أحمد جاويد – کابل / أفغانستان
أذاع التلفزيون الوطني لأفغانستان أخيرا خبر مقتل السيدة ” مرسل نبي زاده ” إحدى النائبات عن سکان کابل في البرلمان الجمهوري السابق. وقد صرح ” خليل زدران ” قائد قوات الأمن في العاصمة کابل أن عملية اغتيال السيدة مرسل و حارسها و إصابة أخيها کانت تمت بمداهمة مسلحين مجهولين مقر سکنها في منطقة ” أحمد شاه بابا ” التابعة للبلدية 12، ثم اطلاقهم النار علی المتواجدين فيه.
وصرح خليل زدران أن التحقيقات بشأن ملابسات الهجوم جارية و أن أجهزة الأمن تسعى جاهدة لإلقاء القبض على الجناة ثم إحالتهم إلى القانون للقاء جزاءهم.
وتعتبر قرية “رودات” الواقعة بولاية ننجرهار مسقط رأس العضو البرلماني مرسل، إلا أنها استقرت في العاصمة بعد انتخابها ممارسة الحياة السياسية ثم رشحت نفسها للانتخابات البرلمانية في عهد الرئيس حامد کرزي، ففازت بالعضوية بعد شرائها بالدولارات إذ کانت تلک هي الرسوم المتعارف عليها آنذاک فالذي يدفع أکثر هو صاحب الحظ، والذي لا يدفع سيکون من المهملين و لو کان أهلاً للمسٶولية.
وکان المبدأ الرائج آنذاک أن الکراسي عموما، البرلمانية وغير البرلمانية، تشترى بالعملة الصعبة، لذا کانت الخدمات المقدمة للشعب صعبة للغاية. فمثلا سئل أحد الموظفين في وزارة المهاجرين في النظام الجمهوري السابق عن أخذه الرشوة فأجاب أنه نفسه دفع الدولارات لأجل الحصول على منصبه هذا. ويلزمه استرجاع تلک الدولارات فکانت هذه وظيفته ومهمته. فکانت المساعدات الإنسانية، حق الفقراء و المساکين، لا تصل أصحابها إلا بعد الصبر الجميل والتعاهد على صفقة الحصة المالية مقابل الخدمة بينهم و بين المسٶول الوزاري .
وتقدم ضمانات مالية إلى الصرافين تحت سرية تامة. و کان من يعترض من الفقراء الذين لم يکن لهم خيار ثالث، يواجَهون بعدم إدراج أسمائهم ضمن المستحقين و يقال لهم اذهبوا فاشتکونا إن شئتم لرئيس الجمهورية لعلمهم بحال الرئيس نفسه، بل أحيانا يسبون الرئيس نفسه . فکانت تلک إدارة تلک الجمهورية و أنظمتها البرلمانية و الوزارية علی سواء . لذا تجد معظم الوکلاء في البرلمان الجمهوري کانوا من القيادات الجهادية السابقة المنحرفة لهيمنتها و قوتها ، أو من ذوي المال إذ أنفقوه في سبيل تدمير بلدهم.
وکان للمحتل دور واضح في انتخاب الأعضاء. فکان البرلمان يفقد حتی أبسط السلوکيات التي يجب أن تتحلی بها القيادة. ونستطيع أن نقول ان البرلمان في العهد الجمهوري کان عبئا علی الشعب ولم يکن في المستوی المطلوب لفقدانه الأخلاقيات و الهدف و الجدية والإحساس بالدور الهام الملقی علی عاتقه فبدل أن يخرج البلد مما هو فيه، ساهمت في إغراقه في أزمات لا زال الشعب يعاني و يعاني من منها.
وإضافة إلى منصبها البرلماني شغلت مرسل نبي منصب کاتبة هيئة الدفاع. وبعد سقوط الجمهورية فضلت العيش في بلدها بدل الفرار منه لتوفير الأمن لنفسها کما فعلت ذلک قريناتها. وبقيت على اتصال مع بعض قنوات البث التلفزيوني إذ کانت بين الحين الآخر تشارک في بعض البرامج و المباحثات السياسية.
وللذکر، فطالبان من حيث انها دولة استخباراتية، کانت قد قامت فعلا بعمليات مداهمة قوية و مرکزة، کان الهدف منها تصفية أخطر جهاز في البلدان. ذاک هو جهاز القوات الخاصة ” صفرـصفرـ يک ” الذي کان تحت تصرف و إشراف الولايات المتحدة ، و کانت أشد بأسا على طالبان. فقد تم اعتقال الکثير منهم و أخضعتهم لمساءلات مکثفة للحصول على معلومات مرتبطة بالجهاز و تنظيمه و معرفة أفراده في الداخل و الخارج، و الأسلحة المفقودة المتاجر بها. و هٶلاء واجهوا المعاملة بالمثل، ثم تم الإفراج عنهم بعد استکمال مدة التحقيق مقابل تعهدات قدموها لطالبان . في حين أن طالبان کانت أحسنت إلى أسرى الجيش بعد محاصرتهم و استسلامهم، و منحتهم مساعدات مالية و سمحت لهم باللحوق إلى أهاليهم فلم تتعرض لإهانتهم، ضمن العفو العام الذي شمل الجميع بما فيهم الرئيس حامد کرزي و غيره من القيادات.
ويبقى مصرع مرسل العضو البرلماني مسألة يسيطر عليها الغموض کمِثل سالفها من الإعتداءات ، ولم تعلن أية جهة مسٶوليتها عن الحادث. إلا أن عمليات الإغتيال المستهدف قد زادت في الآونة الأخيرة في مختلف أنحاء البلد . والبعض ،مثل السيدة ” شينکٙي کارو خيل ” ، العضو السابق في المجلس الشوري کابل، يتهم طالبان بالتقصير تجاه مسٶوليتها في التصدي الجدي لمثل هذه العمليات و التي تستهدف بعض الذين شغلوا مناصب في النظام السابق و اعتبرت ذلک يزيد في عدم الاستقرار الأمني .
والحقيقة أن طالبان وضعت عدة نقاط للتفتيش لصد الإخلال بالأمن، أو إلحاق أضرار بالمواطنين إلا أنها قد يصعب عليها التحکم في الحملات الناتجة عن العداوات الشخصية أو تصفية حسابات قديمة أو حملات داعش التي تستهدف طالبان نفسها. فالبرغم من تعقبها خلايا هذا التنظيم في کل مکان إلا أنها تواجَه بردود موجعة يصعب معها علـــى طالبان مواصلة الطريق في وسط الظروف و الأزمات الراهنة.
وبغض النظر عن هوية المهاجمين و المستفيدين إلا أن هذه الواقعة و غيرها يعتبرها البعض من المهتمين دخول مرحلة جديدة تستهدف ذوي المستويات القوية في النظام الجمهوري السابق کما يعتبرها البعض الآخر رسالة موجهة للنساء اللواتي تسعَين لشغل منصب في الموٴسسات الخارجية.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=19466