معهد محمد السادس لتكوين الأئِمّة: استجابة استراتيجية لتحدّيات الأمن في غرب افريقيا

دينبريس
2025-01-09T08:39:52+01:00
آراء ومواقف
دينبريس9 يناير 2025آخر تحديث : الخميس 9 يناير 2025 - 8:39 صباحًا
معهد محمد السادس لتكوين الأئِمّة: استجابة استراتيجية لتحدّيات الأمن في غرب افريقيا

عبد الرحمان كامل ـ باحث في الدراسات السياسية
تُعدُّ منطقة غرب افريقيا من أكثر المناطق التي تواجه تهديدات أمنية شديدة بسبب تنامي نشاطات الجماعات الإرهابية مثل: “بوكو حرام” و “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” و “داعش”، بالإضافة إلى النزاعات الداخلية التي تُعزّز هشاشة الدول في المنطقة.

وقد أدّى هذا الوضع الأمني المتدهور إلى تزايد الحاجة إلى مبادرات استراتيجية تعالج جذور التطرّف الديني وتُعزّز الأمن والاستقرار المجتمعي.

ومن الجهود البارزة، يأتي معهد محمد السادس لتكوين الأَئِمة المرشدين والمرشدات كأداة فعّالة تُعنَى بتكوين قادة دينيين يساهمون في نشر قيم التسامح والاعتدال، ويهدف المعهد إلى مواجهة الفكر المتطرّف الذي يُعدُّ عاملًا رئيسيًا في زعزعة الأمن والاستقرار في غرب افريقيا، من خلال تأهيل أئِمة يمتلكون الكفاءة العلمية والدينية لنقل رسالة الإسلام الوَسَطِي، ويتميّز برنامج التكوين المعتمد بالجمع بين العلوم الشرعية والمعارف الحديثة مع التركيز على القيم الإنسانية المشتركة، مثل: السلم والتعايش واحترام التنوُّع الثقافي والديني.

ويُشكل التركيز على تعزيز التعاون بين المغرب ودول غرب افريقيا من خلال تقديم مِنَح تدريبية للأئِمة المرشدين القادمين من بلدان مثل: مالي، السنغال، النيجر، كوت ديفوار، غينيا كوناكري، ونيجيريا؛ من بين النقاط البارزة في استراتيجية المعهد.

ويُعدُّ هذا التعاون خطوة استراتيجية عزّزت الروابط الثقافية والدينية بين المغرب وهذه الدول، حيث تمّ تصدير النموذج المغربي في تدبير الحقل الديني الذي يرتكز على قيم الوسطية والاعتدال، وبالإضافة إلى ذلك؛ يُسهم المعهد في بناء شبكات تعاون مع مؤسّسات دولية ومنظمات إقليمية تُعنى بمكافحة التطرّف الديني وتعزيز الأمن في غرب افريقيا، عبر تبادل الخبرات والممارسات الفُضلى في هذا الشّأن.

لقد بدأ تأثير معهد محمد السادس يظهر بوضوح في المجتمعات الأفريقية، من خلال تخريج أئِمة قادرين على قيادة الحوار الديني ومواجهة الأفكار المتطرّفة بأساليب تربوية وتعليمية بَنّاءة. كما ساعد المعهد في إعادة بناء الثقة بين المجتمعات المحلية بغرب افريقيا والقادة الدينيين، حيث أصبحت المساجد مراكز لنشر قيم التعايش والاحترام المتبادل، بدلًا من كونها سابقًا ساحات لترويج الخطابات الدينية المتطرّفة.

وقد ساهم المعهد أيضًا من خلال برامجه الموجهة في تمكين المرأة، من خلال تكوين المرشدات الدينيات، وهو ما يُعزّز دورهُنَّ في مجتمعات أكثر توازنًا ووعيًا، ويُعتبر إشراك النساء في الخطاب الديني خطوة محورية تساهم في تحصين الأسرة من الفكر المتطرّف، خاصة وأنّ العديد من دول غرب افريقيا تُعاني من النزاعات والإنقسامات.

وفي الختام، يُمثل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات نموذجًا رائدًا على المستويين الإقليمي والدولي في التصدّي للتطرّف الديني، حيث يُساهم في تعزيز الأمن والاستقرار ليس فقط في المغرب، بل في منطقة غرب افريقيا بأكملها.

ويُقدم المعهد مساهمة فعّالة في مكافحة التطرّف وبناء مجتمعات آمنة ومستقرة، من خلال رؤيته الاستراتيجية القائمة على نشر قيم الاعتدال والتسامح. ومع استمرار التحدّيات وتغيُّرها في المنطقة، تبقى الحاجة إلى تطوير هذا النموذج والتوسُّع فيه ضرورة مُلِحّة لمراكمة وتحقيق المزيد من الإنجازات المستقبلية في مجال الأمن ومواجهة الإرهاب.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.