تمييع الحياة السياسية ونفروا الناس في العمل السياسي، وفاقموا من حجم الحقد الطبقي..الخ …إلى هؤلاء أقول أنكم في عام 2011 صوتم على حزب كنتم ترونه صادقا طهرانيا، رفع شعار الاصلاح الذي كان “موضا” تلك الفترة من فترات بداية “الربيع العربي”، وحركة عشرين فبراير، ثم صعد الحزب الإسلاموي وحكم ودبر الولاية الاولى التي ترأسها بنكيران بارتجال، ولم يصلح كما وعد، ولم ينهض بالأوضاع الاجتماعية، بل فاقم من حجم المديونية، وعاش المغاربة معه كوارث لمسناها في ارتفاع نسبة البطالة، وعدم تشغيل العاطلين، وقمع المتظاهرين، ولم نلحظ من إصلاح حقيقي سوى على وضعية وزراء ومسؤولي ومنتخبي حزب العدالة والتنمية الذين ركبوا السيارات الفارهة، وسكنوا الفلل، وراكموا الأموال من الرواتب السمينة والتعويضات السخية…

ثم قاطع الناس انتخابات ما قبل الولاية التشريعية التي سنودعها، ولما كانت لحزب العدالة قاعدة ناخبة ثابتة تصوت له من المنخرطين والعاطفين من الاسلاميين، وبسبب هذا العزوف الذي يترك المجال فارغا بسبب نسبة المشاركة المتدنية، وضعف الأحزاب الأخرى بما فيها الأحزاب التاريخية ذات الرصيد النضالي الطويل مع السلطة، فإن العدالة والتنمية عاود الفوز على حساب العازفين والساخطين والذين أسدوا له خدمة مجانية بتلك المقاطعة وعدم الإنتخاب، فها هو نفس الحزب يحوز الأغلبية في البرلمان، ويستكمل مساره الفاشل في إدارة العديد من الأزمات، ولولا تدخل الدولة بثقلها في شخص جلالة الملك لتدبير أزمة كورونا، لوقع ما لا يحسد عليه ولحلت الكارثة.

اليوم يعاود هؤلاء الذين يدعون إلى المقاطعة إتاحة الفرصة لنفس الحزب أن يحل ضيفا ثقيلا على رقابنا ومصائرنا لخمس سنوات أخرى بعد أن ضاع زمن سياسي يربو عن العشر سنوات دون إنجازات حقيقية، ودون انفراجات في قضايا اجتماعية تعاني منها فئة عريضة من الشعب الفقير، العاطل عن العمل، المأزوم سوسيولوجيا ونفسيا بسبب خيبة الأمل الكبرى في الاسلاميين الذين ضحكوا على ذقون الناس بوعودهم الكاذبة التي لم يتحقق منها شيء سوى المزيد من تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للأسر الفقيرة وللطبقة المتوسطة.

لهذا، وبما أن العزوف السياسي، وضعف المشاركة السياسية قد استغله حزب العدالة والتنمية للفوز في ولايتين متتاليتين دون حصيلة مشرفة تذكر، والتي يمكن استشفافها من واقع الحياة اليومية للمواطن البسيط، وبما أن استمرار نفس العقاب/الخلاص قد يستفيد منه نفس الحزب الفاشل لاحتلال المرتبة الاولى انتخابيا، وبالتالي ينتصر على الجميع فيما يشبه التحدي، فإني أدعو الجميع إلى تعديل المنهجية وهي الذهاب إلى صناديق الاقتراع للتصويت، وذلك لسد الطريق على ” الباجدية” من أن يعاودوا الفوز، فعقابهم في اعتقادي لن يكون سوى بمشاركة مكثفة والتصويت لأي حزب سواهم، حتى نقطع مع مرحلة، ونفتح جبهة الاوراش الكبرى التي تضمنها تقرير النموذج التنموي الجديد الذي قدمه مؤخرا السيد شكيب بنموسى رئيس اللجنة إلى جلالة الملك، والذي يضم عددا من المشاريع الكبرى التي تهم النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لبلدنا، والتي من شأنها أن تفتح المغرب على مستقبل واعد.

ولن يكون بالمستطاع انجاز وتنزيل هذه المشاريع الاستراتيجية بواسطة نفس الوجوه التي ألفناها، والتي أثبتت فشلها، وأصبح رحيلها ضرورة ملحة، ولن يتأتى ذلك إلا بالتصويت ضد ذلك الحزب الاغلبي الذي يقود الحكومة اليوم، وإعطاء الصوت لغيره حتى لو كان أي حزب صغير، المهم هو دحر قوة الحزب الذي تسبب في كل هذه المشاكل وأوصل البلاد والعباد إلى هذه الوضعية الكارثية التي تنذر بالانفجار.

لهذا فالقرار بأيديكم إما أن تشاركوا في الانتخابات وتصوتوا ضد الحزب عقابا له، وإما أن تقاطعوا فيبقى نفس الحزب متربعا على عرش النتائج الهزيلة، وجاثما على قلوب ونفسية ملايين المغاربة الذين ينتظرون فرجا قريبا من السماء، والحال أن التغيير لن يأتي إلا بأيديكم أنتم، فأنتم أو آباؤكم البارحة هم من صوتوا لنفس الحزب آملين في التغيير والإصلاح والفلاح، وأنتم من بأيديكم اليوم إنزال هؤلاء من كرسي الحكومة ومن مقاعد الجماعات والبرلمان، كي يرحلوا بعيدا عنا، لأن المغاربة ينتظرون بالفعل وجوها جديدة لن تظهر في المشهد السياسي المغربي إلا بأصواتكم، فمن فضلكم صححوا الوضع المختل وصوتوا بكثافة لقطع الطريق على الجمود والفشل السياسي لحزب ضيع على المغرب والمغاربة فرصة تاريخية عمرها عشر سنوات.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.