مغاربة حركة شام: قراءة موجزة في النشأة والمآل (3)

رمزية سوريا في النظرية السلفية الجهادية

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس18 نوفمبر 2020آخر تحديث : الأربعاء 18 نوفمبر 2020 - 8:29 صباحًا
مغاربة حركة شام: قراءة موجزة في النشأة والمآل (3)

أديب انور: جهادي مغربي سابق شارك في القتال ببلاد الشام ثم انسحب منه فيما بعد، يحكي عن ظروف وملابسات تجربته بسوريا والخروج منها، وبالخصوص عن “حركة شام الاسلام” بزعامة أحد الشخصيات البارزة في الإطار الجهادي العالمي “أبو أحمد المغربي”:

٣ ـ رمزية سوريا في النظرية السلفية الجهادية:
تحظى بلاد الشام وفي مقدمتها سوريا في اأدبيات السلفية الجهادية بمكانة مميزة من الناحية الدينية لعدة اعتبارات تناولتها جملة من الروايات والنصوص، فالأحاديث في تفضيل الجهاد فيها ومدح جيوشها والثناء عليهم واعتبارها ارض ملاحم بين الكفار والمؤمنين وكذلك مدح أهل الشام”اذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم !!”

مع صور المأساة التي كانت تنقلها قنوات إعلامية للقتل والتعذيب الذي يطال الشعب هناك وتوالي نداءات الاستغاثة جعلها تجذب الكثير من ذوي التوجهات ذات البعد الجهادي؛ في ظل الصراع السوري الحالي باتت سوريا بؤرة لمختلف الجماعات الجهادية التي تعاملت في مجملها مع تلك النصوص (احاديث الفضائل) بمنطق ينم عن سذاجة كبيرة بحيث تم تنزيلها على الثورة فتعلقت بنصوص عامة تتحدث عن فضل المكان وبركته، (تكفل الله بالشام وأهله.. صفوة الله من أرضه الشام…

حالة النزوع إلى إنزال أحاديث الملاحم المستقبلية على الأحداث الجارية، خاصة ما يجري في سوريا قديمة في التاريخ الإسلامي، فقد قرأنا أن حديث فتح القسطنطينية تعرض لتأويلات فاسدة من قبل كثير من القادة الذين حاولوا إنزاله عليهم، فكان كل واحد منهم يجمع بضعة آلاف أو مئات، ويهجمون عليها، وهي ذات التحصين القوي، فتباد تلك الجيوش المسلمة على أسوارها.

أذكر ذات مرة التقيت أحد الشباب التونسيين يذكر لي الأحاديث التي تخبر عن كون سوريا ستكون معقل الإسلام في آخر الزمان وأن تنظيم الدولة هو الذي ينطبق عليه ذلك وهو المعني بتلك النصوص، وأن الثورة هي تمهيد لتلك الأحداث التي يبرز فيها سلطان المسلمين..

طغى هذا المشهد على مجمل الجماعات الاسلامية…وقد يعزز هذا بعض المسميات التي أطلقتها بعض الجماعات كواجهة إعلامية لها “قناة المنارة البيضاء” لدى جبهة النصرة و مجلة “دابق” لدى تنظيم الدولة ولك لا المسميين لهم جذور تاريخية في التراث الملحمي الديني.

ورأى “أبو فرحة” أن الأمر ذاته يتكرر اليوم مع الجماعات الإسلامية في سوريا؛ بمحاولتها تأويل الأحاديث التي تتحدث عن الملاحم المستقبلية، ليكونوا هم أبطالها، مفسرا ذلك بأنه “يكمن في الرغبة بجذب أكبر قدر ممكن من العناصر، وتقوية إيمانها بقادتها وجماعاتها، وما ينتابهم من حب الذات، مبتعدين عن تقدير الواقع وظروفه تقديرا صحيحا، معولين على تفويض نتائج الأعمال إلى رب العالمين، مع تضييعهم لفرص توحيد صفوفهم حتى يكونوا قوة حقيقية مؤثرة على الأرض”، بحسب قراءته للمشهد بعد مرور خمس سنوات على اندلاع الثورة.

إن أهمية المسرح الأفغاني في الخيال الجماعي وفي تاريخ الجهاد الحديث يجعل من السهل الترويج لهذه المؤسسة بشكل خاص.

في هذا السياق المتشابك بين مطالب الثورة (عدالة اجتماعية، كرامة حرية مساواة) وأفق الرؤية الدينية (إقامة الشريعة وجهاد المرتدين) برزت حركة مسلحة مغاربية في منطقة ريف اللاذقية عرفت ب “حركة شام الاسلام” بزعامة أحد الشخصيات البارزة في الإطار الجهادي العالمي باعتباره صاحب تجربة جهادية خاضها في أفغانستان رفقة تنظيم القاعدة مرورا بعد ذلك بسجن غوانتنامو “بن شقرون” المكنى “أبو أحمد المغربي”.

في الفصول اللاحقة سنتوقف عند هذا الحدث باعتباره جزء من أرشيف الحركة الجهادية التي تضيف رصيدا معرفيا للباحث وللقارئ حول ديناميكية هذه الجماعة… (يتبع)

jihad syrie - دين بريس
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.